تكرر في الاونة الأخيرة الحديث عن تراجع هيبة الدولة لدى المواطن الأردني بينما يشير الواقع الى نقيض ذلك ، أي تعزيز وترسيخ هيبة الدولة التي ترتبط هيبتها بهيبة وكرامة المواطن ذاته. فإن استخدام وصف تراجع هيبة الدولة هو مغالطة مضللة بينما نشهد في الواقع نشوء فصل وتمييز في وعي المواطن بين الدولة والوطن من جانب وبين النظام السياسي من جانب اخر . وتجدر الإشارة في سياق هذا التمييز الى تراجع هيبة النظام السياسي في مقابل تعزيز وترسيخ هيبة الوطن والدولة.
فبينما شهد العقدين الماضيين عملية نهب ممنهج لأصول الوطن من قبل مجموعة من الفاسدين وهو الأمر الذي يشكل إنعكاسا لتراجع هيبة الدولة والمواطن لدى هؤلاء الفاسدين ، فقد شهدت الفترة الماضية تعزيزا لهيبة الدولة والوطن والمواطن لدى القائمين على النظام السياسي.
وتجدر الإشارة في هذا السياق الى البيان الذي أصدره الديوان الملكي حول الأراضي التي تم تسجيلها بإسم الملك في الفترة ما بين 2001 و 2003 ، في عهد حكومة أبو الراغب وكان من أجمل ما قرأت أبيات كتبها أحد الأصدقاء حول عملية التسجيل يقول فيها :
قد باع ارضي تزلفا من ليس يملكها
وقد اشترها بلا ثمن من ظن يملكني

هي بيننا الايام فاصبر يا عدو غدي
أزف الرحيل لكم ليعود لي وطني

هذا الوعي الجديد الناشئ ظاهرة إيجابية ، كما ينعكس في التمييز بين النظام السياسي والوطن . بينما قد يكون غياب ذلك التمييز أمر خطير ،إذ قد يدفع المواطن الى أن يكره الوطن بسبب كرهه للأخطاء التي يرتكبها النظام السياسي ، والقائمون عليه . أحد الأصدقاء الذي يعمل في إحدى الدول المجاورة قال لي يوما بأنه عندما يدخل الاردن يقول " أعوذ بالله من الخبث والخبائث" وعندما يغادر البلاد يقول " الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " ، كما يقدم ذلك الشخص قدمه اليمنى عندما يمشي أولى خطواته خارج البلاد ويتعمد إستخدام قدمه اليسرى في خطوته الأولى عندما يكون في البلاد. موقف ذلك الشخص يعكس إسقاطه لخيبته من النظام السياسي على نظرته الى البلاد بما يعكس خطورة غياب ذلك التمييز المشار اليه .
وفي الختام نشير إلى أن عمليات الخصخصة وبيع الأراضي كانت ذروة ظاهرة تراجع و سقوط هيبة الدولة والمواطن ، وتشكل المطالبات بإستعادتها تعزيزا وإستعادة لهيبة الوطن والمواطن .