الباحثون عن الدم !!


لست بصدد الدفاع عن الإخوان المسلمين في هذه العجالة، لإيماني بحرية الآراء مهما كانت، فلا يصح مثلا مطالبتي بإطلاق الحريات للجميع، في حين امنعها عن الإخوان.

من دوار الداخلية مرورا بالطفيلة والزرقاء وساكب وخرجا وسلحوب وصولا إلى المفرق، تدلل الأحداث السابقة على أن البلد تسير وفق منحى تصاعدي أكثر عنفا، وأكثر اتساعا، وأكثر خوفا، من القادم .

أساس هذه الاضطرابات أفكار متصلة بنيت أول الأمر على الابتعاد عن توفير شروط الثقة والنية، ما بين الحكومة من جهة، والتيارات الإصلاحية من جهة أخرى، وفي مقدمة ركبها الإخوان المسلمين.

ففي كل مره ترتفع بها أمواج الاضطراب، يقف المتابعين لها على الشط الانتظار، لا للبحث عن الأسباب والمسببات لإنتاج الحلول، بل لبناء منصات لإطلاق الاتهامات وفق سياسات ردود الفعل المتسرعة، التي اثبت بالوجه الشرعي مقدرتها على ضرب عصب الدولة داخليا و خارجيا .

هذا الأمر يشترك فيه الجميع، بشكل سلبي، فالحكومة بأفعالها وتهربها وردات أفعالها وعدم التنسيق فيما بين اذرعها وتشتتها، حالها كحال التنظيمات المطالبة بالإصلاح ومن ضمنهم الإخوان المسلمين، فكلاهما يبحثان عن الدم، وكأنهم في سباق محموم لاكتساب الشرعية وفرض السيطرة على الرأي العام، المصاب بالأصل بفوبيا الخوف والترقب .

ولتطبيق هذه الفكرة، تم اللجوء إلى إدخال العشائر الأردنية، ووضعها في عين العاصفة، الأمر الذي أدى إلى انقسامها ما بين مؤيد ومعارض، بشكل أدراماتيكي خطر جدا، لا يمكن التنبؤ بنتائجه.

في عين السياق، أليس من السخرية أن تقوم قائمة الحكومة وبعض التيارات الإصلاحية بتوجيه أصابع الاتهام للإخوان المسلمين بعيد كل مشكل، وكان مشاكل الأردن من فساد وإفساد وسيطرة بعض العوائل على مقاليد الأمور، قد تلاشت، لتنحصر المشكل في الإخوان باعتبارهم معاونو الشيطان، وأصحاب الفضل الأكبر في ارتفاع منسوب وسقف الفساد الذي طال الجميع. مع أن الإخوان معترف بهم حكوميا وقانونيا وشعبيا سواء اتفقنا معهم.

بصراحة نعم، يوجد غيره ظاهرة في قلوب بعض التيارات الإصلاحية على الإخوان المسلمين، فقط لأنهم أكثر تنظيما، وقوة من باقي التيارات الإصلاحية التي باتت تمثل ظواهر صوتية لا تستمع لبعضها البعض وتطالب الباقين بسماعها، جراء إصابتها بداء التشتت، والقائمة على عبادة الفرد الواحد الأمر والناهي وصاحب التجربة التاريخية الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تيارات رافضة إلى الان التوحد - مع شديد الأسف - في اطر تنظيمي واحد.

أليس من الأنجع منح الإخوان الفرصة الكافية للمسير صوب تطبيق أكثر ديمقراطية يكون الصندوق الاقتراع بمثابة الحد الفاصل لتحديدهم وتحديد قوتهم، السنا بلد ديمقراطي أم أننا نعيش في أتون كذبة كبرى ؟

لقد بات من الضروري بمكان، تهدئة الأجواء، وإسكات مدافع الاتهامات المتبادلة بين كافة الفرقاء، والعمل على تأكيد المطالب المشتركة بين الإطراف كافة، ومن ضمنهم الإخوان، انطلاقا من المصلحة العليا للوطن.

لابد من إسقاط الأساليب البحث عن الدم، والتحشيد المضاد والاتهامات المتبادلة، فالذي يزرع اليوم سوف يحصد في الغد. والذي يحصل اليوم، لن يكون في صالح أي طرف، فالجميع سيدفع الثمن .

في الحقيقة مازال السؤال مطروحا حول ماذا بعد .. لنفكر قليلا بعيدا عن العاطفة التي ستقتلنا جميعا، هذا إن بقى بالأصل مكانا للعقل.

Khaledayasrh.2000@yahoo.com



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم
1.(فلا يصح مثلا مطالبتي بإطلاق الحريات للجميع، في حين امنعها عن الإخوان. )
جميل
2.(لنفكر قليلا بعيدا عن العاطفة التي ستقتلنا جميعا، هذا إن بقى بالأصل مكانا للعقل).
مره اخرى ابدعت
لاول مره اقرأ لانسان مختلف
كل التقدير



05-01-2012 02:45 PM
أبوموسى عقل
أختلف معك أيها الكاتب الرائع في نقطة واحدة وهو أن لا أحد يبحث عن الدم ثق تماما بذالك التغيير السلمي والجذري قادم والملوك يختلفون كليا مع من تعرفهم من الرئساء العرب في هذه النقطة أطمئن والأخوان المسلمين عريقيين في السياسة وفي نفس الوقت عقلانيين وأقول لخصومهم خصم سياسي عاقل أفضل ألف مرة من حليف جاهل وشكرا
05-01-2012 05:23 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات