انتصار سوريا .. انتصار للاردن


اثبت تعاقب الاحداث في منطقتنا العربية ، بما لا يدع مجالا للشك ، ان ما سمي بالربيع العربي ، لم يكن الا ربيعا امريكيا صهيونيا ، ربما جرى التمويه عليه بالبداية في تونس ومصر ، كي يبدو ربيعا عربيا مزهرا ، لكنه انكشف على حقيقته ، بعد ما جرى لاحقا في ليبيا ، من تدخل حلف الناتو ، وقصف وحشي تدميري ، افضى الى قتل عشرات الالوف من ابناء الشعب الليبي ، وتدمير مقدراته الاقتصادية ، لتصبح ليبيا بعد ذلك ، لقمة سائغة للشركات الاستعمارية ، تتقاسم نهب ثروته ، تحت شعار اعادة الاعمار .
لقد جاءت المؤامرة ضد سوريا ، لتسقط اخر اوراق التوت عن عورة المتآمرين ، ومن يقف ورائهم من دول الغرب الاستعماري ، عندما بدأ الحراك الشعبي سلميا في منتصف آذار الماضي ، وظهر بمظهر من يمثل كل الشعب ، وكان مطلبه الرئيسي هو الاصلاح ، لكنه سرعان ما تحول مطلبه الى اسقاط النظام ، ولجأ الى العنف المسلح ، وسعى الى تقسيم الجيش ، واختلاق ازمة لاجئين على حدود بعض دول الجوار ، واستجداء التدخل الخارجي المسلح ، واقامة مناطق حدودية عازلة ، كي تكون مركز انطلاق لهذا التدخل ، كل ذلك تم رغم التجاوب الكبير من القيادة السورية لمطلب الاصلاح ، والشروع بخطوات عملية فعالة على هذا الطريق ، ليتأكد الجميع ، بمن فيهم المعارضون التقليديون لنظام الحكم ، ان ما يجري داخل سوريا ليس حراكا شعبيا سلميا ، بل هو مؤامرة دولية تنفذها امريكا وفرنسا وتركيا ، ودول عربية خليجية ، وبيادقها ، بل بيادق البيادق ، هم الاخوان المسلمون في سوريا ، الذين حشدوا معهم الفارين من الخدمة العسكرية والسجون ، ومهربي المخدرات ، وقطاع الطرق والزعران .
لقد كشف هولاء ، الذين ادعوا انهم ثوار ، كشفوا انفسهم سريعا ، من خلال هتافاتهم الطائفية ، ليتاكد الجميع ، انهم دعاة تدمير سوريا ، بسعيهم لتمزيقها الى كانتونات طائفية ، خدمة لدول الغرب الاستعماري ، وربيبتها اسرائيل ، كي تسود في المنطقة ككيان يهودي متحضر ، محاط بكانتونات عربية طائفية متناحرة ومتخلفة ، وكشفوا انفسهم من خلال المجازر وجرائم القتل الطائفي ضد الابرياء ، تماما كما فعلوا في النصف الثاني من السبعينات ، وكشفوا عمالتهم لامريكا والغرب ، من خلال مطالباتهم المستمرة بالتدخل العسكري الغربي ، لتدمير بلدهم كما حصل في ليبيا ، ففضحتهم سيدتهم السحاقية هيلاري كلنتون ، عندما طالبت الارهابيين المسلحين ، بعدم تسليم اسلحتهم للسلطات ، تلبية للعفو الرئاسي عنهم ، وهي التي تملي اوامرها على الاخوان المسلمين ، وتأكد بذلك لا سلمية تحركهم الذي ادعوه ، وروجت له فضائية الجزيرة والعربية والبي بي سي وفرانس 24 ، التي كشفت حقيقة ارتباطاتهم المشبوهة ، ليكتشف العالم انهم ليسوا ثورا ، بل قتلة مأجورين ، يسعون لتدمير بلدهم ، في نفس الوقت ، الذي اكد فيه زعماء هذه العصابات ، عن مواقفهم المعادية للمقاومة اللبنانية والفلسطينية ، وعن نيتهم التصالح مع اسرائيل ، واقامة العلاقات الدبلوماسية معها ، بعد تحرير الجولان "سلميا" .
لقد ادركنا منذ البداية ، ان المؤامرة ضد سوريا ، سوف تمتد لتشمل الاردن لاحقا ، وها هم الاخوان المسلمون في الاردن ، قد امتشقوا سلاح الحرب على سوريا ، وعلى نظام حكمها الوطني القومي التقدمي ، وكشفوا عن زيف عدائهم السابق لامريكا والغرب وربيبتهم اسرائيل ، وها هم يتصدون لحراك الاصلاح في الشارع الاردني ، بافتعال مسيرات ضد سوريا ، وافتعال معارك مع الشعب الاردني ، ومع العشائر الاردنية المناضلة ، التي ما كان ابنائها طيلة تاريخهم ، الا ثوارا لتحرير الوطن ، وبناة له ، ومدافعين عن مصالحه ، وما كانوا يوما الا الوطنيين حتى النخاع ، والقوميين حتى العظم ، وهم من قدم قوافل الشهداء الابرار فداءا له ، فافتعلوا معركة مع عشائر بني حسن المناضلة في المفرق ، حين اصروا عل تحدي الشعب العظيم هناك ، وحاولوا اقامة فعالية استفزازية رغم معارضتهم لها ، لم يكن هدفها الاصلاح ، بل استفزاز سوريا قرب حدودها ،
فكان الرد الرادع من ابناء عشائر بني حسن الاشاوس ، ليكبح جماح تطاولهم على ابناء العشائر الاردنية ، وكانت بعد ذلك مسيرة الجمعة الماضية من امام الجامع الحسيني ، التي التي استفزوا فيها الشعب الاردني كله ، من خلال مظاهر عسكرية ، توحي بنواياهم لللجوء الى خيار العنف ، تماما كما فعل اتباعهم في سوريا ، بحجة ان شباب الحركة الاسلامية ، لن يظلوا تحت سيطرة قيادتهم ، ان بقيت الاوضاع على ما هي عليه ، وهي حجة نرد عليها بالعبارة الشعبية " قديمة ... العبوا غيرها " ، ثم كان تطاولهم على الديوان الملكي ، رمز الاردن الكبير ، وعلى المخابرات الاردنية ، اهم جهاز امني اردني ، يقر كل الاردنيين بفضله عليهم جميعا ، فهو الذي سهر افراده ، وقدموا التضحيات ، لنعيش جميعا نعمة الامن والامان .
اما اليوم فهم يسعون لتكرار استفزاز اهالي المفرق ، لكن هذه المرة في كرك المجد والتاريخ ، الكرك التي كانت على الدوام ، قلعة وطنية قومية ويسارية ، ومدرسة النضال الوطني الاردني ، كرك الشهداء ، كرك ابراهيم الضمور وقدر المجالي وساهر المعايطة وغيرهم ، الكرك التي ما هانت ولا رضخت لمستعمر او عميل ، هذه الكرك الابية ، الذين وقف ابناء حراكها الشعبي قبل اسابيع ، امام سفارة الجمهورية العربية السورية في عمان ، من شتى انتماءاتهم القومية واليسارية ، متسامين فوق الخلافات العقائدية ، ليعلنوا دعمهم لسوريا ضد المؤامرة الدولية ، التي تستهدف سوريا الدولة ، وليس فقط سوريا النظام ، بعد ان ادركوا ابعادها بحسهم الوطني والقومي العريق ، ياتي الاخوان المسلمون اليوم ، ليمارسوا التحدي مرة اخرى ، وليعلنوا عن مسيرة تضامن مع عملاء الناتو في سوريا ، لكنها الكرك يا حلفاء امريكا ، التي لن تتبدل ولن تتغير ، سيظل قلبها ينبض بعشق العروبة ، مهما افتعلتم من اعتصمات ومسيرات ، وجلبتهم لها من باقي المحافظات ، ستظل الكرك عصية على اعداء طموحنا الوطني والقومي ، وستظل قلعة الوفاء للعروبة ، فبورك الوفاء يا كرك .
منذ سنوات ، وبعض قادة الاخوان المسلمين في الاردن ، يتحدثون عن ملكية دستورية ، ولعل اشهر اعلان عن هذه الرغبة ، ما طرحه الدكتور ارحيل غرايبة قبل حوالي ثلاثة اعوام ، وقبل ان يبدأ الربيع "الامريكي " ، عندما طالب في "عقر دار" الولايات المتحدة الامريكية ، بالملكية الدستورية في الاردن ، ونحن نعلم ان امريكا تمارس التخطيط بعيد المدى دوما ، وهذا يدعونا الى القول ، ان ما يجري في منطقتنا مخطط له منذ امد طويل ، وان دور الاردن سياتي بعد نجاح المؤامرة على سوريا ، فاللبيب من الاشارة يفهم ، وما يقوم به الاخوان المسلمون اليوم ، دليل على نوايا الغد ، ولاجل هذا ندعو الله بالنصر لسوريا ، وبالهزيمة لاعدائها ، اعداء الاردن واعداء العروبة .

مالك نصراوين
m_nasrawin@yahoo.com
4/1/2012



تعليقات القراء

معاني و دمي حامي
انا معك بعنوان المقال لكن بمحتواه انا اخالفك الرأي افضل شيء حصل للشعوب العربية منذ 100 عام هو الربيع العربي
04-01-2012 03:49 PM
خلف
لا تربط النظام الدموي في سوريا بالاردن وتكرر اسطوانات حسني مبارك وابن علي والقذافي وعلي صالح انت مثلهم تكرر اسطوانة الصهاينة في التخويف من الاصلاح
04-01-2012 11:21 PM
ابو الحاج
العرس في البوتاس والطخ في الاسمنت،،،خليك في مكافأة نهاية الخدمة في البوتاس واكتب تذمرك،،وسيبك من السياسة،،
05-01-2012 08:21 AM
كنت اقراء جميع مقالاتك لكن
يا للاسف لانحرافك 180 درحة عن نهجك السابق
05-01-2012 10:21 AM
توفيق الدهلوي
يا أستاذ نصراوين :
أولاً : تدخل ال NATO في ليبيا لم يسفر عن قتل عشرات الآلاف كما تدعي واذا كان هنالك مسؤول عن القتل فهو القذافي وأولاده وحبوب الفياجرا التي كان يزود بها المرتزقه .
ثانياً:
لم يتم تدمير المقدرات الاقتصاديه للشعب الليبي الا بحدود ما دمرته كتائب القذافي وكان هم الNATO في غارته المحافظه على ثروة ليبيا النفطيه من ما كان ينوي القذافي فعله كما حاول صدام حسين من قبله تدمير منشآت العراق النفطيه .
ثالثاً : أستغرب منك استعمال نفس مفردات النظام السوري الاعلاميه المستهلكه المثيره للسخريه . كفى بك عاراً ان تدافع عن نظام طائفي بغيض , هل تجهل ما يقوم به آل مخلوف وشاليش .... عيب
05-01-2012 11:55 AM
ابن الطفيلة
يا نصراوين لم يعد هنالك إلا القليلون جدا من الرفاق الذين يشترون أكاذيب الإعلام السوري ويبدو أنك منهم وهم ـ أي اعلاميوا النظام السوري ورموزه ـ مازالوا يرددون ما تردد أو ربما أنت تردد ما يرددون قبل فترة قال كلامك هذا السفير السوري عندما قال إذا سقطنا نحن سقطتم أنتم فردت عليه مجموعة من الشخصيات الأردنية الموجودة منهم عبد الرؤوف الروابدة وخليل عطية وعبدالرحيم عكور قالوا له لا ستسقطون وحدكم أيها السفير. حتى يسلم لك عنوان مقالك لابد أن نقول أن إنتصار سوريا انتصار للأردن حينما نقصد بسوريا الشعب وليس النظام على أي حال من الخير أن الظرف قد كشف حقيقة ولائكم حتى كفرتم بالثورات العربية والربيع العربي من أجل عيون الرفيق حتى لو كان ديكتاتورا قاتلا فاسدا والطريف في الأمر أن تتهموا المحتجين من الشعب السوري بالطائفيين وكأنكم تنشرون هذه الترهات في عالم آخر لايعلم من طائفية صاحبكم ما لا يجهله في منطقتنا كلها أحد وفي سبيل انتصارك للرفيق تقولت على الكرك وأهلها أنها مع القاتل وليس معه في الكرك إلا حفنة من الرفاق الذين يحسبون أنهم المركز الذي تدور الكرك حوله ولا أحد يشاركهم هذا الوهم وفي سبيل غايتك رحت تنشر الفتنة وتتظاهر بالحرص على النظام وكأنك لم تسمع بتصريح رأس النظام وهو ينصح بشاركم بالتنحي أم ترى أنك تعرف من مصلحة النظام مالا يعرف رأسه وتحرص عليه أكثر مما يحرص؟! وكانت ثالثة الأثافي فزعتك المفتعلة لبني حسن وهم من أفكارك براء كيف عرفت أنهم مع بشار ؟! آمل يا جراسا أن تنشروا كما عودتمونا
06-01-2012 12:55 AM
كسراوين
خسئت يا كسراين ورب الكعبة
06-01-2012 01:00 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات