الديموقراطية الأمريكية أم النفاق الأمريكي


لطالما تغنى أبناء هذه الأمة المفككة بالديموقراطية الأمريكية لا بل و نادى كثير منهم بتطبيقها بحذافيرها لدينا بناء على ما سمعوا أو ما شاهدوا من مفاتن لهذه الديموقراطية المزعومة ، قد نكون جميعا شاهدنا مظاهر لهذه الديموقراطية و لكن هناك في أمريكا و ليس لدينا نحن العرب و المسلمين فماذا ستجني للقوة العظمى المهيمنة على العالم بأسره حاليا من تطبيق الديموقراطية في أوطاننا ، فما هي إلا مطامعها و مصالحها التي تحركها لا حقوق الإنسان التي تتغنى بها ليل نهار لإيهام المغفلين بحرية وهمية .
لو ألقينا نظرة على الديموقراطية الأمريكية المزعومة نجد أن هذه الديموقراطية ظلت مستعبدة للسود في أمريكا نفسها من خلال سن قوانين عنصرية تضطهد السود و تصادر حقوقهم حتى ثار هؤلاء على هذه الأنظمة العنصرية بقيادة مارتن لوثر كنغ و مالكوم اكس قائل عبارة ( نحن لم نشاهد حلما أمريكيا لا بل عشنا كابوسا أمريكيا فالديموقراطية الأمريكية لا تعدوى كونها نفاقا ) فهؤلاء السود كان لا يسمح لهم بالجلوس في الحافلات بينما البيض واقفون و استمرت معاناتهم طويلا و لا تزال و لو جزئيا من خلال نظرة المجتمع الأمريكي ( الديموقراطي ) لهم ، كما أن هذه الديموقراطية كانت تعد أكبر داعم للأنظمة الدكتاتورية في أمريكا اللاتينية حتى تستطيع من خلال هذه الأنظمة الخائنة لأوطانها نهب مقدرات تلك البلاد لإنعاش الاقتصاد الأمريكي ، و حتى عندما اختارت الشعوب التخلص من هذه الأنظمة الدكتاتورية و استبدالها بأنظمة ديموقراطية حقيقية كانت أمريكا تحارب بشراسة لإبقاء هذه الأنظمة كما حصل في غواتيمالا حين أطاحت وكالة الاستخبارات الأمريكية بالرئيس الشرعي خاكوبو اربينيز بالتعاون مع بعض الخونة و المرتزقة و قامت بتثبيت الدكتاتور كارلوس آرماس متحدية إرادة هذا الشعب و مصادرة لها .
قد يكون ما حدث في تلك البقاع البعيدة عنا لا يعنينا كثيرا و لكنه ليس إلا بوادر و إشارات لهذه الديموقراطية العفنة و نحن بالفعل لم ننتظر طويلا لنشاهد الدليل بأم أعيننا من خلال غزو العراق لتخليص دول المنطقة من شرور نظامه الدكتاتوري المتسلح بالأسلحة النووية التي تهدد دول الجوار كما زعمت أمريكا ، إضافة إلى تخليص الشعب العراقي من نظامه الدكتاتوري الذي يقوده صدام حسين و لإيصال الديموقراطية على الطريقة الأمريكية لهذا الشعب فكان الغزو الذي دمر وطنا و شرد شعبه بحجة جلب الديموقراطية و ذبح رئيسه يوم عيد الأضحى ، قبل أن تنهب خيرات هذا البلد و ينكل بكل من يقاوم هذا الاحتلال الغاشم و كل هذا في ظل مسرحيات هزلية للديموقراطية المزعومة من خلال انتخابات تقام على أساس طائفي يهدف إلى إشعال حرب أهلية بين العراقيين ، كل هذا خدمة للمصالح الأمريكية لا حقوق الشعوب في الحرية و الديموقراطية الحقيقية فهل الأمهات العراقيات الثكالى بأبناهن يكترثن لهذه الترهات ، و يغادر المحتل الأرض فهل ستعود كما كانت بسهولة أم هل أصبح الشعب العراقي يتمتع بديموقراطية حقيقية أم أن المحتل قد ترك أعوانه من المرتزقة يعيثون في الأرض فسادا و قد تنقض أمريكا في أي يوم على أي محاولة لإنشاء أي ديموقراطية حقيقية هناك لأن هذه يهدد مصالحها الاستراتيجية .
هي نفس الديموقراطية التي تحاول تصوير نفسها الداعم الأول للثورات العربية و كأنها ستستفيد من قيام الديموقراطيات الحقيقية في الوطن العربي أكثر من عمالها ( الزعماء العرب ) الحاليين الذين لطالما بذلوا الغالي و الثمين و الشعب حتى لإرضاء الجشع الأمريكي فهل هم حقا داعمون لهذه الثورات أم أنهم يريدون نيل أكبر قدر من المغانم و المكاسب من هذه الثورات فهم بالتأكيد لا يريدون أن يخرجوا من المولد بلا حمص ، فعلينا أن نكون أكثر حذرا و حيطة في التعامل مع هذا الجشع و لا نجعله يدنس طهر الثورات التي تقوم بها الشعوب و على هذه الشعوب أن لا تنتظر من أمريكا أن تثور نيابة عنها مهما بذلت من تضحيات في سبيل إنجاح الثورة دونما اللجوء إلى الديموقراطية الأمريكية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات