وثائق وكليكس “جاسوس واحد خير من ألف قمر صناعي”


تعتبر أمريكا أم الإعلام في العالم , لأنها تنفق عليه مئات المليارات كل عام , حتى وصل الأمر في الإعلام لديها إجادته وكفاءته وقدرته على فبركة كل شيء يخدم مصالحها ومصالح اسرئيل , وما حيازة موقع وكليكس على هذا الكم الهائل من الوثائق السرية ما هو إلا فبركة إعلامية , رغبت بها أمريكا في هذا الوقت خدمة لمصالحها المتهالكة في العالم , ووسط ترحيب شديد من اللوبي اليهودي الذي يدير ويسيطر على ماكينة الإعلام الأمريكية .
فإذا كانت أمريكا قد أوهمت العالم بأنها تحاول وقف نشر المزيد من الوثائق المسربة لخوفها من الإضرار التي قد تلحق علاقاتها مع دول العالم , فإن ذلك مدعاة للضحك على الذقون, حتى تعدى الأمر ذلك إلى قيام المخابرات الأمريكية تشكيل قوة خاصة لمقاومة نشر ما تبقى من وثائق حصل عليها موقع وكليكس, أطلقت عليها اسم (قوة ويكليكس الخاصة ).
فأمريكا من وجهة نظري هي من روجت لنشر الوثائق والبرقيات السرية وإسرائيل أول من رحبت, فالسياسي الماهر الذي يعمل لصالح شعبه: هو الذي يستطيع أن يصنع من الفوضى الخلاقة أمر جيد يعود بالنفع عليه وعلى شعبه ووطنه , وهو الذي يبني من الفشل نصرا يجني له الفوائد داخليا وخارجيا ,وحسبي أن أمريكا ماهرة بهذا النوع من السياسة.
فلو كانت إسرائيل متضررة من نشر الوثائق كما يرى البعض منا, لأعلنت على الفور حربها ضد كل وسائل الإعلام في العالم, بواسطة اذرعها المتغلغلة والممتدة في كل ركن من زوايا دول العالم, ولكنها على العكس هي المستفيدة الكبرى من نشر هذه الوثائق , التي إن آلمتها في جهة ما , فإنها تحقق المنفعة الكبرى والشفاء في الجهات الأخرى , لكي تنطلق بعدها كالرهوان لدس السم في الخاصرة العربية , ذلك السم الذي سيعود عليها بدواء يشفيها من كثير من أوجاعها.
فالمتمعن في غالبية الوثائق المنشورة إلى الآن يجد بأن اليد اليهودية حاضرة فيها بكل قوة , وهنا يكمن الخطر على العرب ويحقق الفائدة لإسرائيل , فهي المستفيدة من نشر هذه الوثائق التي حققت لها مكاسب كبيرة على الصعيدين السياسي والعسكري , باعتمادها على سياسة زراعة الرعب والشك في صدور العرب بإيهامهم بأن من يديرون سياساتها في الخارج هي الأذرع العربية والدولية, وهي طريقة ليست جديدة على الساحة الإسرائيلية بل قديمة , لطالما استخدمتها أكثر من مرة, لتشعر دول العالم وشعوبها بأن يدها فوق كل الأيادي.
ولعل عدم اتصال الموساد إلى الآن بالموقع الناشر, يدل دلالة أكيدة على أنها تريد أن تثبت للعالم بأنها وراء تغلغلها بأكبر قوة استخبارتية في العالم (CIA ) , والتي لا يستطيع عاقل في الدنيا أن يصدق بأنها لم تستطع حماية وثائقها السرية .
فتسرب هذا الكم الهائل من الوثائق التي تدعي أمريكا سريتها, يجعلنا نتوقف أمام احتمالين لا ثالث لهما:
الأول: ضعف المخابرات المركزية الأمريكية التي عجزت عن حماية 251 ألف وثيقة من التسرب ليد إعلامي غير معروف , وهو ما لم يحدث من قبل حتى في أكثر دول العالم وهناً وضعفا, وهذا الاحتمال أمره مستبعد من وجهة نظري لما عرفناه من مهنية هذا الجهاز الأكبر عالميا.
الثاني: هناك نية أمريكية إسرائيلية مبيتة لنشر هذا الكم الهائل من الوثائق لإلهاء شعوب العالم وبالذات العربية بحقيقة سياسيها وكبار مسئوليها , لتحقيق فائدة لإسرائيل بفضحهم لجني المزيد من التعاون معها , ولإبعاد الشعب الأمريكي عن الضعف والعجز الذي بدأ يمزق أوصال اكبر قوة عسكرية في العالم ,وهي التي لم تحقق إلى الآن نصرا في حروبها الدائرة حاليا لتتباهى به أمام الرأي العام الأمريكي, ففي أفغانستان نجد طالبان تزداد قوة , وهي تزداد وهن على وهن , وفي العراق لازال الفشل حليفها رغم تغييرها للنظام السياسي فيه , وفي شرق اسيا لم تستطع إلى الآن كبح جماح كوريا الشمالية وقوتها المتصاعدة في أكثر مناطق العالم حيوية ونماءً.
فالوثائق المدعى تهريبها قصة لا يصدقها عاقل , فكيف لنا أن نتصور وقوع هذا الكم الهائل من الوثائق السرية كما تدعي أمريكا بيد جندي صغير غير معروف على الساحتين المهنية العسكرية الاستخباراتية أو المخابراتية , وكيف لنا أن نصدق بأن أهم جهاز مخابرات في العالم يجمع أسراره في cd" " واحد , وهو ما لم نسمعه من أكثر الدول فقرا وضعفا في هذا المجال ,حتى بعد أن إنهار النظام فيها , ولعل العراق اصدق واكبر شاهد على ذلك .
فأمريكا لا تهتم بالأضرار التي قد تلحق علاقاتها مع الدول المتضررة من النشر كما يروج البعض من زعماءها, فلو كانت تهمها العلاقات مع الخارج كما تدعي, ما كانت لتتجسس على كل كبيرة وصغيرة في مفارز الدول التي تقبع السفارات الأمريكية فيها , ولكن نشر هذه الوثائق جاء ممنهجا أمريكيا بإلحاح إسرائيلي عبر اللوبي الصهيوني المسيطر على أركان الإدارة الأمريكية , لكي تبقى إسرائيل سيدة العالم بإيهام الشعوب أنها تديرهم بأيدي حكامهم. وليعلم الجميع أن أمريكا تؤمن في عملها إيمانا راسخا, بأن جاسوس واحد لها خير من ألف قمر صناعي, وهو ما أثبتته الأيام الخوالي.
وقفة للتأمل : " نابليون عندما احتل مصر , خاطب أهلها إعلاميا بقوله : أنني أحب الله أكثر من المماليك , لامتصاص نقمة أهل مصر على الفرنسيين , وهو ما صفق له أهل مصر طويلا".



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

انت و امتك العربيه

تلهث لفك طلاسم خطط الماسونيه و ما تعده للامتين العربيه و الاسلاميه

(لديهم خطط اكتواريه)

وينك يا حمرون الثليثي

مع عظيم احترامي
29-12-2011 11:00 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات