المطلوب رقم واحد في الأردن!


في منتصف السبعينيات وبداية الثمنينيات ظهرت عصابة تحت أسم الكف الأسود ، وعاثت هذه العصابة فساد من خلال السرقة والقتل والتهديد ، وفي تلك الفترة كنا صغارا ونسمع ما يقال ويتم تناقله بين الجيران كأحاديث حول تلك العصابة وأعمالها لدرجة أننا أصبحنا نخوف بها قبل النوم وتسببت لنا برعب داخلي إنغرس داخلنا لسنوات .
وكان لإنعدام المعلومات وتناقلها من خلال وسائل الاعلام الرسمية الدور الكبير في رسم صورة تلك العصابة في ذاكرة الناس وخصوصا الأطفال ، وبدء البعض برسم صورة كف سوداء على جدران المنازل وأسوار المدارس ولم تقم أية جهة حكومية ذات صلاحية في البحث عن سبب وصول هذه الصورة لعقول الناس وترسخها .
والأن ونحن في القرن الواحد والعشرين ومع الإنتشار الكبير لوسائل الاتصال من فضائيات وصحف ورقية وإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الخلوية الذكية منها ومن الجيل المتطور ، كل ذلك لم يمنع جهات رسمية أن تقول أن هناك ايادي خفية تسير أمور البلاد لحد الصدام وخلق الفتنة وإبقاء البلد في جو من التوتر المستمر.
وقد سبق وصرح الملك ان هناك قوى شد عكسي لاتريد للوطن أن يسير الى الأمام ، وهنا ولولا أن الذي تحدث هو ملك البلاد ولايجوز أن يخرج عن منطق الكلام الصحيح لقال أيظا أن هناك أيدي خفية تسيير البلاد لغير رغباته كملك ورغبات الشارع الأردني ،وعلى صعيد العلاقة ما بين الحكومة وتيارات المعارضة والموالات تبجح الكثيرون في تفسير الأمور وربطها بايدي خفية مما أدى للإنتقاص من فكر تلك الجماعات ككل( سواء معارضة أم موالات ) لأن الشارع الأردني في عام 2011ليس نفس الشارع في السبعينيات من القرن الماضي .
وقد جاءت الطامة الكبرى عندما صرح عدد من ورؤساء الجامعات الحكومية بأن هناك ايدي خفية تؤثر وتسبب في العنف داخل الجامعات ، وأن هذه الأيدي الخفية قد تجاوزت كل الحدود وأصبحت تصول وتجول في حرم عقل الشباب الأردني كي تسيره لما تريد وعلى حساب الهدف الرئيسي من وجوده وهو طلب العلم .
وحتى الفاسد في البلد ومن يشد على يده من الأبواق المأجورة صحفيا أو من تجمعات عشائرية جميعهم يطالبون بكف الأيدي الخفية التي تسعى لتشويه صورة أبنائها ووضعه في دائرة الإتهام وكل هؤلاء تناسوا أن هناك قضاء هو الذي يقرر من الفاسد ومن غير الفاسد وليس ايدي خفية هي من تقوم بذلك .
إذا كانت هذه طريقة الحكم أو معالجة نقاط التوتر في المجتمع الأردني فليس غريبا أن نجد أن المواطن يمارس نفس العقلية من التفكير في تبرير أسباب فشله سواء الأسرية أو المالية ويلقى على شماعة الأيدي الخفية كل أسباب هذا الفشل الذي يسيطر على حياته .
وفي النهاية أعتقد أن هذه الأيدي الخفيه هي التي تمنعني من ترخيص مركبتي التي انتهى ترخيصها منذ شهر ، وأن هذه الايدي الخفية هي التي تقف عثرة أمامي وأمام انهاء أول فصل من رسالة الدكتوراة ، وهي نفسها الأيدي الخفية التي تمنعني من الذهاب لزيارة الأصدقاء وخصوصا الذين وقفوا معي في وقت ينعدم به الاصدقاء ولاتجد به أحد، وهي نفسها الأيدي الخفية التي تمنعني من التوقف عن التدخين رغم إصرار اولادي علي لتركه لأنه يضر بصحتي وصحتهم وهي نفس الأيدي الخفية التي تمنعني من القيام بدوري كمواطن وأقول وبالفم الواسع .. أن هذا الوطن أكبر من شماعه كي نعلق عليها فشلنا في فهم معنى المواطنة ، إذا هذه الأيدي الخفية هي المطلوب رقم واحد في الأردن .. ولنبحث عنها جميعا !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات