لا يصح أن يقول رب أسرة أن زوجته وأبناءه أغلى ما يملك بل الأصح أنهم أغلى من كل ما يملك والأعز والأغلى من كل ما في الوجود.

ولكن يجري ذلك التملك من قبل رب الأسرة على أشياء أخرى يصح قوله أنها أغلى ما يملك مثل سيارة يستقلها أو دابة يمتطيها، أو نعجة يحلبها، أو قطة يربيها في أكناف منزله.

تأخذنا مفارقة المعاني إلى مقولة قديمة، مفادها أن "الإنسان أغلى ما نملك"، ولعلها تشير إلى سياسة حكيمة في التعامل مع الإنسان الأردني، ولكن بعد مرور أعوام عديدة على إطلاقها وجب التوقف عندها قليلا لمراجعة أبعادها، وفق ما يرى مواطنون.

وذلك لأن الإنسان في أي مكان في العالم ليس ملكا لأحد أو جهة أو منظمة، فمجرد القول أن الإنسان أغلى ما نملك، فإننا نحط من درجته الإنسانية ونحوله إلى عبد يباع ويشترى، أو نقيسه بما نقيس به قطع التحف في بيوتنا أو مواشينا التي نمتلكها ونستفيد منها.

وربما الأدق من ذلك القول إن الإنسان الأردني هو الأغلى من كل الأملاك والممتلكات وأنها تهون في سبيل تحقيق آماله وطموحاته، كقول الشهيد وصفي التل رحمه الله غداة مقتله إن "الأردنيين أشرف العرب".

توقف مثقفون قديما عند هذه المقولة"الإنسان أغلى ما نملك" وسخروا من دلالتها إلا أن أحدا لم ينتبه لذلك أو لا يريد أن ينتبه ومن ضمن ما سردوه من تهكم، قولهم أن الجملة صحيحة 100% فمن ليس لديه سوى بقرة تطعمه وتسقيه فهي بالتأكيد أغلى ما يملك، وعلى رغم هذه السوداوية في حصر الدلالة إلا أن هذه المقولة التي وردت على لسان الملك حسين رحمه الله ساهمت إلى حد ما في تعزيز أواصر المحبة والثقة ما بين القيادة والشعب.

ولكن التطورات الأخيرة في الأردن والعالم العربي أحدثت تغيرا ملحوظا في مفهوم الولاء ونقلته من مقياس الأمر والطاعة إلى منحنى التشاركية في الأمر والتنفيذ، مع تأكيد الحفاظ على نقطة التقاء تجمع كل الأطياف.

وأعتقد أن من متطلبات المرحلة الإصلاحية الراهنة تصحيح هذه المقولة بما يتلاءم وروح التحرر والانطلاق التي تتملك شباب الوطن، وبما يضيف داعمة جديدة لمسيرة الإصلاح لأنها على وضعها الحالي باتت أثقل من الرصاص السائل على أذن المستمع.

وإلى جانب ذلك من الأهمية بمكان إطلاق مقولة تصحيحية من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني، تحمل معاني العزة والكبرياء والوفاء التي يتصف بها الأردني، لتعيد له ألق التأردن، كالقول بأن "الإنسان أغلى مما نملك".


محمد جمال الرفوع