تهميش العشائر والوحدة الوطنية


لا أدري إن كان لمقالي هذا طريق للنشر لكن مازال هناك الحريصون على إيصال الكلمة الحرة وتسليط الضوء على الحقيقة.
عند قيام الأردن كدولة في العام 1921 كانت أهم مقوماته العشائر الأردنية ومناصرتها للنظام وتأييدها له والتفافها حوله إذ لم تكن الأقليات الموجودة اليوم قد قدمت إلى الأردن وانصهرت في المجتمع وساهمت في بنائه كبقية سكان الأردن. أو لربما كان منهم القليل. ولا أحد ينكر عليهم مواطنتهم وإخلاصهم وانتمائهم الذي تجلى في مختلف مناحي الحياة من مناصب عليا في الأمن والمخابرات والقوات المسلحة والوزارات وغيرها. ونرى وبما لا يدعو للشك تقريب الكثير منهم للقصر دون غيرهم وكأن بعض المناصب العليا أصبحت حكرا عليهم لا يحق لأحد منا أن يحلم أو يطمح يوما للوصول إليها. وإن كان ما أقوله مناف للواقع أومجانب للحقيقة فعندي من الجرأة مايكفي للإعتراف بخطأي وتعديل مساري وتوضيح ما سيثبت وتبنيه علنا. وسأكون قد اجتهدت وإن أخطأت فلي أجر وإن أصبت فلي أجران.
أتمنى أن لا يقول قائل أنني أعبث بالوحدة الوطنية والتي هي صمام استقرارنا في هذا الوطن الغالي ولا نفسر الوحدة الوطنية ونفصلها حسب الظرف والحال فمعناها واضح لكل مواطن مهما بلغت ثقافته من الرقي أو مهما بلغت من البساطة ألا وهي أننا أردنيون شرقيون وأردنيون من أصول فلسطينية وأردنيون من أصول سورية وشركس وشيشان وأرمن وأكراد وغيرهم من مكونات المجتمع الأردني نؤمن جميعا أننا أردنيون علينا نفس الواجبات ولنا نفس الحقوق والميزان الذي يزن مواطنة كل مكون من هذه المكونات هو مقدار الإنتماء الفعلي لهذا الوطن والإستعداد للموت من أجله إذا لزم الأمر وأن لا يعتبر الأردن محطة مرور للتزود منها ثم الرحيل.
فما دام الأمر كذلك أنطلق في طرحي بما يخص بعض العشائر وتهميشها بمعنى أنها لا نصيب لها في المناصب العليا من الدرجة الأولى أو الثانية. وطالما أن المناصب الرفيعة ليست انتخابا اذاً من حقنا أن نسأل إلى متى سيبقى الحال على ماهو عليه من انتقائية أساسها المصلحة والنفوذ والتوريث والإسترضاء؟
لنعد بالذاكرة إلى الوراء. ألم يرأس الحكومة بالتناوب دولة زيد الرفاعي ودولة مضر بدران مع عدم نكراننا لكفائتهما؟ ألم يرأس الدكتور عدنان بدران الحكومة وهو شقيق لرئيس سابق؟ ألم يرأس سمير الرفاعي الحكومة مرتين وهو سليل أسرة رؤساء حكومات من جهة أبيه ومن جهة أمه؟ ألم يرأس البخيت الحكومة مرتين؟ ألم يرأس نادر الذهبي الحكومة وبنفس الوقت شقيقه كان مديرا للمخابرات؟ وغير ذلك الكثير من الأمثلة التي تجعل المرء حيرانا متسائلا ألا يوجد اناس مؤهلون في الأردن غير هؤلاء؟ أم أن الذي يختار لا يرى ولا يريد أن يرى غيرهم؟
فالعدل أن توزع المناصب على الجميع ممن هم مؤهلون من مختلف أطياف الأردنيين الذين يشكلون عناصر الوحدة الوطنية. أما أن تنحصر في أناس يغيبون ثم يحضرون كأحجار الشطرنج فتلك صورة من صور الشمولية المقيتة التي تحارب الوحدة الوطنية وتفككها بل وتجعل منها مسخا لا قيمة له.
سأعطي مثلا على عشيرتي عشيرة العبابنة والتي ليست بأفضل من غيرها من العشائر التي تم تهميشها منذ تأسيس المملكة وحتى اللحظة. العبابنة من أكبر عشائر محافظة إربد إن لم تكن أكبرها وتعدادها يفوق الثلاثين ألفا تتوزع على سبع قرى هي سال وبشرى والمغيّر والقِصْفِة والخريبة وقريتي راسون وصنعار في عجلون ناهيك عن عشائر الذنيبات (الكرك) والزقيلات والمناصرة والفاهوم الذين يرجعون بالنسب لعشيرة العبابنة.
ألا تستحق هذه العشيرة الممتدة أن يُنظر إليها بعين "الرضا" وهذا ليس استجداءا وهي من أوائل العشائر التي قدمت التضحيات والشهداء وخدمت الوطن بمنتهى الإخلاص وهذا ليس منة بل واجب مستمر باستمرار الزمن لكن عندما يصل التهميش والتطنيش لدرجة تجعل الأخرس ينطق والسكران يصحو لابد من الوقوف عند المعادلة التي ترسم خارطة اختيار أصحاب المناصب العليا وتوزيع أدوارهم حتى ينال كل مجتهد نصيبه وحتى لا يصيبه النكوص وينقلب مناكفا مشاكسا مصدّرا للقلق أملا في الحصول على حق مضاع؟
ولا ننسى التزوير الذي حصل في مجلس النواب الحالي والذي كان مرشح إجماع العبابنة أحد ضحاياه لأنه لا يؤمن بالرشوة ولا بشراء الذمم وقد تمت المباركة له على نجاحه نائبا من كبارمسؤولي المحافظة أنفسهم المشرفين على فرز الأصوات وقد كنت ممثلا له في المحافظة وفجأة و خلال أقل من ساعة انقلب النجاح الى فشل والفشل الى نجاح. تلك قصة يعلم تفاصيلها كل المتابعين والمهتمين بشؤون الانتخابات.
فالمناصب من الدرجة الأولى هي حكرٌ على من هم أقليات (بمعنى العدد القليل وليس بمعنى الأصول والمنابت) وعذرا لاستعمال هذا المصطلح لكن لإيصال الفكرة وضرورتها. وأخلص للنتيجة القائلة أن الولاء الفطري والإنتماء المأمون الجانب أصبحا سُبّة على أصحابهما ومن هم غير ذلك هم الذين يفوزون بالحظوة والشواهد تكاد لا تحصى على ما أقول.
فهذا النهج هو نفسه اللعب على وتر الوحدة الوطنية التي أصبحت وكأنها آية قرآنية لا يجوز المساس بها إذ يصح ذلك عندما نتفق جميعا على تفسيرها تفسيرا واحدا وفي كل الأوقات والظروف. إن كانت الوحدة الوطنية تجيز لأشخاص معدودين يتناوبون على المناصب الرفيعة والبقية متفرجون مجهزون بالفطرة للتصفيق فلا بد من إعادة النظر بها والإتفاق على مفهومها.
فها هو جلالة الملك بدأ الإصلاح بنفسه ونأمل منه أن يمتد إصلاحه ليشمل الصور الأخرى من الفساد الذي يحترق بناره الملايين ولا نرى نية لإطفاء تلك النيران التي لو تركت فلن تبقي ولن تذر.
هانحن تخلصنا من باسم عوض الله (الكنز الدفين والإقتصادي الذي لا يشق له غبار) لا أعاده الله إلا خلف القضبان. وها هو القضاء في صدد قول كلمته بمن هم على شاكلته ومن صنعه لعلنا نرى وجوها تكون كنزا دفينا حقيقيا واقتصاديين لا يشق لهم غبار بالفعل ليرتقوا بالوطن والمواطن ويكون الأردن مثالا للنزاهة والعدل كما هو مثال للإستقرار والأمن.
فهل نأخذ وعدا من جلالة الملك بالتفكير بهذا الطرح ودراسته؟ وهو الذي عودنا على الكلمة الفصل في الأوقات التي يعجز فيها من أشرنا إليهم والمعتمدين على نفوذ آبائهم وأجدادهم وتملقهم وتسلقهم اللذان كانا السبيل لإرتقائهم وقد ثبت أنهم ليسوا أهلا له؟
ندعو الله أن يجنب الأردن وقائده كل مكروه ولا قصد لنا سوى استقامة الأمور وتصحيح المعوج منها وإحقاق الحق وسيادة العدل حبا بالأردن وقيادته التي نحرص عليها حرصنا على أنفسنا. (وذكر ان نفعت الذكرى) صدق الله العظيم.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن.
والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم:

1.(إذ لم تكن الأقليات الموجودة اليوم)وصلت اول قبيله شركسيه الى عمان عام 1868.اضافه الى تواجد (لاحقا و قبل مجيء سمو الامير المؤسس رحمه الله)الاخوه السوريين و السعوديين والاكراد و الاتراك و التركمان و الفلسطنيين و العراقيين و الدروز و الجزائريين و الغجر(و اشدد الاخوه الغجر)و ارجو ان لا اكون نسيت طائفه او جنس ما.علما بان هذه الاقليات من اشد الناس اخلاصا للعرش الهاشمي.



2.(وسأكون قد اجتهدت وإن أخطأت فلي أجر وإن أصبت فلي أجران.)سيدي الكريم :هذه قاعده فقهيه ولا تمشي في البحوث العلميه.

3.(والله من وراء القصد.)الاحظ ان الكثير من الكتاب و الناس ينهون بها مقالاتهم,هل تحس بان احد مخونك؟علما بان سائقي باصات النقل العام يكتبونها ايضا على باصاتهم.

مع عظيم الاحترام

و الشكر لجراسا
19-12-2011 10:28 AM
حمرون الثليثي
هذلول يا هذلول ما بيك حيلة ...أنا أشهد إنك سلطةٍ من سماها .
تسلم يمينك يا كساب ... جوهر أفكارك غالي مشتراها
19-12-2011 11:06 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات