وسواس العروش يثبت أقدام الحراك


لا يستطيع أي منا أن يقوم بعمله على الوجه الأكمل إذا ما كان وسواس ما يشغل تفكيره ويتحكم في سلوكه، وهذه قاعدة علمية أثبتتها الدراسات.

واعتبر بعض الفلاسفة في هذا الشأن أن الوسواس إن كان قهريا أو من مصدر خارجي فإنه من الصعب التخلص منه، بل مع مرور الوقت يتحول إلى محرك رئيسي في حياة الشخص ومنبع لتفكيره وتعامله مع ما يحيط به.

بدأ الحراك في الأردن على وقع الجوع والإنصاف والمساواة، ثم تطور ليطال محاسبة الفاسدين والحفاظ على المال العام، ليقفز بعدها إلى مسألة الحاكمية وتدوال السلطة.

هذا التطور في المنحنى الحراكي في الأردن، خلقته تراكمات الضغوط الاجتماعية إلى جانب نفحات ربيع العرب، وبات المواطن الأردني في هذا العام إلى ما بعده، غير ذلك المواطن طوال جميع الأعوام المنصرمة.

ومع تكشف الحقائق المرة، حيال هدر المال العام، وغياب العدالة الاجتماعية، وما يلحق بهذا الانكشاف من تصعيد في مشاعر المواطن وخاصة الفقير والمظلوم، ركبت أحزاب مختلفة موجة الإصلاح لتحقيق مكاسب سياسية معينة، وبرغم ذلك لا ينتفي في مثل هذا الخلط السياسي أن المواطن لديه هموم وإرادة تم تجاوزها بمرور الوقت وأنه يخرج للشارع للتعبير عن سخطه وإحباطه لعدم التقدم في ملف المساواة ومحاسبة الفاسدين.

نعلم أن هناك قوة في الإنسان قد تضعف أو تقوى بحسب ما يستجد من أحداث في حياته، ومع "تغنج" الدولة الأردنية في تلبية مطالب الشارع الأردني، تطورت وتصاعدت مطالبات وشعارات المواطن، لتتحول في نهايتها إلى وسواس يمد نبض الشارع بالوقود.

هذا الوسواس المنبثق عن التراخي في التعاطي مع مطلب الإصلاح الشامل يتملك المواطن في الأردن ولا يغيب عن باله أو تفكيره، مثل تلك المرأة التي تتحدث إلى جارتها وهي تضع زيرا مملؤوا بالماء على رأسها، فبرغم أنها في حالة محادثة إلا أن قوة وسواسها بما تحمله على رأسها تجعلها تقوم بالمهمتين معا.

هكذا بات وسواسنا نحن الأردنيون، يقوم معنا ويصحو، يقيل ويغفو، يأكل ويشرب، ولا يفارقنا حتى في أنفاسنا وأحلامنا.

جلس إلي أحد عمال الوطن الطفايلة ويعمل في بلدية الطفيلة، ليحدثني عن همومه التي لا تسر عدو، لينهي حديثه بالوسواس، فقال:"أنا خايف إنها تخرب بزيادة إذا الملك صارلوا إشي وظل الوضع على مهو عليه".

ومن حيث لا يدري جسد هذا المواطن الشريف همَّا ووسوسا أردنيا ملحا خلقته بيئة "الفوقية" التي غسلت الأقدام بحبات العرق، وفتحت آفاقا سوداء جديدة حول مصير الوطن والشعب والدولة بأكملها.

بلد نام وفقير بمثل وضع الأردن فيه تسميات اعتبارية آخذة بالازدياد داخل الوطن وخارجه تعجز "كازيات" السعودية مجتمعة عن تغطية مصروفاتها وتبعات تكاثرها وانغماسها في التنافسات الفردية.

نطلب أن يكون جميع من يحملون "الجنسية الأردنية" أو يجري في عروقهم دماء أردنية وبغض النظر عن أصولهم ومنابتهم ومراتبهم مواطنين مثلنا مثلهم يعملون وينتجون، ولا نريد اعتبار مسميات أنهكت الوطن، ولا فائدة تجنى منها، سوى مزيد من "الحلب لضرع الشعب الذي جف وهزل لكثرة الراضعين".

أقول ذلك وغيري يقوله أو يحدث نفسه على الأقل، حرصا على وقف أرجحة الوطن بين مكائد النساء الطموحة، ومستنقعات المجهول.

محمد جمال الرفوع



تعليقات القراء

طفيلي
رائع ومتفق مع الشارع
18-12-2011 11:29 AM
عمر الرفوع
هذا ما أسميه الغول النائم
18-12-2011 11:58 AM
معارض
الملك هو صاحب الولاية العامة لوحده ولا شريك له في ذلك وهو من يحدد من يرثه في الحكم وهو من يمنح الألقاب التي تخدم الوطن..لقد تطاولت أيها الكاتب
18-12-2011 11:59 AM
جمال السعودي
هذا معروف فخلافات النسوان في القصر قد تكلفنا الوطن بأكمله
18-12-2011 12:00 PM
إلى تعليق 1
ليس هذه مطالب الشارع بل مطالبه المحاسبة فقط
18-12-2011 12:01 PM
طفيلي حر
لقد قيض الله لنا .... بيدها.... هذه الدولة
18-12-2011 12:01 PM
إياد العوران
أنا اتفق تماما مع الكاتب إذ أن مرحلة ما بعد الملك مرحلة ذات أبعاد خطيرة جدا
18-12-2011 12:08 PM
يوسف الحوامدة
كلام سليم
18-12-2011 12:09 PM
عبدالمهدي العكايلة


تشخيص دقيق وقراءة متانية دقيقة لوقع الاحداث .. وجهة نظر في المعالجة على قدر عالي من الاهمية.. شكرا محمد
18-12-2011 12:10 PM
إلى تعليق3
..............
رد من المحرر:
نعتذر........
18-12-2011 12:10 PM
صديق
مقال جميل ورائع يا ابو أنجي
18-12-2011 12:17 PM
رائد النظامي / جامعة الطفيلة
مقالك راااااااااااااائع اخي وصديقي محمد الرفوع - فعلا الوسواس أثر على حيات الكثيرين وكان له دور كبير في عرقلة حياة الناس
18-12-2011 12:18 PM
فخري مرايات
مقال رائع اخي استاذ محمد
18-12-2011 12:30 PM
أيمن العمريين
إن أكبر وسواس يعاني منه الأردن تلك ....
18-12-2011 12:32 PM
من تراب
اللهم سلم سلم
18-12-2011 12:55 PM
سري
احنا عارفين القصة بس الموضوع أكبر منا وأنا بنصحك يا استاذ محمد إنك ما تنام الليلة في الدار لأنه ........
18-12-2011 12:58 PM
الدكتور عدنان عواد
ان كيدهن عظيم,,,,الفساد هلاك للامة ولا بد من معاقبة من تثبت ادانته,,,احسنت يجب اعادة ترتيب البيت الاردني والعدل والمساواة بين الشريف والضعيف في الحقوق والواجبات,,,شكرا
18-12-2011 01:02 PM
إبراهيم العوران
ما خلص عيدت..والله مين ما عدلها
18-12-2011 01:20 PM
علي الحجاج
يجب ان يعرف ويشعر كل اردني اننا لن نرضى بغير الهاشميين حاكما لنا مهما سقط او زلزلت عروش فإن كل اردني يجري فيه دم الأردن هو ملتف التفاف يصل الى درجة الفداء بالروح حول العرش الهاشمي
18-12-2011 01:50 PM
امل
دائماً ما تكتبه يمثل غي الغالب ما يعانيه الناس رائع ,,,,,,,,, ايها الكاتب لابد يوماً من العدل والمساواة
18-12-2011 01:57 PM
ttu
........
رد من المحرر:
نعتذر.........
18-12-2011 02:54 PM
ابو خليل
وبعد امتداد يد الغدر نحو التيجان التي لم يستطع اصحاب هذه الاقلام الوصول لها عبر الانجاز والعمل المتفاني لخدمة الاردن حاولوا الان دس السم بالدسم وذلك رغبة منهم بلفت انظار الشارع ومنهم تحت الشارع المختبئين بشرايين المياه الفاسده الاانهم لم يعلموا ان اروحنا تفتدي التاج وسلمت ياصاحب التاج
18-12-2011 03:05 PM
خالد الشروش
تحية إجلال وإكبار لصاحب الجلالة الملك عبدالله حفظه الله وجلالة الملكة رانيا العبدالله حفظها الله ورعاها أقول وكلي أمل أن تطال هيكلة الرواتب كل من هم بحاجة لهيكله من مدير عام الفوسفات ولغاية صاحبي أبو حسن عامل الوطن

18-12-2011 03:12 PM
موسى الشباطات
اشكرك اخي محمد على الموضوع الي في الصميم وتحيه اجلال لقائد الوطن الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حماه الله من كيد الكائدين ولن نرضى الا بالهاشمين
24-12-2011 03:08 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات