من يصرف على الاردن!!


دولة شكلت نحو 75 وزارة وتدفع حتى اليوم تقاعد نحو 16 رئيس وزارة سابق، مقابل خمسة رؤساء وزارة متقاعدين في الكيان الصهيوني من اصل 13 وزارة إسرائيلية، وتدفع الدولة الأردنية تقاعد نحو 600 وزير، ناهيك عن أضعاف ذلك العدد من متقاعدي مجلسي النواب والأعيان، والأمناء العامين للوزارات والمدراء العامون للمؤسسات الكبرى، من أصحاب العطوفة والسعادة، ونحو ربع مليون مدني و160 الف عسكري، في دولة سكانها دون 7 ملايين بواقع 1 بالألف من مجموع سكان العالم، أكثر من ثلث السكان من الاطفال القاصرين دون 14 سنة، وتبلغ نسبة المواليد الإجمالية 21% فيما يتراجع الناتج المحلي في معظم السنوات، وتراوح نسبة التضخم غالباً 5% ، ونسبة البطالة بين 12-15% فيما يتوسط الأردن وفق مقاييس الدول الأغنى والأفقر العالمية العالم العربي فغالباً هو في المرتبة العاشرة تسبقه 9 دول وتتأخر عنه 9 دول كذلك!

هذه مقدمات رقمية لواقع دولة نامية، لا يمكن لاحد ان يتكهن كيف تحافظ هذه الدولة على بنيتها التحتية المقبولة بل الجيدة في المستوى العربي، وتستطيع في الحد الادنى مع ارتفاع مقاييس الفساد ان تدفع رواتب المتقاعدين الجالسين في بيوتهم او الذين يمارسون اعمالاً أخرى لمجاراة الغلاء والتضخم!

هل عوائد نصف مليون مغترب اردني ـ معظمهم يغتربون بدون سقف زمني بسبب الخوف من البطالة ـ هي ما يقي العملة المحلية من الانهيار؟ أم هي الشركات الصناعية المصدرة والتي لا تجاري حجم الاستيراد العملاق الذي يدخل الأسواق الاردنية حال بقية الأسواق العربية؟ هل هي المساعدات الدولية التي ترعى السلام مع إسرائيل، والمساعدات العربية التي تدفع باتجاه الإبقاء على "دولة المواجهة "وجيشها العربي حاجزاً دون دول الخليج؟

كيف تبنى هذه القصور المفرطة في البذخ في عمّان، منذ عهد بورقيبة الاول وجنازته الرمزية المرفوعة على الأكتاف، الى عهد اليوم، الأبراج والمولات وفلل الأحلام ما بين دابوق وديرغبار والمطار الذي يوشك ألا تهبط فيه طائرة، في عالم جديد مليء بالحجارة البيضاء التي تطرحها الطائرات القادمة هنا، لماذا تفتح وكالات اردنية لتسويق سيارات اللامبرغيني والهمر والفيراري وكل السيارات الاميركية والاوروبية الفارهة التي تحتاج من الوقود اليومي ما يعادل راتب موظف او متقاعد؟

يروي كاتب يمني تحت عبارة "الله موجود في اليمن!" نقلاً عن مستشرق زار اليمن، كان يسأل عن رواتب العوام والسوقة، فيجيبون انه نحو 150 دولاراً، وهو ما يعادل تخزينة قات شهرية لفرد واحد في العائلة وتتراكم المصاريف لتصل الى الف دولار، يسال المستشرق : كيف تتدبرون اموركم؟ يجيب اليمنيون: الله موجود!، لخص المستشرق حالة اليمن في قوله "الله موجود في اليمن"!

على ذات الحالة أتساءل، وانا استمع كل صباح لنحو 10 محطات بالموجات القصيرة للحديث عن هموم الناس، ولا تتوقف الشكاوى، كلها مشاكل متعلقة بالمعيشة ومطالب كلها تدفع نحو مزيد من الخدمات او تشكو ضيق الحال، ويتساءل كل الذين يزورون الاردن، كيف يتدبر الأردنيون أمورهم وكيف تنمو هذه الدولة ومن "يصرف" عليها؟ وكيف تجاري من يتطاولون في البنيان؟ المعايير الاقتصادية كلها تعاند الواقع الذي نشاهد، الا أن نقول "الله موجود هنا أيضاً في الأردن"!

محمد حسن العمري



تعليقات القراء

الكرملي
رائع
15-12-2011 04:45 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات