صياغة الدستور المصري : هو النزاع المرير القادم ولامحالة ؟


دعونا نتصور بل نجزم وصول جماعة الأخوان المسلمون ومعهم السلفيون إلي البرلمان القادم ، ‏ونجزم أيضاً أنهم سيكونون حزب الأغلبية وأصحاب أكبر عدد من المقاعد الحزبية ، وأيضاً نؤكد ‏ونجزم أن وصولهم لهذه المكانة البرلمانية لم يكن ( أبداً ) ليحدث دون موافقة وضوء أخضر من ‏المجلس العسكري الأعلي ورئيسه ، ودعونا نفترض سوياً أن وصولهم ولكي يحتلوا مكان الحزب ‏الوطني البائد ويكونوا هم حزب الصدارة الأقوي وفي مصر الثورة لم ولن يكون إلا بأتفاق مسبق ‏ومشروط بعدم دس أنفهم في أية شئون تعود لتفرد المجلس العسكري الأعلي برموزه ورئيسه في ‏شئون المؤسسة الوطنية العسكرية وخاصة ميزانياته وأبواب الأنفاق عليها والأهم هو ذلك الحجم ‏الرهيب من الأستثمارات والتي يقدرها البعض وكما هو متداول علي صفحات النت بألف مليار جنيه ، ‏تدار وتستثمر داخل المؤسسة العسكرية في شكل مصانع للمياة المعدنية وأخري لتعليب الأسماك ‏وصناعات ضخمة للكابلات والمعدات الكهربية ووصولاً لصناعات المحاجر والتنقيب وصناعات ‏البترول والغاز ومشتقاته وصناعات أخري وأستثمارت متعددة ربما تنتهي بما تدره النوادي والفنادق ‏والمستشفيات العسكرية الغاية التطور والفخامة ، وإن جاءت جميعها تحت مسمي واحد هو ( ‏مشروعات الخدمة المدنية للقوات المسلحة ) ، وعلي الرغم من أن هذه الصناعات أو الأستثمارات ‏والتي تتسم بطابع ( البيزنس) أو بالطابع التجاري ولا تمت للسرية العسكرية ولا حتي للصناعات ‏العسكرية بأي صلة بأعتبارها عملاً تجارياً بحتاً يدر علي المؤسسة العسكرية مئات المليارات سنوياً ‏، ومن هنا فأن حرص المؤسسة العسكرية والتي يمثلها أعضاء ورئيس المجلس العسكري الأعلي ‏ولب تخوفهم وجل أهتمامهم منصباً علي عدم أخضاع الميزانية العامة للقوات المسلحة وموازنتها ‏العامة وتمويلاتها وأبواب الصرف والأنفاق عليها ومضاف إليها ذلك الحجم الهائل جداً من ‏الأستثمارات الداخلية موضعاً للرقابة أو المسائلة والمحاسبة من أي جهة رقابية أو سيادية أخري ‏بالدولة ، وهنا مكمن النزاع أو مربط الفرس ، وقد حاول المجلس العسكري وضع وتمرير ماعرف ‏بالمباديء الفوق الدستورية ثم المباديء الحاكمة للدستور ثم وأخيراً وثيقة السلمي وبالطبع ومن ‏أجل علاج هذا الأمر ، إلا أنها وجميعها أحبطت ورفضت الثلاث محاولات من جانب شباب الثورة ‏ومثقفي المعمورة ، وخاصة وأن الجميع قد فسر بعض بنود هذه المباديء الدستورية بأن المجلس ‏العسكري يهدف إلي أن يكون هو بمثابة دولة فوق الدولة وأنتهي الأمر وبنهاية المطاف والشد ‏والجذب بقبول أنه لاتوجد أية مواد أو وثائق أو مسميات حاكمة فوق الدستور في أياً من أمم العالم ‏أجمع ، وأن الدستور هو وحده الحاكم ومنبعه إرادة وسلطات الشعب والمواطن بشقيه المدني ‏والعسكري ، ولكن مع كثرة وتعدد البيانات العسكرية الصادرة عن المجلس العسكري والتي تهنا ‏وضعنا فيها ومعنا المواطن المصري وأضف أليها تصريحات بالزوفة لاتنتهي لوسائل أعلام ‏وفضائيات مختلفة لسادة ورموز المجلس العسكري ، وجاء بعضها مخالفاً ومتضارباً مع تصريحات ‏قرينه ؟ ولعل آخر تصريح للسيد اللواء / الملا وهو أن مجلس الشعب القادم لايعبر عن رؤي جميع ‏الشعب المصري وخلافه من تصريحات أراها متسرعة وتفتقد للقانونية والدستورية والحنكة ‏السياسية او حتي التوقيت السليم ، كل هذا مجتمعاً جعلنا نعيش حالة من الضبابية السياسية في ظل ‏بيانات عسكرية متتالية وتصريحات من هذا اللواء أو ذاك وهو وبالنهاية أنما يشير ويؤكد علي عدم ‏أحتراف المجلس العسكري للعبة السياسة ، وهو شيء أراه طبيعياً لأنهم محترفون عسكريون ولا ‏سبيل لهم ولاخبرة بالأمور السياسية ودواهي ومكر ومتاهات السياسيون ، ولنعود مرة أخري للب ‏المقال ونتصور أن الأخوان المسلمون ومعهم الأخوان السلفيون تربعوا علي عرش البرلمان القادم ‏وأحتلوا نفس الثقل البرلماني والتأثير السياسي والذي كان يتمتع به الحزب الوطني الفاسد قبلهم ، ‏بالطبع الخطوة الطبيعية الثانية بعد أكتمال البرلمان بأعضاؤه وأحزابه وأنتخاب رئيسه ، هي صياغة ‏المواد الدستورية الحاكمة ( للجميع مدني وعسكري ) والتي سوف تشكل وبالنهاية مجلد أو كتاب أو ‏حتي كراسة تسمي وبالنهاية دستور جمهورية مصر العربية ، هنا فقط ويقيناً وهو ما أخشاه سيبدأ ‏الصراع السياسي الحاد بل والمتأزم ، وهنا فقط سوف يكتشف الجميع والمجلس العسكري ونحن معه ‏مدي تصلب وعناد كتلة الأخوان والسلفيون في محاولة تمرير او حتي مجرد الموافقة علي أي نص ‏دستوري يبقي المؤسسة العسكرية وبكامل أنشطتتها خارج نطاق الرقابة والمحاسبة ، وأما الأخطر ‏والمخيف والمفزع في الأمر أن الأخوان والسلفيون لايعلمون بعد أنهم بصدد مجلس عسكري أكثر ‏منهم تصلباً وعناداً ولن يقبل بدس أنفهم أو سواهم في أمور النفقات والموارد العسكرية ، ويعتمد في ‏ذلك المثل الشعبي القائل : ياقاطع قوتي ياناوي علي موتي ؟ ، والأخوان ومعهم السلفيون هم أيضاً ‏لايأمنون ومطلقاً بالمثل القائل : أبعد حبة تزيد محبة ؟ أو أبعد حبتين تزداد محبتين أو أبعد خالص ‏هانحبك خالص مالص ؟ إذن نحن بصدد حالة جدال بل لن أبالغ أن وصفته بصراع مرير قادم ‏ولامحالة في صياغة نص المواد الحاكمة للدستور المصري القادم ، وأن كنت أميل أن بعض ‏التنازلات مطلوبة من الطرفين مقدماً وحتي ولو جاءت تلك التنازلات محددة المدة ، لأن مصر ‏وشعبها وأقتصادها بات فعلاً في مهب الريح وبات فعلاً لايحتمل أدني صراعات أو تلاعبات أو جدالات ‏سياسية أو لفظية أو نصية قادمة ، وأعتقد أن نهج الأعتدال والوسطية والتفاهم العقلاني والودي ‏والرؤية المستقبلية لآثار أي قرار أو نص سياسي حاكم ، يجب أن تكون موضع أعتبار ، وبمعني ‏آخر أن نتخلي عن سياسة النظر لمسافة طول أنفنا فقط وخاصة عندما تكون اللعبة تتعلق بمصير ‏وطن وشعب علي حافة السقوط والأنهيار ، لذا فكل ما أرجوه أو أأمله من حزب الأخوان ومعهم ‏السلفيون وكمواطن مصري مثقف لايحترف السياسة أن تكون مصلحة الوطن والشعب بمدنييه ‏وعسكرييه فوق أي أعتبار مادي ، أو شرط قاهر يمكن تحديده أو حتي تحييده بالمدة أو حتي النص ‏علي أمكانية تغييره فيما بعد ، وإلا فنحن بصدد المثل الشعبي القائل : الكباش تنطح ومن نجا برأسه ‏قد فاز ؟ وهو ما لاأريده لشعب أو لحزب أو حتي كتلة أسلامية وسلفية ستكون مدتها البرلمانية هي ‏بمثابة الفيصل والحكم والسيف المسلط علي رقبتها ومستقبلها الحزبي والسياسي، الآني والمستقبلي ‏في مصر الثورة وبعد الثورة ، وإن هي تصلبت دون روية ووسطية وتعقل ، ودفعت الجميع إلي ‏المثل الأخير والسالف الذكر ، فأن عواقب الأمور لن تكون في صالح أحد ما مدنياً كان أو عسكرياً ‏وعلي مطلق العموم ، وأن غداً لناظره قريب وأملنا جميعاً أن يكون أفضل من الأمس البائد والمظلم ‏وأن نتجاوز معاً النقر أو الحفر أو المطبات ولو حتي إلي حين ، ولنعاود وفيما بعد ردمها ؟ ولأن لكل ‏وقت آذان .‏
Mohamd.ghaith@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات