الانتفاضة الاولى والربيع الاول


في الثامن من شهر كانون اول في عام 1987 تفجّرت الانتفاضة الفلسطينيّة الاولى تلك الانتفاضة التي تولّدت نتيجة دهس شاحنة إسرائيلية يقودها إسرائيلي من أسدود سيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا-البلد متوقفة في محطة وقود على معبر غزّة، مما أودى بحياة أربعة أشخاص وجرح آخرين ومن ثمّ انتقلت شرارة الغضب الى مخيّم جباليا وبعدها عمّت قطاع غزّة وثمّ مدن الضفّة الغربيّة وقراها ومخيّماتها واستمرّت تلك الانتفاضة حتّى التوقيع على اتفاقيات اسلو ونجم عنها مقتل 160 اسرائيلي واستشهاد 1300 فلسطيني ومقتل 1000 متعاون فلسطيني مع العدو .
وقد كانت هذه الانتفاضة من اهم المفاصل الفلسطينيّة فمن رحْمِها وُلد اطفال الحجارة وفيها واجه الحجر الدبّابة والبندقيّة وفيها تبيّن كره اليهود للزنود الفلسطينيّة فامر اسحق رابين بتكسيرها وفيها بدأ تفاعل عرب 1948 لأول مرّة منذ إنشاء اسرائيل الى المقاومة الفلسطينيّة وكأنّ فلسطينيّتهم رُدّت اليهم ومنها انطلقت حماس بمقاومتها المسلّحة واقتنع احمد ياسين بجدوى تلك المقاومة وعلى الجانب الآخر منها انطلق الغزل الفلسطيني الإسرائيلي حول فرص السلام حيث بدأ ياسر عرفات طريق السلام نحو انشاء دولة فلسطينيّة والتي طال مخاضها ولم تُولد حتّى الآن.
وكما هي الاسباب المباشرة لكل حدث فانّ هناك تراكمات واسباب خفيّة تُمهد لذلك الحدث وتؤجّجه ليصل الى اهدافه الدفينة .
ومن تلك الاسباب الخفيّة عدم العدالة بين العمال الفلسطينيين العاملين داخل الخط الاخضر ونظرائهم الاسرائيليين وغير العرب في الدخل وظروف العمل والتأمينات خاصّة مع تردّي الاوضاع الاقتصاديّة .
كذلك ضم القدس للكيان الاسرائيلي وعدم معرفة القيادة الفلسطينية بالخارج بتفاصيل الداخل وكذلك العرب وقادتهم لم يكونوا ملمين بالوضع الفلسطيني في الداخل كل تلك الظروف ساعدت على تأجيج الانتفاضة اضافة لبعض الاخطاء من السياسيين الاسرائيليين وتناقضهم في اتخاذ المواقف بين شامير ورابين وغيرهما .
تلك الانتفاضة الفلسطينيّة الاولى التي اُطلق عليها اسم انتفاضة الحجارة لان السلاح الفلسطيني كان مِقلاعا وحجرا ولم يكن في حينها الحجر والمقلاع سلاحا عسكريا ولذلك كانت انتفاضة سلميّة وكسبت مدّا جماهيريا عربيا ومؤازرة من الرأي العام الدولي .
وبعد اربعة وعشرون عاما انتفض الشباب العربي في شهر كانون ثاني من هذا العام 2011 سلميا وباشكال عدّة مثل الحرائق والمظاهرات والاعتصامات ورفع الشعارات والتواصل من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وانتشرت هذه الفعاليات كالنار في الهشيم في دول عربيّة مختلفة واسقطت عروشا كانت بحاجة لمعجزة الهيّة لإسقاطها بل ورضخت الانظمة المستبدّة والدكتاتوريّة لمطالب شعوبها واصبحت تخشى على كراسيها ومكاسبها بعد انتصار الثورات في عدّة دول عربيّة وما زالت شرارة الربيع العربي التي انطلقت من تونس تسري عابرة الحدود مطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد والمشاركة في الحكم وإسقاط الانظمة التي تلطّخت ايادي بعضهم بدماء شعوبهم فأصبح الاصلاح مستحيلا بوجود الحاكم .
فما اوجه الشبه والخلاف بين الانتفاضتين :
اولا كلاهما سلمييّتين
ثانيا كلتاهما شعبيتان ليس لحزب او منظمّة فضل عليهما
ثالثا كلتاهما موجّه لمستبد احداهما محتل خارجي والاخرين محلييّن يدّعون الوطنيّة
ورابعا كلتاهما وجدا مدّا ثوريا شعبيا بلا حدود
خامسا كلتاهما تدرّجتا بدم الشهداء
وسادسا كلتاهما جاء بعد قهر مرير للإنسان العربي
واخيرا كلتاهما اتت بأُكلها فالاولى اعادت اسم فلسطين للخارطة الدوليّة والربيع العربي اطاح بعدد من الانظمة المستبِدّة وما زال مستمرّا .
اللهم اجعل ربيعنا مزهرا واحفظ انتفاضة الشباب العربي من كلّ سوء او اطماع خارجيّة وقرّبنا منك بالصلاح والهدى , و كما جاد علي محمود طه.
أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى
أنتركهم يغصبون العروبة مجـــــــد الأبوة والسؤددا
وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدا
فجرد حســامك من غمده فليس لـــه بعــد أن يغمدا
أخي أيـــها العــــربي الأبي أري اليوم موعدنا لا الغدا

د. احمد محمود سعيد
دبي – 11/ 12 / 2011



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

يبدوا ان تعليقاتي حول مقالاتك عن دبي قد اثمرت,

احيي فيك الحس الوطني الجديد.
11-12-2011 03:28 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات