الملك ينحاز للعرق الأردني في ملف "التخلجن"


يمكن أخذ التطور الأخير في مسألة الانضمام للخليج على محمل أن الملك عبدالله الثاني انحاز بشكل كامل وصريح لإرادة الشعب الأردني عندما لم ينقاد إلى توصيات قد تكون دول الخليج أطلعته عليها شرطا للانضمام، وتتمثل بالإطاحة بسقف الحريات المتصاعد يوما بعد يوم في الأردن خشية أن تطال العدوى مواطني ورعايا دول الذهب الأسود.

هذا الموقف المشرف تدل عليه مؤشرات يمكن قراءتها بالعودة إلى طبيعة العلاقة ما بين الأردن ودول الخليج منذ عشرة أعوام تقريبا، فهي أقرب إلى الحضن أثناء الهرولة وبرغم أنها حالة ليست صحية إلا أنها مشروطة بتكسيد مطالب الإصلاح والحرية في الأردن، لكونها تسبب قلقا عارما لأدمغة زعمائها.

وفي الآونة الأخيرة حاولت دول خليجية مسيطرة على المشهد في الجزيرة العربية أن تعلق جزرة تنحى بسكة الحرية في الأردن إلى وضع يتماشى وسقف الديمقراطية لديهم، إن كان هناك أصلا غرسا للحرية في أراضيهم، إلا أن توافق إرادة القائد والشعب في الوطن كانت أقوى من كل المغريات.

وإذا كانت العلاقة مع الخليج العربي تقاس بموازين العودة إلى نقطة الصفر على درب الحرية والإصلاح، وتقوى برصاصات جنودنا البواسل حفاظا على عروش العائلات الحاكمة في الخليج، وتتوطد باتخاذنا مسلكا مذهبيا لم نعرفه ولا نطيقه أو بالاستجابة لإملاءات رعاية حركة حماس فهزلت مثل هذه العلاقات الغير عادلة والتي يتشبث فيها السيد بامتيازاته كافة فيما يقف الجندي على تخوم أملاكه يحمي ويسهر ويدافع دون أي امتياز.

نحن لسنا حرس حدود لأحد ولسنا إمعة في حوض لطالما تعودت مياهه أن تتدفق في مجاري أميركية أو منفعية لا تراعي إرادة شعب ولا تمتثل لأدنى حد من أمنياته ورغباته.

إن الأردن العربي الإسلامي الوصي على المقدسات المحتلة يزداد يوما بعد يوم قوة وازدهارا وتلاحما وتغييرا بصورة تعكس مدى رقي الإنسان الأردني الذي لا يتنازل ولا يساوم وتلتقي فيه إرادتان شعبية وملكية قد تشوبها أحيانا توترات لكنها ظاهرة صحية وحالة ديمقراطية سرعان ما تقرر الإرادتان الوصول إلى نقطة التقاء تصون وجود الوطن وكينونته.

نحن لسنا في وضع اليونان عشية إفلاسها فتهاب دول الخليج انضمامنا لكي لا تتحمل عبئا إضافيا فوق عبئها مع الإصلاحيين الشرفاء لديهم، ولسنا عالة نفتقر إلى الحضارة والتقدم والطاقة البشرية، بل إن الأردن لديه ما يمكنه من الاصطفاف لجانب أعظم دول العالم بهاء ونماء أو أرقى تحالفاته بمثل الاتحاد الأوروبي، وذلك بنظامه السياسي المتغير بثبات وشعبه الواعي المعطاء الذي أنفق حتى أفلس في سبيل تعليم أبنائه في الجامعات وتدريبهم وتأهيلهم لخوض غمار سباق العمل في أي مكان في العالم.

لا نريد أن نحمّل العشر سنوات الماضية أكثر من طاقتها لأن تراكم الفساد أضحى من المحال تفتيت أجزائه بسرعة ولو استخدمنا كل مطرقة على وجه المعمورة ولكننا نحمل الذنب للجيل الماضي بكافة أشكاله ومختلف طبقاته لغض طرفهم عما حيك من مؤمرات فساد تمت ترجمتها قديما وتثبتت جذورها في أعماق الأرض بيد أنها لم تتكشف إلا في العشر سنوات الأخيرة نتيجة سهولة الحصول على المعلومة من جهة ونمو الوعي والإدراك الذهني في مواطنينا ومعرفتهم بمأساة غياب العدالة الاجتماعية، وقد كانوا يظنون أنهم سواء وأنه إن لم يجد أحدهم ما يأكله فهو حال كل الشعب، فسقوط هذه النظرية أشعل نار الشارع ولكن ضمن مشعل يتفانى في الطلب والأخذ والرد والإلحاح.

وإن كانت التخاصية وهي طريقة متحضرة في إدارة مؤسسات الدول قد صبت في مصلحة فئة دون أن يلمس مردودها المواطن العادي إلى جانب تكرار المساس بالمال العام ممن يعتبرون أنفسهم فوق المحاسبة، فديمومة الضغط الناعم تعد بمثابة معول مساعدة لإرادة الملك للإطاحة بهرم الفساد في الأردن من قاعدته إلى قمته.

محمد جمال الرفوع



تعليقات القراء

أحمد عياد
يبقى الملك سيد الموقف وهو دائما في صالح الأردنيين
11-12-2011 12:57 PM
امل
والله ما بستاهلونا لانهم شعب من كثر المصاري اصبح طاغي لا يقدر النعمة التي خصهم بها الله عزوجل
11-12-2011 01:22 PM
منال الشوا
إحنا أرقى وشكرا للملك إذا كان انحاز فعلا
11-12-2011 02:25 PM
ابو خليل
كلام جميل بس الخوف نفقر .... معنا
11-12-2011 03:15 PM
أيمن
أن الخوض في مثل هذه القضايا ليس بالسهل ابدا ، لان ملف أنضمامنا الى مجلس التعاون ملف خطير اذا ما تم فتح ملف الوطن البديل الذي يرتباط ارتباطا وثيقا معة وخطير أيظا أذا ما تم فتح ملف سوريا الملف الذي يضغط على الاردن من جهه أخرى ، شكرا اخ محمد متمنيا لك مزيدا من التقدم ككاتب اردني فذ
11-12-2011 03:20 PM
ابو مراد
ان هذا النهج الجديد سوف يقلب موازين الامور الى الافضل طبعا
11-12-2011 03:22 PM
البورصا
وين مصاري البورصات
11-12-2011 03:23 PM
ابو خليل
الى تعليق رقم5 ان الامور لاتفسر حسب تحليلك بل انها خطوه عين الصواب في ظل الظروف الصعبه دون فتح اي ملفات
11-12-2011 03:25 PM
ابو سيف
انااحترم هذه الكتابات التي وان دلت تدل على الوعي الذي اصبح فيه كتابنا شكرا لكاتب المقال

11-12-2011 03:28 PM
جميل
الي تعليق رقم 5 انتا على اي مقال تعلق شو دخل الملفات في القصة

11-12-2011 03:31 PM
هذلول
الكاتب الكريم و بعض المعلقين

دول الخليج لم تطلب منا الانضمام بل تم فضه عليهم(و عندما ذهبت السكره و جاءت الفكره) تململوا و بداوا بالتفكير في كيفية الهروب
11-12-2011 03:33 PM
سعودي
حياكم الله واحنا ننتظر الفرصه على شان نتوظف عندكم
11-12-2011 03:33 PM
أحمد السعودي
مقال في غاية الروعة استاذ محمد
فعلآ حطيت ايدك ع الجرح
11-12-2011 04:18 PM
هذلول
الى صاحب التعليق 12

انا احيي كل ذكي
11-12-2011 04:32 PM
عاكف طبيشات
ولكننا نحمل الذنب للجيل الماضي بكافة أشكاله ومختلف طبقاته لغض طرفهم عما حيك من مؤمرات فساد تمت ترجمتها قديما وتثبتت جذورها في أعماق الأرض

100/100
11-12-2011 06:04 PM
عفاش ولد شلاش
الى ....
اي فكنا من البورصه انته بكل تعليق بدخلها ياخي فكنا منك زهقتنا والله مين الي قلك تمشي وراء الطمع والجشع اي والله لو انك ربحت بالبورصه غير خشومك بالسماء فكنا منك ومن بورصتك هاي
11-12-2011 07:22 PM
الدكتور عدنان عوّاد
ودوما يبقى الأردن هو المتميّز بقيادته وشعبه وأرضه,,كما هو هذا المقال فكرا وأسلوبا ومعنى ومغزى ,,,سلمت أخي محمّد
11-12-2011 10:49 PM
خليل سبايله
تحياتي محمد...
قضيه الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي ليست قضيه اقتصاديه ولا قضيه حمايه ودفاعيه بقدر ماهي سياسيه تقوم على توطيد العلاقات بين البلدان المنضمه الى المجلس لا ننكر اننا بحاحه الى مثل هذا الانضمام بموجب الازمه الاقتصاديه التي يمر بها الاردن في هذه الظروف العصيبة بقدر ما تحتاجه دول الخليج من امن وحمايه يمتاز بها الاردن على الصعيد العالمي بلد الامن والامان ومصلحه الخليج من الانضمام افتقارها الى اصحاب الخبرات العلميه واصحاب العقول النيره والتي نتميز بانتاجيتها , الكل مستفيد من هذا الانضمام تبادل مشترك , ربي اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وارزق اهله من الثمرات
رد من المحرر:
آمين
13-12-2011 04:00 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات