البلـــــدية أولاً


كانت الثورة الصناعية في أوروبا الولادة الحقيقية لنشوء الدولة الحديثة ، بكل المفاهيم الحياتية ، والأمنية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، وظهرت بعد دراسات بحثية وميدانية كثيرة أنظمة وقوانين لحماية المكتسبات لهذه الثورة ، وبناء الدولة الحديثة ، وذلك بتحديد العلاقة المتبادلة مابين الدولة والمجتمع ، وبين أفراد المجتمع مع بعضهم البعض ، وبدأت تظهر النقابات المهنية ، والجمعيات الإنسانية ، والأحزاب الفكرية ، والأندية ، ومن ضمن نتائج الثورة الصناعية ظهر مفهوم البلديات كمركز وطني مستقل لتقديم الخدمات الاجتماعية ، والصحية ، والاقتصادية للمجتمع المحلي ، في الوقت الذي ظهرت فيه فكرة المحافظات كما نسميها عندنا لتقوم بالدور الأمني ، والسلامة العامة للمواطنين ، مع التأكيد على ضرورة التنسيق ما بين جميع ما ظهر لصالح المواطن .
أصبح للبلدية الدور الأكبر في حياة أفراد المجتمع ، لأنها الأكثر مساساً بشؤون الحياة العامة ، من هنا كان التنافس فيما بين البلديات لتقديم الخدمات الأميز من منظور الانتماء للبلدة ، ولأهالي البلدة ، ومع مرور الزمن أصبحت البلدية تُمثل المركز الوطني الأهم عند أفراد المجتمع ، وبالتالي أصبح مهمة اختيار المسؤول عن هذا المركز مهمة وطنية بامتياز ، لا تقل أهمية عن الخدمات التي تقدمها البلدية ذاتها ، وأصبح ما يُشغل بال المواطنين من نختار لهذه المهمة الوطنية ، والإنسانية ، والاجتماعية الثقافية ، وأصبح هاجس المرشحين لهذا المنصب هو التفكير بآليات حديثة ، وبأساليب ممكنة لتقديم الخدمات ، من هنا ظهرت مرة أخرى فكرة التنافس في العطاء ، وظهرت أفكار كثيرة للتجديد في آليات ووسائل العطاء والخدمات ، ومع الأيام أصبح منصب عمدة المدينة في أوروبا ، وأمريكا من المناصب العليا ، وذات مسؤولية كبيرة تنموية ، واجتماعية ، وعلمية .
اليوم نحن في الأردن أمام مسؤولية الانتخابات البلدية، وقد ظهرت بالتزامن مع أكثر من مشكلة أهمها ، تحديد حدود البلدية الميدانية ضمن صلاحيات خدماتها ، وميزانية البلدة ، وسقف صلاحياتها بالخدمات ، وأقول ما زلنا مربكين في المشكلة الأولى ، ولم نصل بعد إلى حل على اعتبار أن باقي المشاكل هينة ، وسهلة الحل ، وهي بالطبع ليست كذلك .
اليوم تواجهنا مشكلة لم نفكر فيها كثيراً قبل ذلك ، لأن العُرف الاجتماعي ، والخاصية العشائرية كانت طريقاً لنا في حل المشكلة ، لذلك لم نتوقف كثيراً ولا قليلاً للنظر في الحل ، وتجاهلنا المشكلة حتى برزت لنا فجأة كمشكلة قد تزيد إرباكنا ، إنها مشكلة المؤهل العلمي لرئيس وأعضاء البلدية التي أظهرت التباين الكبير في وجهات النظر ، واختلافات المواقف باختلاف التفسير ، ولمسنا بوضوح قوة العُرف والعادة في المشاركة بالحل ، فهل ما زلنا نعيش في عصر سابق لعصر الثورة الصناعية؟ وهل نحن عاجزون على الاستفادة من تجارب الآخرين في تسيير أمورنا حسب ثقافتنا ، وقواعدنا التربوية الراسخة فينا ، وحسب حاجتنا إلى دولة عصرية حديثة بأنظمتها وقوانينها. وهل ما زالت تحركاتنا السياسة - مشايلة – و – كيف ما قالو شالو - ؟ أما آن لنا أن نخدم الوطن الذي نحب ضمن معطيات العصر ؟ بعيداً عن المكاسب الخاصة ، والمصالح الشخصية ، إنني واثق أن بيننا الأصوات المخلصة والكثيرة التي تدرك حاجة الوطن إلى إعادة النظر في كثير من الأمور التي بحاجة إلى التحديث . فرفقاً بالوطن أيها المخلصون.



تعليقات القراء

محمد ابو عين
كلام جميل جدا تسلم يا استاذ يسار
08-12-2011 09:49 AM
هذلول


دكتور يسار

حتى يوضع وصف وظيفي لرئيس البلديه و شوط له(منها الشهاده الجامعيه .... الح)بعدين بنهرج
08-12-2011 03:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات