الحدود خطوط حمراء حتى لا تقع الحرب المفتوحة !


تتجلى مهمة الأردن الوطنية العربية من خلال إعادة دمج الإنسان العربي داخل الأردن المجمع العربي والإنساني ليشكل الأسس القادرة على التفاعل الحضاري ، وهذه الرؤية كانت أحد أهم الأسباب التي دفعت الهاشميين لتخلي عن القيادة العربية لإدارة مصنع التأسيس الوطني العربي الإنساني العام ، وبالطبع القيادة لم تفرض هذه الرسالة فرضاً على الشعب الأردني الحر ، وإنما وضعها الشعب كأحد أهم شروط البيعة للهاشميين، ومن هنا نستطيع تلمس الهوية الأردنية العربية الجامعة ، هذه الهوية التي تقتضي حدود لها خطوط حمراء حتى لا تقع حرب مفتوحة تحرم الأردنيين من ممارسة دورهم الذي مارسوه اتجاه إخوانهم الفلسطينيين والعراقيين ولبنانيين والسوريين وكل من تعرض من الإخوة العرب والمسلمين إلى ضائقة أو حرب أهلية أو دولية لا سمح الله ، وقد تنظر بعض القوى السياسية المحلية والإقليمية ، نظرة محيرة لجيشنا العربي ، وتصور ذاته على أنها مجبرة في أفعالها وليست مخيرة بتلك المهام الإنسانية العالمية ، والتي تشهد لها الأمم المتحدة ، ولعل ما حدث في الآونة الأخيرة على الحدود الأردنية دفعني للتوقف عند بعض المفاصل الأردنية والعربية والإسلامية والإنسانية عموماً ، وهنا قد تكون العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها الدول العربية وتركيا ضد سوريا قد تجاوزت كل الخطوط الحمر لكونها ذات تأثير لا يتوقف عند النظام السوري وإنما تصيب الشعب إذا ما تم تطبيقها بالكامل وبعض الدول المجاورة ، ونحن لا نريد أن نناقش ما إذا كانت تسهم هذه العقوبات في تفادي تدويل الأزمة السورية ، ولكن نذكر أن مثل هذا القرار لم يطبق على الشعب العراقي ، لأن نواتجه كاراثية ، كل هذا مقبول مع بعض التحفظات ، لكن أن يصل الأمر إلى حد تحريض العرب ضد بعضهم البعض عسكرياً فهذا أمر مرفوض قطعياً لكونه من الخطوط الحمراء والتي قد توقع كامل المنطقة بحرب مفتوحة ، وهذه الحرب ليست في مصلحة أي طرف إقليمي أو عالمي ، وهنا على المجموع العربي حكاماً ومحكومين ، ثائرين ومسالمين أن يدركوا أن جذر مشاكلنا يتأتى من السياسة الأمريكية في المنطقة ، حيث أنها لم تكتفي بشن حربها على أفغانستان والعراق وتمزيق النسيج الاجتماعي وضرب البنية التحتية للحياة العراقية لعقود من الزمن ، بل ذهبت تحرض على العنف والتطرف ، وتهيأ أسبات الإرهاب من خلال ما تسمية الفوضى الخلاقة ، وبكل وقاحة تحمل لواء حقوق الإنسان في الصين وسوريا وإيران ، وهي أول من مارس العنصرية وما زالت تمارسها بكل قذارة ، هذا عدا عن الويلات التي سببتها للشعب الفلسطيني ، وجميعنا يذكر محارق غزة التي هزت عرش الرحمان دون أن يهز جفن البيت الأبيض ، وها هي ترسل طائرات بدون طيار لكل من يعارضها في مختلف الدول على المستوى العالمي ، سواء في الباكستان أو اليمن أو أفغانستان أو أي دولة ، وبالطبع لا تكتفي بكل ذلك بل ذهبت تحرض الدول العربية ضد بعضها البعض وقد رأينا قبل أيام المناوشات على الحدود بين الجيشين العربيين الجيش الأردني والجيش السوري ! وهنا أريد أن أوجه سؤال للإدارة الأمريكية وبالطبع هذه الإدارة تعرف قبل غيرها أنني ضد كل حاكم يرتكب جرائم ضد الإنسانية سواء أكان حاكم عربي أو غربي ، والسؤال هو : بعد هذه القرارات التي اتخذتها الجامعة العربية ضد سوريا : هل عزل سوريا دبلوماسياً واقتصاديا وإنهاء دورها الإقليمي، سيمكنكم كإدارة أمريكية من تطبيق السياسات الاستعمارية في المنطقة ؟ هنالك مشروع أمريكي في المنطقة معروف ولم يعد خافياً على أحد ، وهذا المشروع يخدم الحليفة إسرائيل التي لا تمل ولا تكل من التحريض والفتنة الموجه لكل عربي مسلم ، وكسر شوكة أي مقاومة من أي جهة كانت سواء من سوريا أو لبنان أو مصر أو العراق أو أي جهة كانت ، ولا اعرف إن كانت الدموع الأمريكية تنطلي على الشعوب العربية التي تحاول أن تتناسى ملاين القتلى والمشردين على يد هذه الآلة العسكرية الأمريكية ، وكمواطنين عاديين نقول : لن تفلح كل سياساتك ولو سقطت كل الأنظمة العربية فلن تستطيعي تمرير برنامج واحد ، لقد أصبحنا كمدنيين جيوش داخل الجيوش وهذه المدللة إسرائيل لن تصمد لأيام ، ولو أن هنالك ذرة عقل عند هذه الإدارة المتخلفة ، لوضعت يدها في يد الشعوب ونبذت العنف والإرهاب وأرست قواعد السلام الحقيقية ليكون شرق أوسط مزدهر آمن يسهم في الانفتاح الاقتصادي العالمي والفكري والحضاري والإنساني بين الشعوب .
لكن ما تقوم فيه أمريكا العكس تماماً ، فحتى الفضائيات العربية لم تسلم من وحشية السياسة الأمريكية ، فأي قناة تحاول أن تفضح الوجه الحقيقي لأمريكا تتهم على الفور بالإرهاب وتتخذ بحقها أشد الإجراءات ، وجميعنا يشاهد كيف أن قنواتنا أصبحت في تواطؤ مع هذه الإدارة خوفاً من بطشها ، ليسوا حكامنا من يحكمنا بالحديد والنار، وإنما أمريكا التي لم تتوقف هجمتها الشرسة علينا كعرب ومسلمين ومن كافة الجهات ،وكمثقفين عرب ومسلمين بكافة أطيافنا السياسية والفكرية ملزمين بالتصدي لهذه الهجمة الشرسة التي لن تتوقف عند حد ما لم تجد وعي في الثقافة السياسية ، والولايات المتحدة التي تعمل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في المنطقة لا يمكن أن تتخلى عن مصالحها بهذه البساطة بسبب مظاهرات في هذه الدولة أو تلك ، هذه دولة كبرى عملت بكل جد على تشكيل ديناميكيات تجارية، اقتصادية اجتماعية، وسياسية إقليمية ، وهذا ما دفع باتجاه الاهتمام المتزايد بالدور الذي تلعبه بعض الحركات الإسلامية المسلحة في السياسة الإقليمية ، وبخاصة أن مثل هذه الحركات تهيأ أسباب تدخل أمريكا في المنطقة ، ما يعني أن دعم أمريكا للسلام عبارة عن غطاء يغطي أهدافها الحقيقية ، ولو عدنا إلى الدعم الأميركي للسلام في المنطقة لوجدنا أنه يرتكز على الحفاظ على أمن إسرائيل ، إضافة إلى الالتزامات الأميركية بحماية إسرائيل ضد تهديد نووي إيراني لا تزال قوية ، وإذا كانت الولايات المتحدة لا تعترف بأي من خطوطنا الحمر ، فإن ذلك يعود لخطوطها الحمر والتي لا تتوقف عند حماية إسرائيل ، بل تمتد إلى أمن الخليج والذي تشكله إيران ضد صادرات الطاقة العالمية ، وهذه من أخطر الأوراق التي لا يمكن المخاطرة فيها ، وهي الورقة التي تشكل للمنطقة ثقل سياسي مسموع لدى الإدارة الأمريكية ولولا هذه الورقة لذهبنا جميعاً في مهب مصالح أمريكا والدليل هذه الزعامات التي تتساقط تبعاً ، إضافة إلى تشابك المصالح الأمريكية مع كافة الأطراف والتي تشمل أمن التجارة الإقليمية والبنية التحتية للطاقة والحفاظ على علاقات طاقة ثنائية ومتعددة الأطراف في المنطقة، أي شبكة عنكبوتيه من المصالح المتعددة في الشرق الأوسط .
وتبقى سوريا الهدف لكونها تشكل المحور الإيراني ، وبخاصة أن التعاون السوري والإيراني أدى إلى تعاون مخابراتي في المنطقة وتحديداً في المناطق الملتهبة مثل العراق ، وبالفعل تم تنفيذ عمليات سرية في العراق ضد القوات الأمريكية من قبل البلدين ، أغضبت الجانب الأمريكي وأدت إلى استنزاف القوة العسكرية الأمريكية في الساحة التي من المفترض أنها خالية بعد سقوط البعث العراقي ، وبالطبع لا أمريكا ولا أعوان أمريكا ينسون أو يتناسون السعي السوري الدءوب نحو تعزيز الروبط مع إيران كي تلعب دوراً أكبر في السياسات الأمنية العربية في الخليج، نظراً للحالة البائسة التي كانت عليها العلاقات الإيرانية – الخليجية خلال الثمانينات ، و ظلت سوريا متشددة بخصوص إحباط أي جهد، بقيادة السعودية، للترويج لتسوية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي بناء على قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338 – لكونها تدرك مسبقاً أن أي تسوية لا بد وأن تكون على حساب موقع دمشق ومصالحها ، وقد جاءت ساعة ذبح الكبش السوري ، ولكن إياكم أن يكون الذبح عن طريق الجيش الأردني لأننا وبكل بساطة خارج حساباتكم القذرة والتي ستقلب في النهاية على رؤوسكم ورؤوس أعوانكم ، والمتتبع للمشهد الأوسطي يستطيع أن يضع كل كلمة وتصريح في مكانه الصحيح ، وعلى سبيل المثال : رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ، والذي انتقد الغرب عبر خطابه الذي قال فيه إن الغرب متراخ حيث ترك السوريين يموتون، وهذا التصريح جعل من اردوغان عرضة للانتقادات حيث يقول محللون سياسيون بالرغم من أن سوريا لا تمتلك نفطا إلا أن اردوغان له مطامع اقتصادية فيها، كما حدث في ليبيا التي سارع بالتدخل فيها لإنقاذ المعارضين الليبيين من بطش القذافي بهم ! وبالطبع تركيا لم تعد تركيا المعهودة قبل الثورات العربية فقد أصبحت مسموعة الصوت عالمياً وذات ثقل سياسي ليس خافياً على أحد ، ولكي ندرك الحجم التركي فإن أقل أوراقها اتجاه سوريا يتمثل في وقف إمدادات الكهرباء عن سوريا، وهذا سيكون مؤثرا جدا، لأن سوريا الفقيرة هي من ستعاني ، ولكني أذكر الإخوة الأتراك بحقيقة الإرادات الزلزالية ، وهنا لنفترض انهيار النظام السوري ، فكيف ترون المشهد في إيران والعراق الذي يعاني من وضع أمني متأزم في ظل الانسحاب الأمريكي ، والسؤال : هل ذلك لصالح تركيا ؟ أم أن كامل القضية أكلت يوم أكل الثور الأبيض ؟ من الواضح أن لا أحد يسمح للشعب وللنظام السوري في التأسيس لنظام ديمقراطي يكفل التداول السلمي للسلطة ، ولا أحد يدرك خطورة الوضع ما بعد سقوط النظام السوري ، أمريكا لا ولن تستطيع وبكافة أساطيلها أن تحمي إسرائيل ، وإذا كان الوضع بالنسبة إسرائيل خطير جداً فما هو السيناريو المحتمل في الأردن؟ وبخاصة إذا لم نتنبه بأن الحدود خطوط حمراء و من الانتحار تجاوزها حتى لا تقع الحرب المفتوحة .
sakhersalah@yahoo.com



تعليقات القراء

مدهش
مدهش
01-12-2011 11:47 PM
نهادا لدلو
ما هذا شيء فوق العادي ، بنك معلومات ، فضحت كل الخطط الأمريكية.
01-12-2011 11:49 PM
حمودة الوحش
يؤسفني أن اقول ان الافكار لدى البعض محدوده



و أود أن افصل بعض الامور لتتضح الصوره :



1- الرسول عليه الصلاة و السلام يقول ( لا تتمنوا لقاء العدو )

الشعب السوري شعب مسالم مسلم وصديق و اخ .. و العدو هنا بشار و عصابته و الشبيحه .



2- القادة اذكياء و ان اتضح في بعض الامور بعض ..ء لديهم .. يحدهم على .. بعض المصالح



سيناريو حرب لن يكون بالطريقة التي تتكلمون عنها راح تكون بأحد حالتين



الاولى ارسال عناصر مسلحه على الحدود السورية الاردنيه و عمل بعض المناوشات

وهذا ما يسمى بالحرب الغير معلن فقط مناوشات لاشغال الاردن عمل زعزعه في منطقة الشرق الاوسط

الاردن طبعا راح تكون دوله مدافعه عن حدودها وسوف ترسل قوات رمزيه وبسيطه

قناصه ومهمات خاصه وهي متميزه في هذا الدور بشكل فاعل وسوف تأخذ بعض الاحتياطات الرمزيه من ناحية تجهيز قوات و اسلحه بريه ودفاع جوي . الى أن تهدأ الامور او تظل متوتره على الحدود



السيناريو الثاني :

عند حدوث مشادات بين القوى الامريكيه و الروسيه ومجلس الامن مع وجود الضغط الايراني و ضغط حزب اللات ستكون المناوشات على جميع الحدود السعوديه من جهة الحوثيين و الاردنيه من جهة سورياو الاماراتيه و البحرينيه من قبل الحرس الثوري وشيعة ايران



الى أن ندخل فتيل الحرب العالميه الجديده او تكون حرب خليجيه عربيه جديده



^



^

^

اتوقع سيتاريو الحرب سوف تبدأ بالتدرج و ليس بالسرعه هذي والطريقه هذي تاخذ وقت



حمى الله المسلمين من الفتن

01-12-2011 11:58 PM
وليد الزعمط
كل التقدير والاحترام للأستاذ صخر مبيضين ولكل شريف ومجاهد وعاقل في هذا الزمان الذي كثر فيه المنبطحين والخونة والمتخاذلين وتحية لكل من يقاوم إسرائيل وأمريكا والغرب ولكم يا سيدي تفتح أبواب الجهاد بالحجة وكلمة الحق أأمر ونحن طوع بنانك أيه الرجل في عصر إنقراض الرجال ....
02-12-2011 12:12 AM
مجاهد عناب
انا لا أؤمن لا بالأمريكان ولا بزعامات العربية لأنه ( (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام)) هذه نظرتي إليهم والله من وراء القصد
02-12-2011 12:14 AM
جريد السرحان
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم.سيدي صخر المبيضين .أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدي إلا أن يهدى. الحق بين والباطل بين ولكن إنها لا تعمى الإبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.قل نسمع وأمر نطع ودع أصحاب الأحقاد يموتوا بغيظهم.والعاقبة للمتقين يا مبيضين ونحن لكم من الطائعين
02-12-2011 12:17 AM
عماد الضمور


لبيك يا أبن الأشراف يا أبن العترة الطاهرة والنسل الطيب يا حملة رسالة الإنسانية والسلام ، يا أصل العلم ومنبع الأدب وشجرة الأخلاق ، إن العقل ليحار بكل ما في الكون من محار إلا بما توفق مع الفطرة ، وأنسجم مع الفوائد ، يا أهل العلم ويا قوم السياسة ويا خير البشر وأنتم من سلالة سيد الكونين من عرب ومن عجمي

02-12-2011 12:23 AM
كرك
..........
رد من المحرر:
نعتذر...
02-12-2011 08:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات