ما في حدا أحسن من حدا


لقد عزمت بعد تقليب الفكرة يمنة ويسرة وصوب الأعلى والأسفل أن أمارس هواية مجتمعية متسارعة الانتشار في هذه الآونة، وهي أن أقود مسيرة شغب مثلي مثل بقية خلق الله، مستغلا الظروف المواتية لذلك من ربيع عربي محيط، ومستعينا بما يتوافر في الأزقة والحواري والزواريب من حاويات وكراتين فاظية، ومستغلا علاقة بعض أعواني بمحلات البنشرجية في المدينة الصناعية لتزويدنا بما نحتاج من دواليب تالفة وعجال منفسة أو مجبودة، آخذين بالحسبان ما سنجده في طريقنا من مخلفات صلبة وغير صلبة سنقوم بتدويرها على طريقتنا الخاصة.
وبما أن الفكرة ما زالت قيد البحث والدرس، فلا بد من الإعداد لها جيدا من حيث المطلب الشخصي الذي أبتغيه أنا ومن أمثل من ربعي وعزوتي. وسوف أبتعد عن الأسباب التي استند إليها من سبقوني لأنها استهلكت ولا جديد فيها؛ فلن اتخذ الفساد سببا مثلا حتى لا أقع في فخ تقليد الآخرين والتشبه بهم، ولن ألجأ إلى سبب الواجهات العشائرية والأراضي المنهوبة لزعيط ومعيط؛ لأن مساحة أطياني مكشوفة في دائرة الأراضي والمساحة. كما لن أعترض على إعادة الهيكلة لأنني من فيلق المتقاعدين الأبرار، وأن انحناء ظهري وتقوس هيكله لن يفيده عطار ما دام الدهر قد قام بفعلته على مدار ما يقرب الستين حولا. في حين لن يجدي اعتمادي على سياسات وبرنامج التحول الاقتصادي وما رافقه من تعثر ونهب للمال السايب لعدم ضلوعي في الاقتصاد ومجاريه ومنافذه وعبّاراته؛ ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه؛ حيث إنني لن أبلغ جواد العناني طولا ولا فهد الفانك عرضا مع حفظ الألقاب طبعا.
ولكن قبل الوصول إلى سبب مقنع لا بد من الاطمئنان إلى جاهزية الشباب والسحيجة والهتيفة والاتفاق على سقف الشعارات التي سنطرحها، ومن أين سنحضر العصي والمواسير التي ستحمل اللافتات وما إلى ذلك من استعدادات لوجستية مسبقة. وبالنسبة إلى بند المشاركين بهذه المسيرة فقد أوكل الأمر إلى لجنة المغاوير التي سيرأسها أبو حفيظة الملقب بالبرنس بسبب سطوته على عدد غفير من الشباب الذين كلفوا باقتلاع مواسير اللافتات المرورية من الشوارع لتعليق لافتاتنا عليها، كما سيستعملون الأخشاب التي ما زالت معلقة في الميادين والشوارع منذ آخر انتخابات بلدية ونيابية. أما اللجنة الإعلامية للمسيرة فقد أسندت إلى أبو العبد لأنه تبرع ببكمه كما تعهد بإحضار دي جي وكاسيتات غنائية لإحداث نقلة نوعية لم يسبقنا إليها أحد في مثل هذه المسيرات. ووعدنا أبو العبد أن يركّب شريطا غنائيا متنوعا؛ حيث سيبدأ المسير على أنغام أغان فرايحية مثل (دق ألماني)، وأغان أخرى حماسية مثل( نخللي عظامه تتطقطق) و( نقلع العين ال لدت تلانا) وسنلتهم من تراثنا الغنائي رائعة فهد بلان ومعلقته( ويلك يللي معادينا) التي سنواجه بها الأعادي من رجال درك وأمن عام في لحظة الالتحام بهم ومواجهتهم. وسيقوم ابن أبو العبد القابع في مؤخرة البكم في التحكم بالصوت وتوجيه المكبرات، واختيار نمط الأغنية المناسب وفقا لتطور الأحداث مع العدو المتربص بنا على تخوم المنعطفات والكوربات. كما سنضع مجموعة من المباني نصب أعيننا لتدميرها مثل المدارس والدفاع المدني مثلا، وإن مررنا بمسجد أو جامع فلا حرج في ذلك. وبالنسبة للشعارات التي سنرفعها، فقد أوكلت إلى لجنة منبثقة عن اللجنة الإعلامية التي يرأسها أبو العبد، وستكون هذه اللجنة مسؤولة أمام التاريخ في هدم سقف الأجهزة الأمنية كافة ابتداء من دائرة المخابرات العامة وانتهاء بالمؤسسة العسكرية التموينية، ولا بد أن تعود هذه اللجنة إلى الخبرات الصومالية وأدبيات حرب الشوارع والزواريب في هذا الشأن. هذا، مع الأخذ بالحسبان تسليح الشباب بالدبس والقناوي والشباري والشفرات وقنابل المولوتوف إن تعرضنا لأي حركة التفافية من سرايا الأعداء.
وفي اليوم الموعود لمسيرة الشغب هذه، تم الاطمئنان على الفنشنك الأخير، واستعنا بنوازع الشيطان، ولكن قبل أن نبدأ المسيرة طرح أحدهم سؤالا من خارج المنهاج مستفسرا عن مطلب أو مطالب المسيرة الذي سنواجه به الصحافة وفضائيات الجزيرة والعربية والBBCعندما نُسأل عن ذلك. هنا، أسقط في يدنا جميعا حيث أعددنا العدة لكل شيء ولكل طارئ، ولكن لم نتدارس بعد السبب الذي نعزو إليه شغبنا وعرطنا. وبقي الأمر كذلك نتخبط بين حيص وبيص حتى قال أحد الخبثاء: بلا سبب بلا فجل، ما حدا قاري ورق. مثلنا مثل غيرنا وما بيش حدا أحسن من حدا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات