أذكر جدتي رحمها الله حين صرخت في إحدى حفيداتها قائلة : لغويص شاي روحي غاد؟!! كنت في العاشرة وحاولت التعرف على مكامن الغضب الذي حدا في جدتي ان تعلن سخطها على حفيدتها التي لم تتجاوز الخامسة عشره!!!! قلت خيرا تعمل شرا تلقى... البنت عملت الشاي وقدمته على الأصول بتواضع تام مظهرة احترام جدتها المتمكنة الجهبذ!!! أطلت بنتها التي تجاوزت الأربعين وجلس عند جدتي فحاولت ان استرق السمع وأحصد نصيحة !! قالت يا بنيتي حرام عليك بنتك استجوزت وللحين ما بتعرف تسوي كاسة شاي؟!!! جابتلي إياها لغويص(شاي معكر)!!! انتهى الحديث فهمست الأم الكهل في إذن بنتها التي لم تتوانى لحظة في الجلوس لجانب جدتها التي قالت: الشاي كيف ...اغلي المي وخليها تركد والشاي بده نار (هادي) وبده نعنع وكمية سكر وشاي أسود (بقدر) وتدملي الإبريق حتى ما (يبرد الشاي) حتى يطلع الشاي زي دم العصفور ويقولوا عنك (معدله) ويجوزوك... قلت النصيحة بجمل ...فقدنا هذا الجيل الجبل الذي يعرف متى يتكلم ومتى يصمت ..ليت جدتي تجلس على قارعة الطريق زي أيام زمان لتشاهد من يحمل (عجل) ويحرقه لينفذ دخانه المفعم بروائح كريهة وسناج قاتل لقلب المتاجر والبيوت المجاورة؟؟؟؟؟؟ لتشاهد الدخان المنبعث من جسد العجل كيف يحرقنا ويفتك بنا !!!! لتشاهد انحباس أنفاسنا وغضب رئتنا وتضمرها من دخان لا يرحم...دخان أسود بلون داخلنا الذي أعلنها بلا هوادة (تشليط من الأخر) تحت مسمى ثورة واصلاح لنمكن لاعتصام افتعلناه لقتل الأخر الذي دفع دم قلبه في متجر يأكل منه رزقه ليت جدتي تصرخ في وجه هؤلاء وتعلمهم كيف يكف الأذى وتعلمهم كيف نصرة المظلوم وتعلمهم الحيف والكيف فشاي اللغاويص يشبه عجلات اليوم التي تحتاج الى إدراك وتبصر قبل إشعال عجل يشعل فينا الحقد ويولد البغضاء ويقتل القيم الإنسانية وطيبة أهلنا التي ورثناها كابر عن كابر.