دروس غزة


لا شك أن الحرب الظالمة التي شنها الصهاينة على غزة ذات دلالات وعبر لا بد ان يعكف عليها الدارسون لاستخلاص الفوائد والدروس، وستتناولها المعاهد العسكرية والسياسية والتاريخية.

فدرس غزة أكد لنا على الطبيعة الاجرامية للكيان الصهيوني الذي لم يغيّر صورته التاريخية القائمة على المجازر من دير ياسين وحتى غزة مرورا بعشرات الاحداث الدموية على أيديهم كعصابات ودويلة تقذف بكل قوتها على شعب أعزل.

وإذا كانت المجازر التاريخية لم يعلم بها إلا القليل، فإنّ مجزرة غزة، ودماء أطفال ونساء وشيوخ ورجال غزة، قد رآها الجميع، وهذا ما حرّك الساحات الشعبية في العالم أجمع.

وقد أكدت غزة على قدرة (الضعفاء) إذا تحلوا بالإرادة على الصمود والمقاومة، فالقتال إرادة وعنوانها عدم رفع الراية البيضاء، وعدم استجداء العطف والرحمة من القاتل إذْ لا فائدة من ذلك.

ومما نأخذه من غزة الدرس القديم الجديد وهو حالة البؤس التي تعيشها العلاقات العربية حيث لم يستطع هذا الجسم العربي من المحيط الهادر الى الخليج الثائر ان يوقف هذه المجزرة، والسبب تفرقنا وضعفنا.

واذا كانت اليوم المجزرة على غزة فلا يدري الناس اين يكون الهدف القادم لاعداء الامة، فقبل غزة كانت العراق وتكررت المأساة، فهل يستطيع العرب ان يأخذوا الدرس ام انهم سينتظرون رؤية الثور القادم وذبحه.

ورأينا في محرقة غزة اننا امة مكشوفة، فكيف يبقى حالنا دون اعداد، ونحن نرى اعداءنا يتآمرون علينا ويأكلوننا واحدا تلو الآخر، ان الدول والشعوب مدعوة لوضع كل الاحتمالات، فالخصم لا خلق له ولا شرف بل يبني عمله على مصلحته الاستراتيجية، ولهذا لا بد من (اعداد) مادي ومعنوي حتى تكون الامة قادرة على مواجهة التحديات التي لا تقف عند حدود الصهاينة فحسب، وان الجريمة التي وقعت في غزة توجب على احرار هذه الامة المطالبة بدم الشهداء وعلى اقل تقدير (تقديم قادة الصهاينة الثلاثة: أولمرت، وباراك، وليفني) إلى محكمة الجزاء الدولية بغض النظر عما قد تسفر عنه تلك المحكمة، وعلى الجميع أن يتحرك باتجاه منظمات حقوق الإنسان، ويزودها بأشرطة المجزرة بالصوت والصورة، وما يمكن ان يلتقطه الصحفيون حينما يدخلون غزة ويصورون الدمار الهائل الذي لا يجوز أن يتكرم العرب ببنائه بل على إسرائيل ان تدفع ذلك لانها هي التي دمرت المساجد والمدارس والبيوت والبنية التحتية.

يبدو اننا لسنا جسداً واحداً، وإذا تداعى جزء فإن تداعيه ضعيف لا يعدو كلمات وهتافات. بكل المقاييس دمّرت إسرائيل وقتلت لكنها لم تكسب فقد اثارت كل شوارع العالم ضدها والتفت حول المقاومة التي دافعت عن الطفل والمرأة والمسجد والكرامة بما ملكته من قليل العدد والعُدّة.


د. بسام العموش



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات