ثورات مُـعلبّـة


منذ أن سقطنا راجفين أمام ثبات قواعد الدين الحنيف ، ومنذ أن ذُبحنا من الوريد إلى الوريد بسيوف الفتنة ، بعد أن فشلنا في حل نزاعاتنا ، ومنذ وصول أول خنجر فارسي إلي ظهر حاكم عربي مسلم ، ونحن نبحث عن خناجر غربية لأجساد الحكام العرب باسم جديد الحماية الدولية ، بعد أن تفرقت كلمتنا ، وتعددت راياتنا ، وتنوعت أسماء حكامنا ، وكثرت أحزابنا المُوالية ، والمُعارضة ، وبعد أن طابت لنا الإقامة في دول غارقة في الفساد .
حالنا العربي ، وحالتنا الإسلامية لا تسر صديقاً ، وبالتأكيد تُفرح عدواً يسعى إلى أن نبقى نراوح مكاننا ، وأخشى أن نستسلم لهذه الحالة كما يستسلم المريض لمرضه العُضال ، لقد أصبحنا أمة تضحك من جهلها الأمم ، بعد أن كنا أمة تستنير بها الأمم .
كيف وصلنا إلى هذه الحالة ؟ وكيف الخروج منها ؟ هذان السؤالان لم نلتفت إليهما ، لأننا غارقون نحن في منازعاتنا القبلية ، والعشائرية ، لأننا لم نعد أمة يوحّدها دين ، أو قومية ، أو جغرافية وطن ، لم نعد نستطيع الآن أن نكون عرباً ، أو مسلمين ، إننا دول أفراد بكل ما تعنيها هذه المفردة ، نعم لقد مررنا بمرحلة من مراحل سقوطنا كنا فيها دول الطوائف ، لكننا اليوم نعيش مرحلة أكثر سقوطاً ، وإيلاماً نحن فيها دول أفراد ، ورحم الله جبران حين قال : وبلٌ لأمة كلّ فرد فيها أُمة .
كان خنجر أبي لؤلؤة أول خنجر غربي في ظهر حاكم عربي غدراً ، وربما كان دافعه الانتقام من هزائمهم ، أمام انتصاراتنا عليهم ، بمعنى أن فارسياً بدوافع فارسية ، وبخنجر ويد فارسية قتل حاكماً عربياً مسلماً ، واليوم الغربي ، وبدوافع غربية ، وبخنجر غربي ، وبيد أبي لؤلؤة العربي يقتل الحكام العرب ، الذين نهبوا أموال شعوبهم ، وقتلوا ، وعذبوا هذه الشعوب ، وحين فشلت هذه الشعوب في حل نزاعاتها ، كانت الفتنة الثانية حين استعانت بالخنجر الغربي .
كل شيء عندنا مستورد والحمد لله من الغرب ، الفكر ، والثورة ، والحكام ، والفساد ، والقتل ، وأساليب التعذيب ، والشعرات الحكومية ، وشعارات المعارضة ، كلها مستورد ومعلّب ، وربما قد انتهت صلاحيته .
نعم ،اليوم ما زلنا عند كل مصيبة نبحث عن خنجر غربي لنغرسه في ظهر الحاكم العربي ، فبئست بدعة أبدعتها يا أبا لؤلؤة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات