خُزُق وخوازيق


ألغى الدكتور محمد نوح القضاة عطاء بقيمة 40000 ألف دينار لإغلاق ثقب صغير في سقف قصر الثقافة في مدينة الحسين لاتزيد كلفة إصلاحه على 50 دينارا. هذا ما تناقلته وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية هذا الأسبوع. وهذا النبأ يعطي مؤشرات عديدة عن بعض صنوف التسيب والتحايل الذي يُمارس صباح مساء في مؤسساتنا ووزاراتنا من خلال بند العطاءات الذي ينخره ألاعيب السمسرة والتنفيع والرشى عندما تُطرح جانبا مخافة الله وتحمل الأمانة التي حمِّلوها. فإذا كان إغلاق( خزق زغير) يكلف هذا المبلغ الباهظ فما بالك بتكلفة إغلاق خوازيق عديدة مغروزة في جيوب اللجان التي تشكل لمثل هذه المشاريع وأدراج مكاتبهم!!
هذا الخزق في ذاك السقف، كم شكلت له لجان لتدارسه وحصر ضرره؟! وكم اجتماعا عقدته هذه اللجان بعد الدوام الرسميّ للحصول عل بدل العمل الإضافي- ربما-!! وما الأسلوب الذي طرح به العطاء!! ومن هي الشركة سعيدة الحظ التي ستسد هذا الخزق بذاك المبلغ المرقوم!! ومن، وما، وكيف، ولماذا... والعديد من الأسئلة المشروعة التي ستوجه في حال حصول ذلك.
هذا خزق من خوازيق يتناقلها المواطنون في جلساتهم وتعاليلهم وأماكن عملهم؛ ابتداء من هذا الخزق وليس انتهاء بملفات عديدة بعضها يرفرف بأجنحته في مكاتب هيئة مكافحة الفساد حتى يبتّ بأمرها لتحويلها إلى العدالة، وأخرى بين أيدي القضاء، وأخرى ما زالت طليقة يكثر الحديث عنها وعن أصحابها حتى أصبح ذكرها وتعدادها مملا لكثرة ما كتب عنها وتداولها في المواقع الإخبارية والصحف المحلية وغير المحلية، وفي وسائل الإعلام كافة.
منذ أن وعينا على الدنيا ونحن نسمع مقولة: البراطيل خرّبت جرش؛ وما أدراك ما جرش! فإذا كانت البراطيل والرشوة قد فعلت ما فعلت بجرش وفقا لهذه المقولة، فما هي الحال إذا كانت جرش حاضرة في- بعض- مشاريعنا وعطاءاتنا الحكومية؛ الخدمية منها وغير الخدمية. فإذا كانت هذه البراطيل قد خربت جرش أهم مدينة في الديكابولس، فلا يُظنُّ عندئذ أن تنجو ربة عمون – لا قدر الله تعالى- إن بقيت أسماء الفاسدين تنتقل من موقع وظيفي إلى آخر، ومن كرسي إلى كرسي، حتى وُصِف هؤلاء بالجواكر، بل وزد على هذا بأنهم كالبناكل، وبأنهم ذوو سطوة توازي سطوة القصّ والشايب، بصرف النظر أكان من البستوني أو الديناري؛ فكلهم على طاولة القمار والميسر سواء في الأذى الذي يعود على عباد الله فقرا وبطالة وعنفا اجتماعيا يسود الأسر والعشائر والمدارس والجامعات، ومعيشة ضنكى عضت بنابها الأطفال الرضع والشيوخ الركع واليتامى الخشع كما يقال، وقطعت أواصر الثقة وانعدمت بين المواطن والمسؤول؛ فما إن يبدأ الحديث عن قضية فساد ما حتى تتقاطر القضايا المشابهة واحدة تلو الأخرى، ليظن حينها فعلا أن الفساد شركة قابضة تسيطر على شركات فرعية أخرى ماليا وإداريا؛ مقاولات، إسكان، اتصالات، سياحة..... وما خفي قد يكون أعظم.
وليس أخيرا، لكل خزق سعره وفقا لمساحته أو حجمه أو أهميته؛ فليس كل خزق خزقا، حيث يصل بعضها حجم جسر أو نفق مثلا، وآخر إلى حجم ومساحة سكن أعد ليكون كريما، فإذ به يتحول ذميما قبيحا. فالخزق في باص سريع ليس كخزق في باخرة، وتلك هي حال الدنيا وأحوالها؛ فكرسيّ الوظيفة العامة دوار، إذا امتطيته اليوم فسيلفظك غدا أنت (وبراثيعك) وعفنك إن ألقيت مخافة الجبار جانبا، وتماديت على حقوق من ائتمنك من عباد الله.




تعليقات القراء

هذلول بن متعب
الخبر لا يزال طازجا و يندرج وصفه تحت كلمة (مثير)واذا تبين صحة ان كلفة معالجة (الخزق)كما تصفه هي 50دينارا فالمطلوب من معالي الوزير ليس فقط الغاء العطاء بل تقديم من تقدم به ودرسه واحاله للمحاكمه
23-11-2011 12:44 PM
اخي يسري
لك التحية والاحترام
24-11-2011 08:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات