فكرة رائعة .. راودت أحلام جميع المفكرين والكتاب والأدباء والشعراء على مساحة الوطن الغالي في أردننا الحبيب .. وفرحة داعبت مشاعرهم ، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والأدبية ، ما لبثت أن تبددت كل الآمال لدى الكثير من هؤلاء المتشوقين لولادة مثل هذا السبق الثقافي ، الذي كنا نتمنى أن ينجح دعاته في استقطاب كوكبة من المثقفين الذين كانت توقعاتنا وأمنياتنا بأن يكونوا على مستوى عال من المسئولية الفكرية ، كل في موقعه ومجاله الأدبي .
الغريب في الأمر .. أننا لم نعد نسمع أو نقرأ أو على الأقل نعلم عن هذه الرابطة أي شيء ولا أين وصلت ، ولا عن ميلاد هذه الرابطة التي كانت مثلما أسلفت حلم كل مفكر أردني ، لكنها على ما يبدو أصبحت حكرا على بعض الحالمين ، أو الذين يسعون إلى استغلالها على طريقتهم كمؤسسة نفعية ، يمكن أن توصلهم إلى ما يطمحون ، أو ربما ظنوا بأن المناصب القيادية التي أصبحت شاغرة نتيجة عزوف بعض الكتاب عن المشاركة فيها أو الانضمام إليها رغم قناعاتهم بأن هذه الرابطة هي ملك لكل مفكر أردني مقتدر ثقافيا وعلميا ، ومؤهل بأن يكون بارزا في عطائه ، متميزا في حسن أدائه وإدارته لهذه الرابطة .
وقد أعزوا عدم رغبة الكثير من الكتاب والمفكرين بالترشيح لأي منصب قيادي في هذه الرابطة إلى ميول بعض الزملاء ممن أطلقوا على أنفسهم مسمى اللجنة التحضيرية ، والذين ظنوا أن من حقهم استبعاد من يشاءوا أو تقريب من يشاءوا من الكتاب على أساس مصلحي مائة بالمائة بل وليكن المؤسسون لهذه الرابطة هم جماعة يمكن توجيههم عن طريق (الريموت كونترول) أو بإشارة من إصبع أحدهم ، وكان ذلك بالفعل واضحا للعيان عندما تم الاجتماع من أجل اختيار الهيئة التحضيرية ، في شهر سبتمبر الماضي ، وكل ما حصل في ذلك الاجتماع من مهاترات ، كان من شأنه تعزيز الكراهية والخلافات بين الأعضاء ، فانفض الاجتماع وكان ما كان من سلبيات ، خبثت الخواطر والنفوس ، وخرج الغالبية العظمى من الكتاب بمحصلة كئيبة لا يمكن تخيلها أو تصورها ، على مستوى نخبة من المثقفين المعروفين . نعم غادر الجميع ، ولم يكن هناك أي قناعة تذكر لدى الكثير من المجتمعين بأن الفكرة تسير بالاتجاه الصحيح ، وقد أجزم بالقول أن ما لمسناه من خلال الاجتماع بأن هناك تحيز ملموس لدى من سموا أنفسهم باللجنة التحضيرية لاستبعاد أشخاص لهم وزنهم في عالم الكتابة والأدب ، وتعمد اختيار أشخاص تبعا لهوى في نفوسهم .
كان من الأجدى والأنفع أن لا يذر هؤلاء سبيلا يؤدي إلى توافق الآراء لدى الجميع إلا سلكوه ، لكن المسألة كانت على ما يبدو تدار بطريقة خاطئة ومتعمدة قد ترضي أهواء أشخاص حادوا عن الطريق القويم ، وعسى أن لا أكون مخطئا إن قلت ولو بسري ربما كانت لهم أجندتهم الخاصة ، وأكثر من ذلك .. فالحقيقة فقد كانت سلوكيات البعض مخيبة للآمال .
لم أر أي مبرر أو داع لما حدث هناك ، لأن المشادة الكلامية والهجومية ابتدأت من قبل بعض الأشخاص على موقع الفيس بوك قبل الاجتماع بأيام ، كانت بالفعل تنم عن نزعة عصبية تماما كعصبية الجاهلية ، وعلى ما يبدو فقد خرج الشخص المعني كثيرا عن الإطار الجميل الذي كان متوقعا لدى المجتمعين ، وكدت أن أكون أنا حصبا لذلك الخلاف وتحملت في سبيل التغاضي عما سمعته من تحد صارخ وتهديدات ووعيد لأشخاص آخرين ما تحملت ، وآليت على نفسي إلا أن أبقى متحملا لذلك حتى لا أنزلق إلى مستوى لا أحسبه من مستواي ، ولأنني لم أجترح كمثله من سيئات طيلة حياتي .
رابطة الكتاب الإلكترونيين .. أحسبها تنبت الآن وتنمو في الظل والخفاء بعيدا عن الأعين والأنظار ، بقيادة أناس لا يريدون لها سوى أن تكون حكرا على بعض الأشخاص ، كما أشرت في سالف حديثي ، ولكن إذا ما أريد لهذه الرابطة أن ترى النور ، فلا بد من أن تقام على عواتق أناس مفكرين عدول وشجعان ، يمكنهم أن يتحملوا المسئولية كاملة ، وعليهم أن لا يلجئوا إلى أسلوب الاستبعاد هذا من الرابطة ، من يرغب في أن يكون عضوا بارزا ولو على مستوى اللجان القيادية والتأسيسية والتحضيرية ، على شرط أن تُنزه كل المسارات عن التلاعب والاحتكار ، وعلى الذين يستخدمون الألفاظ التي لا تصلح للصياغة على هذا المستوى ، ولا على أي مستوى آخر ولو كان أدنى من ذلك بكثير .. وعليهم أن يخلوا سبيل الحريات أمام أصحاب الحجا والرأي والفكر ليقولوا كلمتهم ، وليشقوا طريقهم حتى وإن أدى ذلك إلى حدوث تغيير جذري في الأسماء والمسميات ، لئلا تكون هذه المؤسسة الثقافية كباقي الجمعيات والأنشطة الاعتيادية التي لا جدوى منها ولا روح فيها ، لا أن تكون خواء بدون روح ، أو تلعب بها عبثية البعض كما تشاء .
من هنا .. فكم أتمنى على اللجنة الحالية لرابطة الكتاب ، أن تفصح عما يدور هناك في الخفاء ، وأن يعلنوا صراحة عن مجريات الأمور ، وعن مآل طلبات العضوية لبعض المنتسبين لهذه الرابطة ، والذين استبعدوا بطريقة غير مسبوقة هي عبارة عن تحد للمشاعر وهضما للحقوق ، وبتخطيط هو أقرب إلى الأنانية ، ولا يمكن القبول به أبدا ، وعلى هؤلاء الزملاء إن كانوا صادقين في نواياهم ، أن يقوموا بتحديد اجتماع آخر جديد ومعلن ، على أن يكون محكم الإعداد وعلى أن توجه الدعوات لكل الأعضاء دون استثناء ، على أن يترك المجال مفتوحا لحرية الرأي والكلمة والاختيار على أسس علمية وأدبية وثقافية متحضرة .
إن الكثير من الكتاب وأصحاب الفكر يشعر بالظلم ، لما لحق بهم من تجاهل واستبعاد عن طرح أسمائهم في منظومة رابطة الكتاب ، بدون مبرر أو سبب يمكن أن يحترمه الجميع ، وعلى أساس منطقي يكون مقبولا من قبل تلك الأطراف التي تم تجاهلها عنوة ودون سابق إنذار ، بل كانت الغاية سقيمة وعلى ما يبدو فقد كان مخطط لها لتنشأ الرابطة بالخفاء وبمعزل عن باقي الأعضاء الذين كانوا يؤملون أن ينتسبوا لها على أسس سليمة ، وليتم الاقتراع بالطرق الصحيحة والقويمة والتي لا تجعل لدى أي عضو مجالا للشك أو الريبة .
كما أنني آمل ممن قد يطاله الحديث ويزعجه إلى الحد الذي قد يخرجه عن طوره مرة أخرى ، أن لا يعود للخروج بنفسه من دائرة الهدوء المكثف ، لأن هذه المرة ليست كسابقاتها ، ولن يكون بمقدورنا التغاضي عمن يتسبب بالإساءة لأي شخص ، لأن الموضوع هنا موضع أدب وثقافة وعلم ، وليس موضوع تحد ومهاترات وشتائم وتهديدات . وآمل من الزملاء جميعا أن يوجهوا كل جهودهم نحو ما يفيد إن كانوا بالفعل يودون الوصول إلى المبتغى . . والله من وراء القصد .. وهو الهادي إلى سواء السبيل ...