التنمية والشركات متعددة الجنسيات والبطالة


تسعى دول العالم الثالث لاستقطاب الشركات متعددة الجنسيات للاستثمار لديها حيث تقوم بتخصيص هيئة لتشجيع الاستثمار فيها فتنشط في الدعاية للمجالات المتوفرة للاستثمار من اجل الإسهام في التنمية الإقتصادية وكذلك للمساهمة في حل البطالة من خلال إدخال هذه الشركات لرؤوس الاموال وإدخال التقنيات والأساليب الحديثة في مجالات القطاعات التي تدخلها.
تعمل الشركات متعددة الجنسيات على جلب تكنولوجيا ووسائل إنتاج فنية وإدخال معدات وتقنيات تعتمد على إستخدام أيدي عاملة قليلة كونها تستخدم تقنيات مطورة إستجابة لتطور بلدها الأم مصممة لتقليل الأيدي العاملة لتوائم بين فائض الإنتاج والكلفة القليلة وبهذا تكون فرصة الأيدي العاملة المحلية قليلة جداً لا تحل مشكلة البطالة التي تعاني منها الدول المضيفة، وأي مستثمر يفكر أولاً بالأرباح وثانياً بالأمن وثالثاً بتوفر مصادر إقراض مناسبة ورابعاً بالسيطرة على السوق وعند النظر الى هذه الشركات نجدها في بداية الامر يكون رأس مالها مدخل كمعدات وأصول في شركاتها وهذه الأصول تفقد جزء من قيمتها حسب مدة الإستخدام ومدة تواجدها في الدول المضيفة لها ولسرعة التقدم وتطور التكنولوجيا في العالم ، ونجدها فيما بعد إدخال رأس المال كأصول للشركة وبعد ان تثبت نفسها في البلد المضيف تسعى لاستخدام رأس المال المحلي وتسعى للحصول على ضمانات وحماية من القوى التنافسية المحلية وفي بعض الحالات تستولي هذه الشركات على المؤسسات الاقتصادية المسيطرة في البلدان المضيفة وتلجأ كثير من هذه الشركات المتعددة الجنسيات لعملية الاستثمار التتابعي التي توفر سلسلة من عمليات التفاوض المجزئة لامتصاص الضغوط التي تفرضها الدولة المضيفة وتعمل على توسع في الحجم للأمام وللخلف بالتكامل الرأسي والأفقي لحماية نفسها من المخاطر .

بينما الدول المضيفة لهذه الشركات تفكر ايضاً في الأثر المتوقع لهذه الشركات في المساهمة في التنمية نعم إن من مصلحة الدولة المضيفة لتلك الشركات إدخال تكنولوجيا وأساليب إدارية جديدة إلا أنها يجب أن تتأكد من زيادة القيم المضافة محلياً وتوفير محتوى محلي أكثر في المنتجات النهائية لتلك الشركات وتوسيع ارتباطها بالاقتصاد الوطني وأن تحرز أعلى سعر لموادها الخام التي تدخل في صناعات تلك الشركات وأن تعمل على توظيف أكبر عدد ممكن فيها على حرفة التقنية ضمن قطاع الصناعة التي دخلت إليه تلك الشركات وبرواتب مناسبة والانتباه كون هذه الشركات تسعى لاستخدام عمالة قليلة فتؤثر سلباً على برامج التنمية في الدول المضيفة ، إلا إن سلطة الدولة المضيفة ستظل محدودة الى أن تنجح في عبور الحواجز الرئيسية لمعرفة التقنية المستخدمة ضمن قطاع الصناعة التي دخلت اليه تلك الشركات وكذلك يجب على الدولة المضيفة لتلك الشركات الانتباه للمصالح الخاصة لتلك الفئات المحلية والجماعات وأن تتمتع الدولة بقدرة تفاوضية عالية من قبل لجنة متخصصة تعمل على دراسة بعناية تامة جميع الجوانب في ابعاده الدقيقة قبل الموافقة والتواقيع على بنود الإتفاقية من قبل خبراء من جميع الاختصاصات وأن تخضع لموافقة أولية للجنة الاقتصادية في مجلس الأمة التي تتأكد من دور الاتفاقية في المساهمة في انجاح برامج التنمية وبعد ذلك تطرحها للتصويت عليها حال إتمام كافة بنودها في مجلس الأمة لتصبح نافذة التطبيق وأن لا يبقى القرار في يد هيئة الإستثمار التي يجب أن يحدد دورها في جلب الإستثمار عبر التسويق للمجالات والقطاعات التي بأمس الحاجة لتفعيلها ، وأن تمارس الدولة سياسات تفاوضية عالية جداً في تشجيع التنافس بين المستثمرين وأن تحفز التنافسات داخل القطاعات التي تسعى الشركات الدولية للاستثمار فيها
لذا على الدولة أن تضع في سياستها الإقتصادية بأن يكون لها دور في أي مرحلة من السلسلة الرأسية والافقية لتسيطر على عنق القمع الضيق في أي مرحلة إنتاجية لتلك الشركات بالضبط الواعي وعدم إعطاء تلك الشركات لتقود السوق بسلطة مطلقة لتجنب احتكار السوق من قبل تلك الشركات وأن لا تكون المكافأة عالية وطويلة الأمد التي اعطيت من باب التحفيز للاستثمار لتلك الشركات فلابد من تقليل فترات الإعفاء الضريبي وضمان نسبة تحويل العملة غير المعيقة للأرباح .

على جميع دول العالم الثالث الانتباه بأن عملية الاستثمار الأجنبي المباشر لن تحل مشاكل التنمية بالكامل أن مساهمات شركات متعددة الجنسيات في عملية التنمية كانت تتغير مع مرور الوقت مما يؤدي إلى ضرورة انتباه الخبراء الاقتصاديين المشرفيين على برامج التنمية في دولهم التحول عن المفهوم الكلي إلى المفهوم الجزئي وفحص الحالات بشكل فردي بكيفية تأثر الدولة المضيفة لتلك الشركات في كل قطاع بمفرده وعلى الدولة المضيفة عمل مراجعة مستمرة لتلك الاستثمارات وأن تضاعف السيطرة على عمليات توسع تلك الشركات وأن لا تجعلها تستفرد في السوق من خلال تحفيز التنافسية بين المستثمريين مع العلم أن الدراسات تأكد أن نسبة البطالة تضاعفت حتى مع قدوم هذه الشركات كما بينته مراجعة أعداد القوى العاملة التي اجريت سابقا على ما ورد في احصائية عام (1978) بــ 4ملايين عامل في تلك الشركات وافتراضة توقع مضاعفه رأس مال تلك الشركات الى الضعف ومضاعفة فرص الأيدي العاملة بها الى نسبة 50% فإن إجمالي فرص استخدام الأيدي العاملة المتوقعة لن تزيد عن 6 ملايين وهذا لن يحل البطالة في دول العالم الثالث ألتى تقدر بمئات الملايين فلا بد للدول المضيفة أن تعيد حساباتها ببرامجها التنموية السابقة وتدرس أثرها على قطاعاتها وأن ترسم سياسات اقتصادية تنموية أكثر نضوجا تعمل من خلالها على حل مشكلة البطالة التي اثبتت الدراسات أن حلها ليس باستقطاب شركات متعددة الجنسيات.

قاسم محمد أمين القضاة
qasemqoudah@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات