الملك يقود الحراك العشائري ، فماذا عن المخابرات العامه


مشهد غريب وعجيب أن ترى ملك يقود الحراك الشعبي ضد حاكم من المفترض أنه يشكل حاجر زاوية في نظامه السياسي ، وإذا كان من المهم أن نعرف ماذا يدور حولنا فمن الأهم ماذا نريد نحن ؟ بداية لا أحد منا بدون أخطاء لأنه من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر ، سواء على المستوى المؤسسي أو على المستوى الفردي ، وسواء كان الحديث عن الحاكم أو المحكوم ، لكن هنالك كبائر تقتضي التوبة ، وهنالك أخطاء صغيرة يكفي فيها الاعتذار والاستغفار ، وقبل أن نشرع في الأخطاء وإظهار الحقائق لمعرفة الفرق بين السياسات والمهنية علينا أن نلقي نظرة حول هذا الجهاز الذي نتحدث عنه ، نشأته ، القوانين الناظمة لعملة ، وغيرها من مقتضيات البحث ، بالطبع تأسست دائرة المخابرات العامة بموجب القانون رقم (24) لعام 1964 ، وحدد القانون واجبات ومهام المخابرات العامة ، بحماية الأمن الداخلي والخارجي للمملكة الأردنية الهاشمية من خلال القيام بالعمليات الاستخبارية اللازمة لذلك . ويعين مدير المخابرات العامة بإرادة ملكية سامية بناءا على قرار من مجلس الوزراء . كما يعين الضباط العاملون في المخابرات العامة بإرادة ملكية سامية وبتنسيب من مديرها وموافقة رئيس الوزراء ، والحق أننا نتحدث عن جهاز أبدى حرفية نوعية في مختلف المراحل منذ تأسيسه إلى اليوم ، وأستطاع تحييد الأردن عن أخطر اللاعبين التقليديين الإقليميين والدوليين ، ولو فتحنا الملفات الوطنية لهذا الجهاز لوجدنا أنه وفي ضوء الإمكانات المتواضعة بجميع المقاييس يستحق منا كل احترام وتقدير ، وهنا قد يأتي أحد المتشدقين ويقول : أن لك هوى فتحاوي و لإجابتهم أقول هذا الهوى ليس تهمة ، ولو حاسبنا الناس على أهوائهم لفسدت الأرض ، وليس من تعارض بين ما احمل من هوى وما أقوم فيه كموطن شريف ، إضافة إلى أن هواي مكشوف وصريح ومعلن ، والخوف ليس في من يعلن هواه ،وإنما في من يخفيه ويحيك الدسائس ، التي تضرب في الخاصرتين الأردنية والفلسطينية ، والحق أن هذا الهوى لم يجعلني يوماً ضد سياسات المخابرات ، وإنما إنسانيتي هي التي جعلتني أقف بوجه كل هذه السياسات التي تبنتها دائرة المخابرات العامة طوال العقود الماضية والتي سببت للأردنيين من أصل شرقي أزمات مالية مركبة ، وفي المقابل سببت للأردنيين من أصل غربي أزمات نفسية مركبة أيضاً ، ما يعني أن السياسة العامة للدائرة لم تكن معنية في تطوير تركيبة المواطن وصولاً إلى ما نسميه (بالوطنية الإنسانية) وإنما كانت مع تركيب المواطن حسب قياساتها ، كيف ؟ في الحقيقة سعت الدائرة إلى تخليق مواطن من نوع خاص ، وقد ساعدتها الظروف الإقليمية في ذلك ، فأصبح عملها مزدوج بين التخليق الوطني السياسي لصالح مرحلة محددة ، وبين المهنية والتي تقتضي براعة وحرفية خاصة ، ولعل التفوق في الجانب المهني والذي تشهد فيه كافة الدول الغربية قبل العربية هو الذي ساعد في تنامي التخليق السياسي ، والمشكلة أنها تعي في قرار نفسها أنها لا ولن تصنع سياستنا ، سيما وان العسكر مصونين في النهج الأردني من هذه التبعات التي لا يؤمن فيها من الانزلاق ، ولطالما حاولنا عبر مسارنا أن نرسخ مفهوم المهنية ونحيد الدائرة عن السياسات ونجعلها الأقرب إلى مفهوم الدوائر الرقمية التي تقدم لصانع القرار المعلومة كما هي دون أن يكون لها أي هوى سياسي فيها ، وبخاصة أن صاحب القرار ليس قاصراً حتى يفرض عليه هذا التوجه أو ذاك ، على كل حال أخطاء الدائرة تعتبر في تقديري هي أخطاء من الكبائر في السياسات العامة التي كلفت الأردنيين من كافة الأصول والمنابت أثمان كانوا بالغنى عن دفعها ، هذا في الوقت الذي افتخر فيه بنوعية العمل المخابراتي الأردني من الناحية المهنية وأقول لكل ضابط وفرد بدءاً من أصغر موظف إلى أكبر موظف أنتم مهنياً في عيون الإنسانيين ، ولكن سياسياً نعلن براءتنا من أي سلوك سياسي سبب ضرر أو نفع للوطن والمواطن لأن في السياسة خروج عن المسار الوظيفي ، لا بل ونطالب بشدة تحويل كافة المعنيين بالتدخل في الشؤون السياسية بأي من الطرق والأشكال المرئية وغير المرئية والتي يمكن الكشف عنها بواسطة خبراء إنسانيين إلى المحاكم المختصة .
والرسالة المختصرة التي أود أن تتفهما كافة القوى السياسية في الأردن قبل فوات الأوان ، وبالطبع المقصود في القوى السياسية ليس الأحزاب فحسب وإنما تلك الأخطر من الأحزاب سواء على الأردن كشعب ووطن أو على النظام هذه المتخفية إما في مؤسسات الدولة أو خلف عباءة النظام لكوني ( أغسل موتى ولكني لا أضمن الجنة ) : لا يوجد في العالم شيء اسمه أمن واستقرار في دولة ما بدون جهاز مخابرات قوي ومحترف مهنياً ، ولا يوجد هنالك في العالم شيء اسمه فوضى إلا من خلال جهاز مخابرات يصنع السياسات العامة للدولة ، وقد يتساءل جنرالات الجهاز السابقين والحاليين لماذا ؟ وللإجابة أقول لكم : حين تمارس السياسة كضابط مخابرات تفقد وظيفتك الأساسية والمتمثلة في (حماية الأمن الداخلي والخارجي للمملكة الأردنية الهاشمية من خلال القيام بالعمليات الاستخبارية اللازمة لذلك ) هذه هي المهمة التي تحتاج إلى النوعية المتقدمة والتي نسعى إلى مضاعفة تقدمها وبخاصة في ظل هذه الظروف التي تعصف بالعالم العربي وتكاد لا تستثني أحد ، وأي انحراف في المسار المتفق عليه يمس مباشرة في الهوية الأردنية والتي من المفترض أنها الأهم عبر المراحل ، هنالك حدود للهوية وكافة المسارات السياسية السابقة تجاوزت هذه الحدود سواء عن قصد أو بدون قصد ، المهم أن هنالك أخطاء كبيرة حدثت والكل معني في تجنبها في هذه المرحلة والمراحل السابقة ، وفي تقديري أن رجل بمستوى اللواء فيصل الشوبكي يدرك جيداً ما أقول وما أ سعى إلى تأسيسه في هذه المرحلة الأخطر والمنعطف الذي لا ينجى منه إلا من كتب له الله النجاة ،و كل الدعم من الإنسانيين في الداخل والخارج للدائرة ممثلة في مديرها العام على أن يرتفع المستوى المهني إلى درجة تقتضيها استحقاقات الأردن الداخلية قبل الحديث عن المحيط الملتهب ، لهذا أمل إذا جاز لي ذلك التأمل أن يكون عمل الدائرة مبني على أسس ( الوطنية الأردنية الإنسانية ) هذه الوطنية التي تحتم علينا تقديم المعلومة بكل تجرد لصاحب القرار ، وطلب واستدعاء كل من تدور حوله الشبهات السياسية أو الاقتصادية أو الإدارية وسواء الإرهابية المسلحة أو الناعمة ، هنالك الكثير من الملفات تقتضي منا جميعاً كقوى سياسية وحزبية شريفة ونقابية مشهود لها بذل المزيد من الجهد من أجل التوصل إلى معادلات إصلاحية توافقية وبكافة الشؤون بدءاً من تعين مراسل ووصولاً إلى آليات الحكم الراشد المنشود ، وليس لأحد فضل وطني على احد ، لأن الكل سواء كامل الأردنيين سواسية أمام القانون ، فمثلاً للحزبي وظيفة وطنية وكذلك للنقابي والأمر ذاته ينطبق على رجل المخابرات والذي من المفترض أن علاقاتهم حميمة مع كافة الأطراف ، لكون الدائرة قائمة أصلاً على أسس فنية ومهنية بحتة وليس غير ذلك ، وفي المقابل نناشد صاحب القرار بضرورة التنبه إلى الجهود النوعية المبذولة من قبل هؤلاء الجنود المجهولين ، والذين يستحقون منا كل الدعم والتقدير المادي والمعنوي ، وأن تكون معلوماتهم هي الأصل في بناء إستراتجية الوطن وأمن الوطن داخل الأردن ، والمقصود أن أي جهاز حديث أو مستحدث لا يمكن أن يغني صانع القرار عن هذا الجهاز الأجدر بحمل الرسالة ضمن شروط الوطنية المتفق عليها عالمياً ،وأخيراً أتمنى أن يكون ربيعنا بالمستوى الذي يليق فينا كحملة للرسالة الوطنية العالمية ، وانتم أيها الأردنيين جميعاً رسل الدعوة الوطنية العالمية بكافة أنحاء العالم ومن جميع النواحي ، وأي شخص أرتكب أو يرتكب أخطاء سيعاقب بقوة القانون الإنساني وليس من أحد فوق القانون بما في الملك والنظام الهاشمي ككل ، ولكن بذات الوقت هنالك رمزية وطنية لهذه العشيرة يعتبر المساس فيه تجريح وإهانة لكل العشائر الأردنية التي عقدت البيعة لهذه العشيرة التي تعتبر القاسم المشترك بيننا كأردنيين من كافة الأصول والمنابت ، والذين نشكل معاً تراثاً يحسدنا عليه القاصي والداني ، وبناء عليه فإن أي تعرض للملك أو زوجته يعتبر اهانة لنا جميعاً .
وهنا لا بد من قول كلمة حق للعشائر الأردنية بما في ذلك العشيرة الهاشمية و الأحزاب والقوى السياسية والنقابية والإخوان المسلمين وللنظام وللشعب الأردني من أصول فلسطينية ماذا بعد المرحلة الهاشمية ؟ في الحقيقة لا شيء غير حكم العشائر الأردنية التي لا ولن تعترف بكل القوانين التي أجازت منحكم الجنسية الأردنية، ويبقى الشكر للملك في قيادة الحراك العشائري ليس كملك وإنما كابن للعشيرة الهاشمية



تعليقات القراء

ابو عمر
يا صخر مقال طويل والله اشتتت الافكار وما كملته
16-11-2011 03:50 PM
لاتن
اختصر ---- والله لو انك حسني بزمانه
16-11-2011 08:04 PM
إنسان


أعاننا الله وإياكم على إتباع أوامره، والازدجار بزوا جره، وأيّدنا معاشر الإنسانيين بنصر من عنده {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:160].

16-11-2011 08:55 PM
عربي
مقال رائع جداً وفكرة تعتبر سبق في الربيع العربي الذي أشرف على الدخول في الصيف ، والسؤال إذا لم يقود الملك الحراك العشائري فمن هذا الذي سيقود الحراك ، هذا الحراك أرث هاشمي يجليه منطق الثورة العربية الكبرى !
16-11-2011 08:58 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات