ظاهرة الغش في الامتحانات


بدأت تتغلغل في ثقافتنا وعاداتنا ظاهرة الغش في الامتحانات ، فأصبحت تتقبلها قلوبنا وتألفها ولا ترضى لها بديلا ، وبتنا ندعو لها بكل مجلس ونفخر بها أيما افتخار ، وأصبح من غير المألوف أن نجد طالبا لا يتمتع بهذه الصفة ، وبدأنا نعيب على أولئك الذين يعتمدون على أنفسهم ونصفهم بالجبن أو الشذوذ .

أخذت تتفشى هذه الظاهرة في مجتمعاتنا وتنتشر بسرعة كبيرة كالسرطان ونخشى ألا نجد لها الدواء ، وهناك الكثير مما يساعد على تفشي هذه الظاهرة ، ولا بد من تكاتف الجهود لوقف انتشارها .

تظهرهذه الظاهرة وتبدأ بالنمو منذ نعومة أظفارأبنائنا في المدرسة نفسها ومنذ الصفوف الأولى ، حينما لا يلقى الطالب من المعلم الاهتمام الكبير في الامتحانات المدرسية ، حيث بدأ المعلم يتهرب من تطبيق اختباراته المدرسية ، ون حيث تحديد مادة يسيرة من المنهاج المدرسي لا تكافئ ربع المادة المقررة ، وعلاوة على ذلك يقوم المعلم حين يكلف بالمراقبة في الامتحانات المدرسية بالتهاون أو التغافل عن عملية الغش فيما بين الطلبة ، أو يقوم هو بنفسه بتسهيل عملية الغش ، مما يربي في الطالب ألفة مع هذه الظاهرة .

وعندما يكلف المعلم تلاميذه بالواجبات المنزلية ، لا يهتم بعددها ، مما يجعله يقبل إجاباتهم دون مراجعة أو تمحيص ، ويصبح من المهم عنده حلها من قبل الطلبة فيقومون بالحصول على اجاباتها بشتى السبل فتكون بداية الغش ، وكلما يكبر الطالب تزداد ذخيرته من وسائل الغش ويتربى على هذه الظاهرة مما يجعلها مألوفة لدى الطلبة وأولياء أمورهم .

وفي الثانوية العامة نجد من المعلمين من يقوم بتسهيل عملية الغش لسببين : إما تلافيا للاصطدام بالطلبة أو أوليائهم إذا ما وجدوا من يساعدهم في الغش وكأنه حق واجب عليهم . أو لعدم اهتمام المعلم نفسه لعملية المراقبة ، أو بتواطئ مع الطلبة أنفسهم مقابل منفعة مادية أو لمجاملة مع ولي أمره ، وهناك من الطلبة من يتفنون في عملية الغش وإذا وجدوا صرامة في عملية المراقبة يقومون بتهديد المراقب أو يتعرضونه بالتعاون مع أولياء أمورهم .

وفي الجامعات كم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا اسمه على غلافه ، ومما يساعد على ذلك أستاذه الجامعي الذي لا يكلف نفسه عناء مناقشة الطالب في بحثه مما يشجع الطالب على عملية الغش ، وللأسف الشديد بلغ بنا الداء حد الوباء فهناك من أساتذة الجامعات من يكلف بعض الطلبة بكتابة بحث معين ثم يقوم هو بوضع اسمه عليه ليترقى من خلاله ؟

كيف وصلنا إلى هذا الواقع المؤلم ؟

كأننا لسنا من الإسلام ، وكأنه لم نسمع بقول رسول الله " من غش فليس منا "

لماذا نتسابق إلى الغش ولا نرضى بغيره ؟

ماذا سنجني من عملية الغش ؟

هل سنحصل على ما هو ليس مقسوم لنا وما كتب لنا من مستقبل اما سعادة أو شقاء ؟

إنه تعد على قدر الله وتعد على حقوق الآخرين ، أليس في الغش وما يترتب عليه من مخرجات تعدّ سافر على حقوق الآخرين ؟

ألا يخشى من يحصل على شهادة وهو غير جدير بها ثم يتولى مناصب في الدولة أن يصبح راتبه حراما عليه ؛ لأنه يأخذه وهو غير مستحق له حيث أنه لم ينل حقيقة الدرجة أو بالأصح لم يصل في الحقيقة إلى الدرجة التي تؤهله لهذا المنصب .

فاهنأوا أيها الغاشون فإنه مهما غششتم في الدنيا ، فلا يمكنكم أن تغشوا الله وتحصلوا على غير ما تستحقون في الآخرة من عقاب شديد .

تقوم كل دولة بإجراءات رادعة أمام هذه الظاهرة لوقفها ومنع انتشارها ، وبالنظر إلى إجراءات معالجة قضايا الغش في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة والصادرة في تعليمات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة لسنة 2007 والتي لو تم تطبيقها فعليا وجرى التنبيه عليها ياستمرار من خلال وسائل الإعلام الرسمية والمدرسية لكان الواقع أفضل مما هو عليه الآن .

بالإضافة إلى تلك الإجراءات هناك بعض الجوانب التي يمكن أن تساهم في ضبط عملية الغش ومنها :

1) حرمان المراقب الذي يثبت عليه التساهل في عملية المراقبة أثناء تأدية الطالب للامتحان .

2) إيقاع عقوبة صارمة بحق المعلم الذي يشارك ويسهل في عملية الغش .

3) إيقاع عقوبة صارمة بحق من يشارك في عملية الغش من المجتمع .

4) وضع تعليمات رادعة أثناء عملية التصحيح بحق الطالب من وجد في دفتره ما يستدل أنه مارس عملية الغش كعملية نقل غير مباشر من خلوي مثلا أو نقل مباشر من مراقب أو طالب ، وذلك بعدم تصحيح ذلك السؤال ووضع علامة صفر وكتابة غش في خانة الكلمات على جلدة الدفتر .

5) لا يصحح دفتر من وجد في دفتره ورقة غش .

6) لا يصحح دفتر من وجد في دفتره ورقة غش مصورة ، ويحرم المراقب الذي قام بعملية المراقبة في ذلك المبحث .


غازي اسماعيل المهر
مشرف تربوي



تعليقات القراء

هذلول بن متعب
الكاتب الكريم
1.(هل سنحصل على ما هو ليس مقسوم لنا وما كتب لنا من مستقبل اما سعادة أو شقاء)اذا كان الامر كذلك اتكه يغش فالغش لن يفيده
2. (بدأت تتغلغل في ثقافتنا وعاداتنا ظاهرة الغش في الامتحانات)هي لم تبدأ,بل هي موجوده في تراثنا القديم
3.(وعندما يكلف المعلم تلاميذه بالواجبات المنزلية ، لا يهتم بعددها )هذا ليس بعذر للغش.
4.(فهناك من أساتذة الجامعات من يكلف بعض الطلبة بكتابة بحث معين ثم يقوم هو بوضع اسمه عليه ليترقى من خلاله)هذا غش الطبقه المثقفه و ليس غش الطلبه ولكن لا مشكله لان كلاههما من نفس البيئه ثم يأتي ادهم و يشكي الفساد
5.(حرمان المراقب الذي يثبت عليه التساهل في عملية المراقبة أثناء تأدية الطالب للامتحان )سواليف حصيد حيث لايمكن ضبط المراقب لانه بكل بساطه هو المراقب والا سنحتاج غدا لشرطي لكل شرطي.
6.(إيقاع عقوبة صارمة بحق المعلم الذي يشارك ويسهل في عملية الغش)نفس تعليق نقطه 5
7.(إيقاع عقوبة صارمة بحق من يشارك في عملية الغش من المجتمع )ما حضرتك بتقول ان المجتمع متقبل للغش
8.(لا يصحح دفتر من وجد في دفتره ورقة غش )هذه العقوبه موجوده حاليا
.............
16-11-2011 08:17 AM
رابح الجهني
فعلا كلامك صحيح 100% ولعله السبب الرئيسي في تخلف العرب الحضاري والثقافي ، واعتقد انه لا يجب ان نضع قوانين رادعة لمنع عملية الغش ، انما المهم هو كيفية ادخال القناعة لدى الطلبة والمعلمين بأهمية وجود نوع من الالتزام ومحاولة الالتزام عند المعلم القدوة في المرحلة الاولى

وشكرا لك لانه المسؤول الاول والاخير عن ايصال من لا يستحق الى منصب او موقع معين
16-11-2011 09:21 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات