حوار لا خوار؟!!


بنتي الصغرى غلبتني؟؟!!!

في الشارع العام بجوار منزلي سلبني طفل في الثالثة رشدي حيث أودع به الله كل الجمال والرقة والخفة ...سابقتني عدسة الكاميرا لأرصد صورة الجمال والإبداع الرباني..قطع علي المشهد صوت انبعث بقوة من جدار بيتي تجاوزه للآذان لأنطلق أسابق الريح لم يسعفني حذائي البلاستيكي حيث فلتت اليمنى وبقيت اليسرى متشبثة بقدمي حتى وانأ أصعد درجات الطابق الثاني لأندفع لمشهد أسقطني على الأرض جراء كميات الدم المتدفق من يد أبني ليختلط الحابل بالنابل ..فهذا الطبيب يخرج من غرفة العمليات يلتقط أنفاسه بعد ساعات أربعة ذاق فيها المرار لغياب التقنية في مستشفانا اليتيم... حدثني بمرارة قائلا: هناك عشرة أوتار وثلاثة من الشرايين والأوردة قطعها الزجاج والباقي عند الله لربما يفقد ولدك يده عليك نقله لعمان فورا...؟!!!! قلت الحمد لله في السراء والضراء ...أربعون يوما من المعاناة المغموسة بالقلق قضيتها في مستشفيات عمان جراء تتابع العمليات والعلاج الطبيعي ...أثقل كاهلي الدين الذي ترتب علي فهو معضلة لا محالة أضافت شيئا كثيرا في مساحات تفكيري و ما آل إليه وضع يد ولدي وما ترتب عليه من تبعات قاتلة ؟!!!! تخلصت من بعض الهم وتناولت وجبة لذيذة في احد مطاعم عمان قوامها دجاج مشوي بطريقة لم أعهدها فكررت ذلك مرات عديدة وكأني راغب في استنفاذ ما تبقى في جيبي من دراهم معدودات... شقة ضيقة في المدينة الرياضية جمعت كافة أسرتي ضاقت بنا ضرعا ثمانية من الأولاد وأربعة من البنات وأنا وأمهم .. كان اليوم الأخير الذي سنغادر فيه عمان فالله جبر الكسر وعادت الأمور لمجاريها ...حاولت أن أستخلص الأمر الذي حدا بنا لهذا فكانت الإجابة بأن الأولاد زرع بينهم الشيطان فتنة ففلت الحوار فأصبح خوار لتنتهي القصة بلطم الزجاج تحت عصبية قاتلة جلها من الشيطان...قلت لهم: تعودنا دائما وابدأ خلال العقود الثلاثة ان نتحاور بهدوء ونغيب الشيطان وكلا منا يدرك ذلك فنحن متفقون على ان نهرب صوب صنبور المياه كلما اشتد النقاش وخرجنا عن قواعد الحوار الهادف فالماء يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار...وتعلمنا ان نغادر الجلسة كلما تحول حوارنا لخوار ...سأتهم عن ما هية الحوار؟!!! فقال أوسطهم كنت أرغب أن أسجل في الأمن العام فصمم أخي الأكبر ان لا أنضوي تحت راية هذا الجهاز فهذا حرام ...حاولت أن أقنعه لكن هيهات أقسم أن لا أنضوي لو على جثته حينها خرجت عن طوري وضربت يدي بالزجاج المجاور وكانت الكارثة...قرأت في عيون ولدي الأكبر حكاية فيها الكثير فحين تعذر علينا الحصول على دم P+ جاءت النجدة عبر ثلة من قوات الدرك ممن زودونا بعشرة وحدات كانت كفيلة لإنجاح العملية التي قدر الله لها ان تكون ضمن معايير الجودة والتقنية العالية..حينها سألت ولدي الأكبر عن شروط قبول أفراد في الدرك أجاب على استحياء أن يكون سليم الأطراف والعقل فالأمن يحتاج لمن يحقق الأمن والآمان في بلد يحتاج ذلك ولا يحققه إلا أبناء الوطن لصون الدم والأرض والعرض..قلت له هناك معايير للحوار والهدوء يتحلى بها أخوة لنا رسمت حياتهم ضمن أطر معلومة فيها تريث محمود وهدوء مقصود فلنتقي الله في حديثنا ونبقى ضمن دائرة المنطق والحوار المتعقل الذي يجنبنا كل سوء ..حاولت أن أقبض على يد ولدي وأشد عليها لتتهاوى قواي من جديد حيث لم تكن قوية كعهدها ...قلت للأكبر أفقدتنا ذراعا قوية نحن بحاجتها تحت وطأة الخوار لا الحوار سامحك الله ولتكن درسا للقاصي والداني. نطقت أخيرا أبنتي الصغرى وقالت : يا والدي تعلمنا الكثير على مقاعد الدراسة فالحوار قضية محورية لها أهداف وأبعاد فعليك ان تحاور بهدوء وتبتعد عن العصبية وان لا تجرح شعور الآخرين بقصد أو غير قصد وتحاور ضمن منطق عقلاني متوخيا الدقة والحذر فأنت الذي يدير الحوار كالسائق الحذر الذي يكلفه الخطأ حياة الناس ويا حبذا ان لا نناقش ولا نحاور في مواضيع تافهة ولنصب كل ما بجعبتنا لنقاش مواضيع ذات قيمة وأهمية تصب في المصلحة العامة وان نبتعد عن الرد الجارح قدر الإمكان وليكن الرد للموضوع ذاته وليس للشخص ...قاطعتها وقلت على رسلك حماك الله أنت تصلحين ان تكوني عضوا مشرفا في منتدياتنا ضحكت وقالت حين نحاور العقل والمنطق نفوز بالمرتبة الأولى حماك الله يا والدي وأبعدك عن عصبيتك ...ضحكت وقلت حمى الله العقول النيرة ولله درك من بنت غلبت أبوها...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات