إحباطات تصيب منظمات الأعمال


تتوالى على منظمات الأعمال أشكال إدارية تعيق تقدمها منها ما هو بدائي يحمل بجنباته بعض الإيجابيات ومنها ما هو جديد يحوي الكثير من السلبيات كونها تناسب بيئات أعمال مختلفة وتتبع بعض إدارات المنظمات أنماط إدارية عفا عنها الزمان وتنتهج في كثير من الأحيان أسلوب الأوامر المزاجية التي تصدرها الواجبة التنفيذ من العاملين دون أن تخضع لتمحيص بل لا تكون مبنية على التفكير والاجتهاد تتخذ بدون مشاركة ممن سينفذونها ودون حتى الاستماع لهم والإطلاع على آرائهم التي في كثير من الحالات تثري إلى اتخاذ قرار سليم يتعاون الجميع على تطبيقه ويكونون متحمسين لإنجاحه .
كثير من مدراء منظمات الأعمال يتبعون أسلوب القيادة التي تصدر الأوامر فبدل أن يكون مديراً يصبح آمراً وفي هذا النهج ضرر كبير على منظمة الأعمال التي يديرونها بإصدار أوامر صماء أحادية الجانب .
إن أتباع أسلوب النقاش والحوار مع العاملين والاستماع لهم وإشراكهم يساعد المنظمة على تصور كل الأبعاد التي تحيط بالظرف من حيث الايجابيات والسلبيات الممكنة والمتوقعة كون العاملين منهم المهرة ومنهم أصحاب الخبره الأكثر تماساً مع واقع العمل يجب عدم تهميشهم و عدم التعامل معهم بفوقية أو بأسلوب الترغيب والتهديد وتسليط سيف إنهاء خدماتهم من العمل في المنظمة بل يجب تشجيعهم على المشاركة وإبداء الرأي بدون حرج وتوفير جو ٍ يسوده الوئام لا الخوف والتهديد ويجب إتباع أسلوب الحوار والنقد المتبادل وتبني الأفكار المطروحة والتفكير بها بجدية بجو يسوده الديمقراطية .
فلو أن كل مدير لمنظمة أعمال سأل نفسه جملة من الأسئلة؛ متى كان آخر لقاء له مع العاملين؟ هل استفاد من أفكارهم؟ كم من أفكارهم كانت سبباً في نجاح منظمة أعماله ؟وكم من فكرة وابتكار أو إبداع جاء من ذلك العامل أو ذاك؟ .
نحن الآن في القرن الحادي والعشرين وكثير من المدراء يعيش بمعزل عن منظمته يحيط نفسه بهالة .... ويحرص على غلق أبوابه وتكون عملية الوصول إليه رحلة تحتاج إلى ساعات انتظار تفقد العامل الغاية التي حضر من أجلها مع ضياع الوقت الثمين للعامل في الإنتاج والعمل .
ما زالت كثير من منظمات الأعمال تتعامل بهياكل تنظيمية متهالكة أكل عليها الزمن وشرب، سلسلة طويلة يكون التواصل بها صعباً وعسير "إلا في حالة القيل والقال فمفتوحة الأبواب" .علماً أننا في هذا الزمن اختصرت فيه المسافات وأصبح ما يتميز به سرعة التواصل ومرونتها وهذه المنظمات عبر مدرائها ما زالت عسيرة حتى في التواصل الأفقي فيما بينها .
تحتاج أي منظمة أعمال إلى أن تكون وسائل تواصلها مرنة وسريعة تواكب هذا العصر وأن تكون لدى مدرائها الرغبة بالتواصل مع العاملين لا أن يبقى في قصره العاجي بعيداً يفتقد المرونة في التعامل يشيع في منظمته أسلوب التهديد ورصد الأخطاء من أجل العقاب بدلاً من معالجة أسبابها بدراسة بحثية متخصصة .
إن افتقاد مدير منظمة الأعمال لاستخدام أساليب التحفيز وافتقاره لنهج مشاركة العاملين في صنع القرارات وعدم إيمانه بقدرات العاملين المهنية والذهنية أدى إلى تعطيل إبداعهم وابتكارهم وحجب آرائهم وضياع مبادرتهم واجتهادتهم .
أيضاً يهمل كثير من هؤلاء المدراء الجانب المعنوي الاجتماعي للعاملين فالفرد هو أهم مورد موجود في منظمة الأعمال هذه الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها كل مدير فالاهتمام بحاجاتهم أمر ضروري يقوي انتمائهم للمنظمة وينمي ولائهم لها وتوفير صناديق الإسكان والتعاون والإقراض داخل منظماتهم والاهتمام أيضاً بالجانب الترفيهي وبرامج التكريم وإدامة التواصل وتوفير نقابات عمالية في داخل منظماتهم واستغرب عدم إلزامية وزارة العمل لوجود مثل هكذا نقابة لتلك المنظمات ومن الإحباطات التي تصيب منظمة الأعمال تفشي المزاجية في التعامل والإنفراد بالرأي والاستبدادية وإبداء المصلحة الشخصية لمدير منظمة الأعمال على مصلحة منظمة الأعمال التي يديرها بحيث أصبحت علاقات القبيلة والعشيرة والعائلة التي ينتسبون لها هي المستفيد الأول وبهذا استبداد وانحراف وكأنها إرث عائلي خاص بهم فلو نظر كل مدير في منظمته لوجد ما أقول صحيح.
ويعزى هذا الأمر لغياب الرقابة بأنواعها في منظمة الأعمال أو في بيئتها الخارجية أو بيئتها الصناعية التي تنتمي إليها فلا تجد أي رقابة تمارس من البيئة الخارجية أو من بيئتها الصناعية وهذا التغييب أدى إلى هذه الممارسة وهذا الإحباط وكذلك الأمر غياب الرقابة في مجالس وهيئات إدارات تلك المنظمات فستفرد بها مدرائها مما أعاق تقدمها بل وأدى إلى تراجعها في حين كانت فرصتها عالية لو توافرت لها رقابة حصيفة وفعالة .
ومن المحبط ألا تراع الأسس التي يعين بها مدراء منظمات الأعمال ويكتفي بجوانب القدرات الفردية والإدارية دون الانتباه للسلوك الحصيف الذي قلما نجده في مدراء كثير من منظمات الأعمال .
ولم تعد تجدي نفعاً أن يكون المدير خريج جامعات أجنبية بل ومحددة بعينها ويستقدمون معهم أنماطاً فكرية ذات ولاءات غريبة عن منطقتنا وبعيدة عن قيمنا الوطنية وعاداتنا يعيشون على الأسلوب الأجنبي في التعامل وتهوى قلوبهم كل ما هو أجنبي فنجدهم من لحظة تعينهم يعينون معهم مستشارين من الأجانب وايضاً لا يتقبلون كل شيء محلي يحملون منظمة الأعمال التي يديرونها كلفة عالية ويعيقون تقدمها وازدهارها .
يلجأ كثير من مدراء منظمات الأعمال إلى تطبيق النهج الأمريكي في الإدارة من حيث الاعتماد على استخدام سلم رواتب متدني للموظفين ليكون إجمالي راتب الموظف مبنية على إنتاجيته في العمل وكذلك استخدام مبدأ البقاء للأفضل مما نتج عنها عدوانية شديدة داخل المنظمات لتحقيق الذات بدلاً من اعتماد العمل بروح الفريق الواحد .
تعتمد كثير من مجالس إدارات منظمات الأعمال على تغيير مدراء هذه المنظمات خلال مدد قصير جدا مما يتكبد المنظمة خسائر عالية فينهج المدير الجديد في فترة إدارتة للمنظمة أعمال من شأنها عرقلة عملها وتخبطها في بيئة أعمالها ويأتي إلى زعزعة ثباتها فكل مدير يعلم أنه سيتغير خلال فترة قصيرة لا يسعى إلى رسم سياسة بعيدة المدى ويقتصر تخطيطه على المدى القصير مما يؤدي إلى عدم ثبات الأهداف ويركز على تحقيق أرباح قصيرة المدى بحيث تكون منظمته ذات ملاءة مالية وإهمال مبدأ جودة الإنتاجية وأثرها على المدى البعيد ويعمل على إلغاء كل النظم والتعليمات وكل ما كان على دور مدير المنظمة السابق معتمداً على التعبير الكلي لا الجزء الذي يستحق التغيير أو الإصلاح ويعمل أيضاً إلى ملء الشواغر بحاشيته التي يحضرها معه دون مراعاة لمعنويات العاملين .
شاع بين بعض التخصصات النظرة الفوقية وخصوصاً عند اعتلائها لإدارة أي منظمة أعمال دون أي اعتبار لباقي التخصصات والمهن والتي هي تعمل بتكامل لتحقيق أهداف المنظمة فيجب عدم أهمال دور أي عامل في المنظمة مهما كان تخصصه أو مهنته فالنظرة القاصرة تؤدي إلى تعثر المنظمة وإلى تسريع انهيارها فلولا أهمية تلك التخصصات والمهن لم شملته المنظمة في هياكلها التنظيمية .
يجب على مدراء أي منظمة أعمال عدم قصور النظر والانتباه لمنظمته فدوره أن يسير بالمنظمة نحو الازدهار والتقدم من خلال قدرته على استيعاب المتغيرات التي تطرأ بين الحين والآخر في بيئاتها الخارجية .
تغيب كثير من منظمات الأعمال أهمية المورد البشري بحيث تركنها في أسفل هيكله التنظيمي مما يتسبب بعدم إعطائها وزن أكثر وتفويت فرصتها وقتل مبادرتها وإبداعها وإهمال دورها في رفع روح المعنوية للعاملين وأثرها في المحافظة عليهم وتنمية قدراتهم في إنتاجية منظماتهم وأثرها في تعزيز الانتماء الغائب عن معظم منظمات الأعمال وكذلك أثرها في تقليل نسبة الدوران التي أصبحت عالية في كثير من منظمات الأعمال .

قاسم محمد أمين القضاة
qasemqoudah@gmail.com



تعليقات القراء

عقله
منسوخ
27-10-2011 11:15 AM
ام طاقة
اللوم على الدولة الي ماتفرض قوانين صارمة على رجال الاعمال واصحاب الشركات تلزمهم يعطوا موظف الخاص كل حقوقه والاضافي والاجازات بدل مايلاقوا كل يوم ..اجرب يتحكم بيهم وبلقمة عيشهم ويعطيهم اخر الشهر فتات .. من المال المسموم المغمس بالاكتئاب طول الشهر
28-10-2011 10:22 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات