الوزرنة في الاردن


هل الوزرنة في الاردن وراثة وتلميع وتنفيع ؟
كم هو مشرِّف ان يعمل المرء في العمل العام لخدمة وطنه ومواطنيه ويعمل على تنمية بلده ورفعة شأن بنيه وكم يكون المواطن الحر مرتاحا عندما يُنجز شيئا لمجتمعه أو يُحقِّق إنجازا تستفيد منه البشريّة وترتفع اسهم بلده ويفتخر به الشعب .
ولكن الذي لا يسرُّ ان تجد انّه خلال اقل من اثنين وتسعون عاما على تأسيس الاردن تم تشكيل اربعة وتسعون حكومة وفيها اكثر من خمسمائة وخمسون وزيرا وأنّه في عام واحد تم تشكيل ثلاث حكومات وفي خلال شهر واحد توافد على إحدى الوزارات اربع وزراء فما السبب هل هو عدم الكفاءة في الوزراء ورؤسائهم في إدارة الحكم وتسيير العمل وتطوير الإداء نحو الأفضل .
ونظرا لأنّ عدد الوزراء محدودا بالنسبة لكبار الموظّفين وهؤلاء اقلّ عددامن صغار الموظّفين لذلك تجد ان عدد صغار الموظّفين الذين يؤمنون بأنّ العمل العام تكليف وليس تشريف وأنّ خدمة الوطن والإخلاص في العمل هو نوع من العبادة وحماية للفرد وأسرته وكلّما إرتفع مستوى الوظيفة قلّ عدد المؤمنين بذلك وبالتالي يقلُّ عطائهم وإنتاجهم العملي .
وفي اعلى مستويات الإدارة تقبع وظيفة الوزير الذي يجب ان يتحلّى بأرقى صفات الخلق الحميد والنزاهة شبه المطلقة ويتمتّع بخبرة إداريّة عالية وخبرة فنيّة في مجال عمل وزارته بهدف تقليل الأخطاء إن وقعت أوالعمل على تطوير إداء الوزارة وموظّفيها .
وبالرغم من الأوسمة والجوائز التي تُمنح للمتميِّزين من مؤسسات وافراد في العمل العام والعمل الإجتماعي وخلافه والتي قد تُمنح ذلك نتيجة إختيارها من مرؤوسيها ليس لعطائها المميّز احيانا وإنما لعلاقات ومعرفة شخصيّة .
عند تشكيل أي حكومة يبدأ الأفراد بنشاط محموم لإيصال السِيرْ الذاتيّة للرئيس المكلّف أولجهات هامّة اخرى كالديوان الملكي او المخابرات العامّة او احد اصحاب الرئيس المكلّف وقد يكون ذلك ليس ليحوز على حقيبة لأنه يعلم انه لن ينالها وإنما لينام ليله بإرتياح لأنه يقنع نفسه انه بذل جهدا ليصل وهؤلاء الأفراد بينهم وزراء سابقون او امناء عامّون او نوّاب واعيان أو شباب مقبلون على الحياة بعزم شديد متأملون بمنصب عتيد تحت شعار البلد بحاجة لدماء شابّة ووجوه جديدة وطبعا معظم هؤلاء الشباب لهم اقارب كانوا ذو شأن في الدولة الاردنية وزراء او رؤساء حكومات او موظفين كبارا او من الانساب والأصهار من المتنفذين في الدولة إضافة للناشطين حزبيا ونقابيا ويقرأ الرئيس المكلّف ومستشاروه السير الذاتيّة وتبدأ المفاضلات والواقع ان تعيين الوزير هو اسهل من تعيين موظف في الدرجة الرابعة لأنه لا يحتاج إلى تعقيد الروتين الحكومي او نظام الخدمة المدنيّة أو إمتحان كفاءة او خلافه فهو فقط بحاجة الى تلاوة قسم لا يزيد عن عشرون كلمة وحتّى هذا القسم يكون مكتوبا امامه وكلما علت مرتبة الوظيفة كلما خفّ تعب العمل وخفّت المسؤوليّة وهذا بعكس ما هو في الدول المتقدِّمة فلذلك تكون رواتب الوزراء اعلى من غيرهم بالشيئ القليل ولكن الوزراء عندنا لديهم رواتب خيالية واعمال خفيفة ومسؤوليات قليلة وعلاوات ورفاهية عالية .
ومن جرّاء ذلك وإضافة لغلاء الاسعار إضمحلّت الطبقة المتوسطة وانضمت الى الفقيرة بينما زادت الطبقة الغنيّة قليلا وليُصبح التركيب الطبقي للمجتمع مشوّه وغير سليم مما ادّى الى نزاعات وخصومات ادت الى خسائر بشريّة وماديّة اضافة الى تراجع الثقافة السلميّة المجتمعيّة وسيادة ثقافة الانانيّة في المجتمع .هذا للأسف بالإضافة لتوريث المناصب للأبناء والأقرباء والأنساب وهذا يخلق مزيدا من الحسد وهذا يجعل لزاما على اي حكومة إصلاح ان تتبنّى مع الجهات العليا اللآت الثلاث في التعيين وهي لا للتوريث ولا للتنفيع ولا للتلميع وبذلك نبعد شرّ الشلليّة والمحسوبيّة والمصلحة الشخصية وطلبات الأقارب والنسايب والواسطة بمختلف اشكالها واساليبها .وإذا اردنا الإصلاح لبلدنا علينا إصلاح انفسنا أوّلا بإنتخاب نوّابا صالحين ونصلح وزراؤنا ومسؤولينا بحيث لا ننافق لهم إذا أخطئوا نحاسبهم ونوّجههم وإذا ىأصابوا نشجعهم وننصحهم لإتباع الصحيح دائما .
ونُربّي اطفالنا اجيال المستقبل على الصدق والصراحة وعدم الإضرار بمكاسب الوطن وتشجيعهم على الإخلاص له .
نرجوا لحكومتنا الجديدة كل النجاح والتوفيق وان تلتزم باللآت الثلاث الواردة سابقا لتكون كما أُ شيع عن رئيسها نظافة اليد وحكمة القرار بالرغم مما شاب عمليّة إختيار الوزراء من سلبيات ولكن لأن التوجّه سليم نرجوا ان يتمّ معالجة ذلك من خلال الممارسة والرقابة على إداء الوزراء لمهامهم .
د. احمد محمود سعيد
دبي – 26/10/2011



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات