يسألونك عن التشكيل الحكومي ، فبماذا تجيب ؟!


لم أجد في حدود ما أطلعت عليه ما ينفي الربط بين الأحداث في مختلف الدول العربية ، وقد تكون التقاطعات العجيبة فيما بين الشعوب والحكومات ، هي التي تشكل النفي لغايات الإثبات ، هذا عدا عن ذكريات الحكومات المترسبة في محيط النفس والعقل العربي ، الذكريات التي تفرض علينا ما يطفو على السطح عندما يثيرها التشكيل الحكومي غير المبالي بمشاعر الناس والنتيجة تلك المشاهد غير السارة في ليبيا ، حيث وجد النظام نفسه فجأة محشوراً في زاويا يتعثر في أكوام سلوكيات أشخاص كانوا يمارسون النهب والسلب والتسلط باسمه ، فيحاول أن ينهض ويلملم ما تبعثر من سلطات زئبقية فلا يقوى على ذلك ، نعود إلى موضوعنا الأساس ، والمتمثل في عنوان المقال : هذا السؤال الذي يتردد كثيرا في أوساط المهتمين بالشأن الأردني ، والمحزن في الأمر أن نسجل أكثر من اختراق لذهنية الرئيس ، الرجل المحترم والذي من المتأمل أنه خليفة الشهيد وصفي التل ، لكن هذه الاختراقات تطيح بكل بارقة أمل ، و لن تتوقف عند تقرير التشكيل الحكومي في اللحظة الأهم والأخطر في التاريخ السياسي الأردني ، وإنما تسير كما الظل الشاحب على كامل مفردات عمل الحكومة القادم ، ولعل عنوان المقالة تتوالد منه عدة أسئلة من ضمنها : ماذا يمكن تسمية حكومة عون ؟ هل هي ( حكومة للفقراء ) بالمعنى التقليدي العامي و إن كانت كذلك فمن المفترض أن يكون من بين الوزراء فقراء وليس أغنياء ممثلين عن الفقراء ، أم أنها ( حكومة إنقاذ وطني ) وإن كانت كذلك فأين الشخصيات الوطنية ؟ وربما ( حكومة إنسانية ) وهي ذاتها حكومة الفقراء ولكن بالمعنى الإنساني ومع ذلك أين المتخصصين في هذه الحكومة ؟ أو ( حكومة حزبية ) فأين الأحزاب يا ترى ؟ نريد أن نعتبر حكومة عون خليط من كل هذه الحكومات ، جاءت الحاجة إليها بفعل ظروف استثنائية ، غير أن الرئيس لا زال في مكانه لا يتقدم خطوة ولا يتأخر خطوة لا له ولا عليه، وهذا ما يخيف في الموضوع ، لأن هنالك في الأردن مبرمجين للحكومات غالبيتهم فاسدين ومفسدين وضالين ومظللين ، ومن المحتمل أن يطلق العنان لبرامجهم التقليدية والتي كلفت البلاد والعباد أثمان مركبة ، رفعت سقف المطالب في الشمال والجنوب والوسط ،والتي من المفترض أن نفهمها كما هي في الواقع والحقيقة ، لا كما يراد لها أن تفهم قسراً ! واسمحوا لي أن أقول كلمة لوجه الله تعالى ، وللتاريخ الأردني وهي : ( إن حكومة عون ستقرر مصير النظام في الأردن) فقط تذكروا هذه الكلمات ، نعم ، هذه هي الحقيقة التي يجب أن لا نخفيها عن النظام ، حتى لا نخدع أنفسنا أمام الله الذي سيحاسبنا جميعاً حكام ومحكومين !

إن ما أراه ويراه الكثير من المراقبين أن كافة النخب والقوى التقليدية تتعامل مع التشكيل الحكومي وكأننا في حالة طبيعية ، ومع الأسف ، الرئيس يسير في ركبهم لغاية اللحظة على الأقل ، وهذا ما يجعلني أقول : أن العشائر والقوى الإنسانية لن تتدخل إلا لصالحها الخاص بعد اليوم ، وهنا قد يأتي أحد المتشدقين من العوالق المرتزقة ويقول : من هذه العشائر ؟ ومن أولئك الإنسانيين ؟ ونجيب بالمختصر الشديد جداً ، أما عن العشائر فإن في مقدمتهم عشيرة المليون التي لم تفرح منذ تأسيس الأمارة إلى اليوم برئيس حكومة ، وأما الإنسانيين فإن النظام والإقليم والقوى الدولية يعرفونهم ولكن يتم تجاهلهم لأسباب متعددة جلها ليست في صالح النظام !
من هؤلاء الوزراء يا دولة الرئيس ؟ إنهم أصحاب الملفات التي دفعتنا إلى طلبك بالاسم لكي تخلصنا منهم ، إنهم مصاصي الدماء الذين يأكلون بملاعق من ذهب ويملكون القصور والحشم والخدم ، ويركبون أفخم السيارات ، ليس لهذا اخترناك يا أبن الفلاح الطيب ، يا أبن المزارع الإنسان ، أيها القاضي الدولي ، ولدينا رؤية في المحاكمات والقضاء الأردني القادم لا بد أن تتحقق، وها أنت تختار المحظوظين والذين غالباً ما تجدهم في حضرة السلطان ، أولئك الذين من أجلهم تفصل القوانين أو باسمهم أو تحت وصايتهم وعهدتهم ، إنك تختار من اختصتهم المراحل السابقة بالمال والوجاهة لأسباب وراثية فقط ، أولئك الغائبين عن الوطن والحاضرين عبر شاشات التلفزيون ، لن نعذرك يا دولة الرئيس على الرغم من بريق المال الذي يصم ويُعمي ويذهل عن رؤية الحقيقية لأن حكومتك هي التي ستقرر مصير الأردن شعباً ونظاماً، إياك و المأجورين ، وقد أضحت لعبتهم بعد ألقذافي مفضوحة مكشوفة ، أين أولئك الذين أغدق ألقذافي عليهم بالأمس المال والمناصب ؟ أين المرتزقة والمأجورين ؟!
بقي هامش كبير يا دولة الرئيس من القدرات في الظل لم يجدون طريقهم إلى حكوماتهم التي ما تزال رهن اعتقال من اخترتم من الوزراء ، ودعني أقول لك ما يردد الشعب ( الشعب يريد تحرير الحكومات ) من كل ما ذكرتم من الوزراء ، لا نريد خبراتهم ، ولا مؤهلاتهم ، لا نريدهم ، نحن مؤهلين لإدارة شؤون بلادنا ، فقط ابتعدوا حتى لا يراق الدم ، وسيقال عن المتظاهرين طلاب مناصب ، وما العيب في ذلك ؟ هل من شيء معيب في أن تدير الناس شؤونهم الداخلية ، وإن كانت مخجلة ومعيبة إلى هذه الحد المناصب الحكومية ابتعدوا عنها ، هذه بلادنا ، ونحن من يقرر ، وستثبت لكم الأيام القريبة أيها الفارين من وجه العدالة الأردنية والإنسانية حقائق ما نقول ، أيام تفصلكم عن الهروب من الأردن ، ومع ذلك لغاية الآن لم نفتح أي ملف ، وما زلنا نشد على يد الرئيس ، أما أن تدار الأمور من خلف ظهورنا ، فتلك إذا قسمة ضيزى ! ولمن لا يعرف معنى كلمة ضيزى نقول : غير عادلة ، ظالمة ، نتساءل يا دولة الرئيس : إذا لم تحترم الشعارات المرفوعة في الشارع ، فما النظرة العامة للإنسانية الأردنية إذن؟ أي احترام لكرامة الناس ونحن نتجاهلهم ونصدر للمسؤولية من يطالبوننا المتظاهرين في محاكمتهم ؟ انتهى عصر الدوائر الحلزونية التي تتلون حسب مصلحة مافيا الأنظمة ، التي كانت تعتقل وتضطهد ، واليوم اعتقال عامل نظافة من شأنه أن يحدث انقلاب يطيح بزعيم الدولة ، والتجربة التونسية خير شاهد ، ولنترك فلسفة ظروفنا تختلف ، بماذا ؟ هل تختلف بطريقة السرقة ؟ أم بالغنى الفاحش على حساب الفقراء والأيتام ؟ أم في بيع الوطن في الجملة والمفرق ؟ بماذا تختلف ؟ على العكس نحن نتفق مع الأشقاء العرب في كل شيء ، كل الدول العربية تسير على نهج ظالم موحد ، نريد أن نغير ، وها نحن نطالب سلمياً ، بالمظاهرات ، والمسيرات ، والمقالات ، فما النتيجة ؟ لا شيء، لماذا ؟ لأننا في نظرهم مجرد جرذان ، نعم ألقذافي قالها بالكلام ، وانتم تقولونها بالأفعال وإلا ما معنى عدم مشاركة القوى الحقيقة العشائرية الوطنية في الحكومة ؟ وعدم تلبيتكم لما يطالب فيه المتظاهرين ،احتقار أليس كذلك ؟ نحن مجموعة من الفئران ، ليس لنا حق المشاركة بأي شيء ‘ هي ذات الأفكار !

لا حقوق لنا في أرضنا المنهوبة المنكوبة ، أليست هذه الحقيقة ؟! ما طرحنا اليوم يهمنا كثيراً ، وسنسلط الضوء على ملفاتكم إذا لم تكن هنالك سرعة في اتخاذ قرارات تضمن لنا تشكيل حكومة إنسانية أو وطنية أو حكومة إنقاذ وطني ، وقد حاولت أن أبسط فكرة جوابي عن السؤال الذي جعلناه عنوانا لإدراجنا هذا ، على أمل أن هنالك بقية من وقت قبل أن يجتاحنا الإعصار السياسي القادم لا محالة ، لهذا يجب أن ندقق ، في أي حكومة يريد الشارع ؟ وماذا يعني وجود حكومة نسخة مطابقة لأصل حكومة رحلت بناء على طلب المتظاهرين ؟ هل يعني غير الاستخفاف في عقولنا ؟ أنصح أن لا يكون في هذه الحكومة أي وزير سابق ، وسترون قيمة هذا النصح قريباً جداً ، أتدرون لماذا ؟ لأن تعين أي وزير سابق يعني للناس أنكم أعلنتم إفلاسكم السياسي ، فلا إصلاح ولا مصالحة ، مجرد مضيعة للوقت على أمل أن تهدأ الثورات العربية ، وهذا أمل إبليس في الجنة ، هنالك اتفاقيات ومواثيق ، تجعلكم بين خيارين كلاهما مر إما القبول بأشكال غير محببة لديكم وهي الصورة التي خلقنا عليها الله ، أو الانتظار لحين تقرير المصير الأردني ، في الوقت الذي نتأسف فيه منكم على مطالبتنا بإدارة شؤون بلادنا ، وقد غدوتم ثقة القصر وكافة رؤوسا الوزراء الذين ينتظرون قدومكم على أحر من الجمر لكي تتشكل حكوماتهم الشكلية في زمن الغفلة الإنسانية ، غير أننا في زمن الصحوة الإنسانية ، وهذا ما يضع الرئيس أمام مسؤولية نصب حكومته بين عينية قبل تشكيلها أو عرضه على الملك ، لتكون ماثلة أمامه في الواقع الحقيقي الطبيعي ، ليرى الأفكار المرتسمة في سماء مخيلة الثائرين ، إنهم يريدون حقوقهم الطبيعية لا أكثر ، حقوقهم الوطنية بعد التقاعد العسكري وخدمت الوطن ، فلماذا لا تعدو كثير من التجارب الحكومية عن سابقاتها ؟ ولماذا تستحضر الحكومات أدوات تعثرها ودورانها على نفسها قبل أن تبدأ ؟ أنت وبهذا الاختيار يا دولة الرئيس كمن يقرر السير لمسافات طويلة على رجل واحدة، مع تجاهل دور الرجل الأخرى !



تعليقات القراء

ضابط متقاعد / عشائر بني حسن
بلكي على ربنا تصل الرئيس قبل فوات الآوان ، لأن العاصفة لن تبقي ولن تذر ، وشكراً يا أخ صخر على طرح مأساة عشيرة المليون التي ضحت بالغالي والنفيس ، والحصة الكبرى....
22-10-2011 08:09 PM
حباب
هذا الرئيس إنسى شغل رويات رومانسية شاعر الشب ههههههههههههه وإحنا قاتلنا الجوع . جايبنه علشان يحكيلنا قصيدة حب
23-10-2011 12:04 AM
مواطن مع وقف التنفيذ
والله يا سيدي نفس الرئيس المكلف لا يعلم حكومة ماذا يشكل ، وحتى الأسماء مفروضة عليه فرض ، المشكلة مش في الرئيس ، المشكلة معروفة وين بس الرهان بيظل على الحرك الشعبي !
23-10-2011 12:06 AM
سلامة الزيود


وين الأراضي والأموال ..... والمناجم والثروات والمؤسسات الوطنية .....، وما هي الكيفية من أجل إلغاء ...... والتجنيس اللا قانوني والحجز على الأموال الخارجية والداخلية ..... والمسؤلين ومحاسبتهم ومنعهم من السفر والحجز على أموالهم وأرصدتهم وإعادتها إلى خزينة الدولة , ومعاقبتهم بما اقترفوه من جرائم بحق الأردن وأهله، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني حقيقية .

23-10-2011 12:09 AM
مزاحم
ودك الصحيح الحق علينا حنا طمعنا للي يسوى وألي ما يسوى نستاهل
23-10-2011 12:10 AM
محتار
ويش القاله حكومة تاكل النخاله
23-10-2011 12:11 AM
مهاوش العدوان
أعجبني التعبير : أنت وبهذا الاختيار يا دولة الرئيس كمن يقرر السير لمسافات طويلة على رجل واحدة، مع تجاهل دور الرجل الأخرى !تعبير رائع جداً





23-10-2011 12:12 AM
راجي الحمايدة
ومن وين جايب هذا العنوان ؟
23-10-2011 12:13 AM
حامد الخلايلة
والله أنك صادق حنا عشيرة المليون ما عمرنا شكلنا الحكومة لويش ناقصين عن الناس ما بينا مؤهلين ودنا أنشكل الحكومة وحنا مع مسيرة المليون
23-10-2011 12:15 AM
عباد يا كرسي البلاد
وين ....... إذا كتاب التكليف للرئيس المكلف ركز على القمع ومحاكمة أصحاب الرأي ومنتقدي الفاسدين وحماية الفاسدين ومنع متابعتهم وعدم التعامل الجدي مع طلبات الشعب بل قمعها عن طريق التهديد بالسجن والغرامة ! ويش أتقول ؟!!
23-10-2011 12:17 AM
بدو الوسط
الموت ولا المذله
23-10-2011 03:22 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات