عمالة الأطفال براءة مسروقة


"يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال ويحظر الاتجار به على أية صورة" المبدأ التاسع من مبادئ الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أجبرتهم الظروف على التوقف عن اللعب، فتخلو عن طفولتهم سعياً وراء لقمة العيش، مارسوا أعمال الكبار بشروط السوق، فتعرضوا للعنف والقمع، لم يعيشوا طفولتهم في مكانها الطبيعي، المدرسة، بل انطلقوا نحو مهن متعبة وشاقة لا تتناسب مع أحجامهم وقدراتهم وأعمارهم. مما أثر على نموهم الجسدي وتناسقهم العضوي، وانخفضت قدرتهم على القراءة والكتابة نتيجة لتركهم المدرسة، كما أنهم افتقدوا احترام الذات والارتباط الأسري جراء تعرضهم للعنف، أو ربما لاضطرارهم للابتعاد عن عائلاتهم والإقامة في مكان العمل.

لقد أخذت ظاهرة عمالة الأطفال بالازدياد شيئاً فشيئاً، نتيجة لتردي الظروف المعيشية في العديد من المجتمعات، وعدم إلمام بعض العائلات بأهمية التعليم، كما يلعب تدني المستوى الثقافي للأسرة دوراً كبيراً في ضعف وعيها وتقدير أهمية العلم للطفولة. إضافة إلى أن النظام التعليمي السائد وعدم تطبيق قوانين رادعة للأهالي والمدرسة تجبرهم على تعليم الطفل وعدم إلزامه بالعمل، قد يشجع الطفل على الهرب من المدرسة لولوج سوق العمل.

وهنا يجب أن نفرق بين مصطلحين هامين، الأول عمالة الأطفال التي تعني العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، ويهدد سلامته وصحته، ويستغل الطفل كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، وبين عمالة الأطفال الايجابية والتي تشمل كافة الأعمال التطوعية أو حتى المأجورة التي تتناسب مع عمر الطفل وقدراته ولها آثار ايجابية حيث تعلم الطفل المسؤولية والتعاون والتسامح والتطوع مع الآخرين.

لقد أصدرت منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم 138، والتي تهدف إلى القضاء الكامل على عمل الأطفال. حيث حددت الحد الأدنى للعمل هو سن إتمام التعليم الإلزامي والذي لا يقل عن 15 عاماً كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة، في أي عمل قد يعرضه للخطر جسدياً أو أخلاقياً. وقد أوجبت على الدول المصادِقة أن تتعهد بإتباع سياسة وطنية ترمي إلى القضاء فعلاً على عمالة الأطفال.

وتعتبر الاتفاقية العربية التي حملت رقم 18 لسنة 1996 بشأن عمل الأحداث أول اتفاقية عربية متخصصة في مجال عمل الأطفال. حيث جاءت استكمالاً لسلسلة المبادئ التي أكدت عليها الاتفاقيات العربية السابقة في هذا المجال.

محلياً، وفي دراسة مسحية أعدتها منظمة العمل الدولية في عمان ودائرة الإحصاءات العامة، في عام 2008، تبين أن عدد الأطفال العاملين وصل إلى 32676 طفلاً، في الفئة العمرية 5-17 عاماً. فيما قدر المرصد العمالي الأردني (فينيق)، أعداد الأطفال العاملين في الأردن بنحو 50 ألف طفل. وهذا يدل على عدم وجود أرقام دقيقة حول عمالة الأطفال، مما يعطل عملية محاربتها والحد منها. وقد بين تقرير المرصد أن الظاهرة تكثف بين الذكور بشكل خاص، وتتركز الغالبية العظمى في محافظة العاصمة، تليها الزرقاء وإربد.

ويخالف انخراط الأطفال في أعمال حرفية وإنشائية وصناعية، ولساعات عمل قد تمتد إلى 14 ساعة، قانون العمل الوطني وأحكام الاتفاقيات الدولية التي وقعت الأردن عليها.

ورغم الجهود التي بذلتها جهات عديدة رسمية وغير رسمية للحد من عمل الأطفال، والحفاظ على براءتهم فما زالت الحاجة إلى جهود وإمكانيات اكبر للقضاء عليها نهائياً والحد من تزايدها.

من الجدير بالذكر، أن وزارة العمل أنشئت وحدة إدارية خاصة لمتابعة عمالة الأطفال، في إطار الإستراتيجية الوطنية للحد من عمالة الأطفال التي أقرت عام 2006.



تعليقات القراء

خالد عبد الدايم
موضوع جيد...ونتمنى من الحكومة والجهات المعنية ان تتخذ إجراءات حازمة بذلك
27-02-2012 11:29 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات