على وقع رحيل الحكومة


على وقع تصاعد الأحداث , اضطرت حكومة البخيت للرحيل. فقد قبل القصر استقالتها هذه المرة , بعد أحداث نفذها بلطجية في سلحوب شهدت تكسير مالا يقل عن أربعين سيارة وإطلاق نار على تجمع إصلاحي كان يحضره أحمد عبيدات رئيس الوزراء الأسبق وقيادات إسلامية بارزة وعلى رأسها زكي بني إرشيد وسالم الفلاحات.وكان الأمر مرشحا للتصعيد لولا رحيل حكومة البخيت المشهود لرئيسها باحتراف سلب إرادة الشعب عن طريق تزوير الإنتخابات بحجم أعلى من سقف ما جرى في مصر وهو ما جعله أحد أسباب خلع النظام هناك قياسا بعدد السكان. ولعل الفساد الذي تم كشفه حيال رؤساء البلديات المزورين بفتح الواو جعل الشعب يتخندق ضد الفساد ويحالف التيار الإسلامي والوطني وأحمد عبيدات رمز الحكومات النظيفة التي لا يتجاوز عددها الثلاث حكومات على أبعد تقدير. ولعل الفساد الذي أطاح بحكومته بعد فترة قصيرة على تشكيلها رغم تبوؤه وزيرا للداخلية ومديرا للمخابرات قبل تشكيله لحكومته لعدم التكافؤ في الحرب التي أعلنها على الفساد حينئذ تمأسس وتحصن وتخندق , ليهدد رموزه الوزير النظيف في عهد حكومة عبدالسلام المجالي وهو وزير الصحة الدكتور عبدالرحيم ملحس ليرضخ على تمرير صفقات اللحم الفاسد , وأيضا كان النصر حليف الفساد بيسر وسهولة. كما وأطاح الفساد برئيس المجلس القضائي النظيف فاروق الكيلاني لتصديه لرشوة قيمتها مليون دينار لأحد المدعين العامين في عهده. وتشرعن الفساد بانتصاره لصالح ناهبي مؤسسة الأيتام الذين أطاحوا بمديرها خالد عرار بعد أن رفض حقيبة وزارية وعدوه بها مقابل صمته. ولا تتسع المقالة لذكر المعارك التي كان الفساد المنتصر فيها دائما . ولم تهزمه حكومة الكباريتي الذي آثر الإعتزال بعد مخاض عسير في قيادة سفينة البلاد.فإذا كانت حكومة البخيت قصدها محاربة الفساد وأقر العديدون فيها بتزوير الإنتخابات النيابية التي جرت في عهد سابقه سمير الرفاعي فلماذا أغدقت عطاياها على مجلس ينادي الشعب بحله وعدم احتسابه ؟ وهكذا نجد أن الشعب أصبح فاقدا للثقة بأية حكومة تأتي بغض النظر عمن يشكلها. وقد سمعنا عن تحذيرات وتهديدات من قبل رؤوس فاسدة لهيئة مكافحة الفساد بل إن علامات الإستفهام حول قيام حكومة البخيت بإقالة فارس شرف محافظ البنك المركزي لخصها المواطنون بأن الحكومة محكومة لفساد تنفذ مطالبه وأوامره وهو ما زاد من حدة الموقف الشعبي. ولعل إقالة حكومة البخيت وإن كانت هي أحد المطالب الرئيسية للإصلاح إلا أنني أشير إلى أن تمنيات المعارضة كانت لصالح مجيء الدكتور هاني الخصاونة لأن موقفه واضح من معاهدة الخزي والعار في وادي عربة التي نصت على توطين اللاجئين والشعب يرفض الوطن البديل. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن سلب إرادة الشعب بالتزوير طيلة العقود الماضية مثل نهجا للحكومات التي كان همها إقصاء الآخر فأصبح الفساد منتشرا في العشائرية والمجالس النيابية بالإضافة إلى الحكومات وانتشر ليمتد إلى الجمعيات والأحزاب فضاق الشعب ذرعا بكل ذلك وبلغ السيل الزبى. ولعل المحاصصات وعدم تشكيل الحكومة إلا على أساس الطائفة والعشيرة بدل الكفاءة والقدرة عمل على ترسيخ الفساد وتقويته وساعد على ذلك مراكز القوى التي نشأت من كل ما أسلفنا ذكره. ولعل بقاء التوازنات على حالها ساهم في التغول العشائري وفي زيارة حازم قشوع وزير البلديات إلى مدينة سحاب قبل أقل من يومين على رحيل الحكومة خير برهان على قولي فالخشافيتان طالبتاه بمجلسين بلديين وحينها طالبه أهالي قرية النزهة هناك بمجلس بلدي وتوعدوه باعتصام متواصل أمام الديوان الملكي لتحقيق مطلبهم. يأتي كل ذلك في وقت كان كل مسؤول يشير إلى تشاؤم ما في الفترة السابقة ينهالون عليه ليقصوه وليستثمروا الكعكة لوحدهم حتى أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه الآن . وهم ذاتهم يروجون اليوم أن المخيمات والأردنيين من أصل فلسطيني إنما هم ليسوا مواطنين ولا يعنيهم ما يجري في الوطن , وكأن التشريعات والقوانين لا تمس حياتهم ومعيشتهم والبطالة لا تطول أبنائهم والأردن الذي ولدوا فيه ليس وطنهم ويجب إقصائهم , وهو تغول استشرى في صفوف هؤلاء الذين نحن بصدد تشخيص وضعياتهم حيث أصبحوا تيارا نشأ من فرادى فشكلوا وزنا ضاغطا بقوة عنيفة تتردد أسماء رموزه في كل الحكومات والمؤسسات ذات الصلة. ورغم أن ينابيعهم متنوعة إلا أن المصالح جمعتهم للتخندق في سبيل تنقية المواطنين . لا أحب التشاؤم ولكنه سرد واقعي لما تعانيه حكومات الوطن من خطر حيتان الفساد التي تستفيد من التفرقة واحتكار المناصب والمواقع فيما بينها . ربع ملاحظة, هل تحتاج حكومة عون الخصاونة إلى ثقة مجلس نيابي يطالب المحتجون والشارع بحله ولا يقرون بشرعيته؟ أم أنها بحاجة إلى ثقة شعب أنهكه فساد الحكومات ومجالسها النيابية؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات