نحو وصفة ناجعة لربيع أردني آمن


أتقدم كمتابع للمشهد العام بوصفة ناجعة, تساهم بمعالجة حالة انعدام الثقة بسبب اللغط الذي يكتنف طريق الأردنيين نحو الإصلاح. الوصفة هي, أن يتنحي جانبا عدد لا بأس به من وجوه رسمية حكومية سابقة وحالية, شغلت وتنقلت بين مناصب الدولة الرفيعة, ومن ثم الطلب منها أن تخفض صوتها المسمم للعمل السياسي والحياتي, كمقدمة لإفساح المجال لوجوه جديدة لقيادة المشهد بعيدا عن وشوشتهم. ولعل من يشارك بالمناسبات العامة, يسمع الكثير من الغمز واللمز من قبل مسؤولين سابقين كبار من قناة مسؤولين لاحقين وربما العكس أحيانا، ويسمع نقدا يفت في عضد العمل المؤسسي لمن سبقهم أو تبعهم في السلطة ما أدى إلى حالة من الخذلان للناس في البلد. ففي جاهه لخطبة عروس, تكلم رئيس وزراء سابق, وعضو في مجلس الأعيان الحالي "بأن مجلس الأعيان لن يقر التعديلات الدستورية المقرة من قبل مجلس النواب" تكلم دولته خلسة لمن حوله بهذا التوجه, بلغة تصل حد اليقين, وبعدها بيومين تم إقرار التعديلات من مجلس الأعيان كما وردت من مجلس النواب العتيد ! استنتاجي "أن دولته تكلم عن رأيه الشخصي ولم ينسق مسبقا مع احد من زملائه في مجلس الأعيان" عكس ما أوحى به لسامعيه أو أن ضغطا ما قد مورس أغلبية الأعيان. أما في مجلس النواب الحالي فهناك عدد من الشخصيات النيابية المخضرمة نعتب عليها, بعضها من أصحاب المعالي, أمطروا الحكومة بخطاب منبري متماثل, تم إعداده مسبقا, دون النظر لما ورد ببيان الحكومة, وقد صوت بالحجب, فكان حجب الثقة أشبه ببراءة اختراع يدعيه ! علما أنه يعلم, أن صوت سعادته في حساب العدد كصوت من ينادي في البئر, ثقله يحسب عدديا 1 مقسوما على عدد حاضري الجلسة. كان الأولى أن يتوحد النائب مع زملائه, وينسق مع ممن يحمل أسبابه, ليتحدث أحدهم بأسمائهم, ككتلة برلمانية واعدة, تشكل ركن مرجعي في المجلس العتيد, يتعلم منها النواب الجدد, وتكون باكورة نموذج جديد لمدرسة في العمل النيابي الأردني.
بظني أن ما نسمعه في الغالب هي من أشبه بمشاغبات فردية في العمل والطرح, وهي ابرز أسباب غياب المختبر السياسي الفاعل, رغم توفر القدرات التقنية، إذ أن علاقات بعض كبار المسؤولين مع بعضهم لم تتكاتف لتبني دولة مؤسسات حسب الأصول. لقد وصلت الأمور إلى أسوأ درجات التنسيق بين بعض كبار المسؤولين، بل يمكن القول إن صراع بعض القوى يتصدر الموقف. الحقائق تقول إنهم لا يرحمون بعضهم البعض، وان هناك ضيقا على أعلى مستوى بما وصلنا إليه، في الوقت الذي تعاني فيه بلدنا أصعب الظروف وحالة من ثبور لا تسر صديقا ولا تغض عدوا.
وعليه, فقد آن الأوان أن تدار البلد من فريق يخاف الله، ويثق به الناس، ولا تكون مهمته فقط ادعاء الذكاء والخبرة, في استحضار صولات وبطولات لجولات سابقة لا تفيد بلدنا في شيء.
الحقيقة الماثلة, أن رأي عام يتبلور, تتحدث به شخصيات فكرية وسياسية بارزة, يتناغم بدقة مع ما يدور بخلد العامة من مطالب إصلاحية, يلتقطه بعض الخاصة من رجال حكم وإدارة سابقين ولجان هامة وأحزاب وتجمعات, تشكل حالة فريدة من حراك وجدل حول هموم وأولويات المرحلة الراهنة, يصل في حدته حدود الكلام غير المباح.
بظني, لن تهدأ الحالة بسهولة بسبب قلق وخوف من القادم المجهول الذي ينتاب المواطن الأردني, وتخوف من ربيع ملون, قد يتم صياغته خارج الحدود, وحساسية مفرطة من المشهد الكلي للحياة العامة, وعدم إحساس شرائح من المجتمع بعدالة توزيع المناصب العليا والمتوسطة لمن هو كفء لها, علاوة على مشاهد غير واعدة من الربيع العربي الراهن, وبعض الموروث من الماضي السياسي الأردني, الذي يبطئ تحقيق وعود في الإصلاح قطعت, وهو مدعى للغط وتوتر مجتمعي يتنامى.
يسعدني كما غيري سماع خطاب وطني سيادي رصين, يعيد الثقة ما بين المواطن والحكومة مثل التوصية بتأهيل الجيش العربي الباسل بقوة ردع صاروخية حديثة, استعدادا لملاقاة عدو لا يؤمن معه عهد ولا وعد, والقضاء على الفساد, وإعادة أموال الناس التي سلبت بفعل البورصات الوهمية والدعوة الصريحة إلى تولي أصحاب التأهيل والحكمة زمام الأمور في المواقع الحساسة للدولة. ولا يسعدني تكرار سماع مواقف سياسية وإعلامية, تطالب علنا بالمحاصصة وتحث الدول الغربية بالضغط على الأردن للقبول بالمحاصصة ولم يتورع البعض في مقابلات لوكالات أجنبية أو الكتابة في صحف أجنبية لدول غير صديقة بهذا الخصوص. وعليه, فما المانع من تبني إلغاء بيع مواقع سيادية تشكل ذاكرة سيادية ووطنية للأردنيين, والعودة عن قرارات ليبرالية أثبتت فشلها وأدت لحالة من عدم الرضا يتحدث به الناس في كل مكان, وما المانع من تكليف شخصيات وطنية ثقات, يجمع عليها أغلب الناس لقيادة مرحلة جديدة, تعيد الثقة برجال الدولة كما يبتغي الوطن ويدير انتخابات نزيهة, تمحي ما قد ترسب في ذهن المواطن من تزوير سابق أفقد العامة وبعض الخاصة الثقة بسلامة العمليات الانتخابية.
الخلاصة: أن يخفض بعض أصحاب الألقاب صوتهم خدمة للوطن وأن يتقاعدوا عن مهمة الولاية الدائمة التى تشكل شغلهم الدائم وذلك بتقديمهم رسائل ونصائح ينتابها وشوشة بتخويف وتخوين من تلاهم أثناء حضورهم بين الناس. فالبلد تحتاج لخطاب وطني موجز يركز على تقديس العمل والتنمية أكثر مما يركز على التنظير وعدم اللإعتراف بجهد السابقين واللاحقين خوفا على أمن وأمان الوطن في المرحلة القادمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات