هَلْ خَرَجَتْ خَرْجَا ؟!


مَن منكم لا يعرف (خرجا) ؟ قريتي الصغيرة الوادعة علي ضفاف االيرموك الخالد , الخاصرة الشمالية لهذا الوطن الغالي , دُرَّة بني كنانة , تعيش حياة هادئة ككل قري الأردن , تقعُ إلى الشمال من عروس الشمال اربد , وعلى بعد اثني عشر كيلو مترًا .
كمْ حزنتِ لظلمٍ وقع على أَهلِكِ دونما ذنب ؟ وقادهم هذا الظلمُ إلى عذاب أعظم , هو التقاتل , والتدابر , والتقاطع , والتنكيل , رغم أنَّهم كانوا أهل حق في ألاحتجاج والتعبير , وكانوا إخوةً متحابين , وكانوا دومًا يقولون : أننا أبناءُ الأردنِّ الأشمّ , ولسنا أبناءَ خرجا وحدها , ولكنْ مَن يسمعُ لتلك القرية البعيدة ؟ التي لا تتحدثُ عن قسمةِ سلطةٍ , أو ثروة .
وفي قراءةٍ بسيطةٍ لأسباب خروجهم , أنّهم يطالبون بالإصلاح الحقيقي , والقضاءِ على الفساد و الفاسدين , وهذا حقٌ لمن يسمعنا نحن أبناءُ تلك القرية الصغيرة في حجمها العظيمة في فعلها , وكثير من قادة العمل العام من لا يزورها لا بل لا يعرفها , رغم ما جاء من أخبار مؤسفة , تتحدث عن أحداث شغب دامية , ووقوع إصابات .
إنَّ هذه الحراكَ الشعبيَّ , إنما هو نتيجةُ سياسات خاطئةٍ , ومنهجُ العشوائية الذي يتَّبِعُه أصحابُ القرارِ السياسيّ , ولذا فنحن نؤكد أنَّ الحراك الشعبي الأكبر , قادم لا محالة , وأنَّ ذلك ما هو إلا تعبيرٌ عن السُّخط ِ, والاستياءِ الناتجِ عن انعدام معايير الرؤيةِ الواضحةِ للإصلاح , وانعدامِ العدالة , واتّباع سياسة العصا .
إنَّ التيارَ الرافضِ للإصلاح الذي ينبنغي أن يشكلَ حصانةٍ لكل الأردنيين , هو وراءَ الأحداثِ المؤسفةِ , التي حصلت لأولئك الذين لا ذنب لهم , سوى أنهم يطالبون بإحداث إصلاحاتٍ تُغَيِّر من واقعه .
إن الحكومةَ هي من تسبب بالأحداث المؤلمة على مساحة وطني الحبيب , وليس فقط في قريتي خرجا وحدها , لإجهاض جهود الإصلاح , التي يطالب بها الشعب , والذي بات فيه النسيج الاجتماعيُّ هشًا بعد "الوقيعة" القاسية بحق المتظاهرين , فالشعب الأردني لم يعد يطيق هكذا سياسات حكومية خاطئة ، ساهمت في تعميق الهوة بين أفراد الشعب الواحد , وفي دفع أعداد كبيرة من الأردنيين , للتظاهر والاحتجاج , قد يطول أمده , أو يقصر , للمطالبة بالإصلاحات ووقف الفساد ومحاربة الفاسدين , الذي ساهم في تدمير اقتصاد البلاد ورفع نسب البطالة , بسب فشل الحكومات في التصدي لهذه الآفة , التي تُعَدُّ مواجهتها ومعالجتها أولوية عند قطاع واسع من الأردنيين .
أن تلك المظاهرات والاحتجاجات , ما هي إلا بدايةٌ لموجةِ مظاهرتٍ أكبر في الفترة القادمة تشمل كافة أطياف الشعب الأردني .
قد تتسع رقعتها وامتدادها ، وأكثر ما يخيف , هو عدم السيطرة عليها , وطول الفترة , مما يؤدي إلى فوضى كارثية , وتوقُّف عجلة الإنتاج , يفضي إلى شلل اقتصادي خطير .

آنَ للحكومةِ أنْ تدركَ أنَّ في سياستها مقامرة ، وأنَّ هناك احتمالاً لأن تثيرّ احتجاجاتٍ جماهيريةٍ بحجم ٍلم نشهدْه من قبلُ , منذُ بدايةِ ثمانينات القرن الماضي».
فالسِّياساتُ الحكوميةُ التي شهدتها الأعوام الفائتة , بيَّنت الشرخَ بين ذوي الامتيازات - الفاسدين – والمعدمين الكادحين من أبناء الشعب , وأنها وراء «حالة التململ الاجتماعي ».
ويا عجبي ! لماذا لم يتعظْ القائمون على السلطة من كل هذه السنين والقصص ؟ التي تقول : إنّ القمعَ دواء فاشل , في مواجهة الاحتجاجات و احتوائها .
فهذا فرعون , الذي ذبح بني إسرائيل في النهاية ابتلعه البحر, فما الذي استفاده من قمعه لشعبه ؟ وماذا استفاده غيره ؟ المشهد نفسه يتكرر في وطننا الغالي , حيث تعتقد الحكومة أنّ سياسة تخويف الناس بالسجن والضرب سينفعُ , و تعتقدُ أنَّ السياسةَ الفرعونيةَ وَكْبتِ الحريات , هي أفضل السبلِ لإرجاع الناس إلى بيوتهم .
ولكنْ ما نشهده من أحداثٍ احتجاجيةٍ متصاعدةٍ , لدليلٌ واضحٌ على فشل هذه السياسات القمعية , التي تمارسها الحكومة .
الحلُّ الوحيدُ , هو الجلوسُ مع الشعبِ , والاستماعُ لِما يقوله , وإعطاءُ الشعبِ حريَّتَه الكاملةَ من غيرِ نقصانٍ . وأخطر ما في الأمر , أنَّ هناك أزمةَ ثقةٍ شعبيةٍ في الحكومات , لم يعدْ ممكناً إخفاؤها ، فالمراقبون يرَون أنَّ الثقة بالحكومة , وصلت إلى أدنى مستوياتها شعبيًا , تزامنا مع التغيير الحاصل على مساحة الوطن العربي الكبير .
ويرى الكثيرُ من المحللين , أنَّ مشكلةَ الأردنيين , لا يحلُّها رحيلُ حكومةٍ أو حلُّ برلمان فقط، , بل يتطلب الأمر إجراءاتٍ سياسيةٍ من نوع مختلف , وإصلاحاتٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ كي يكونَ هناك توازنُ سلطاتٍ بالمعنى الحقيقي , يمنع التفرُّد بالقرار , بعد الأوضاعِ السياسيةِ و الاقتصاديةِ المترديةِ , التي شهدها الأردنُّ في الفترة الأخيرة .
وتؤكد فعالياتٌ شعبيةٌ , أنَّ المسيراتِ والاحتجاجاتِ ستستمرُ حتى استقالة الحكومة ، وإعلانِ إصلاحات ٍسياسيةٍ في طريقة تشكيل الحكومات ، فيما تتعدى المطالب إلى المطالبة بحلِّ مجلس النواب , وإجراء انتخابات جديدة وفق قانون عصريّ و ديمقراطي .
حفظ الله”وطني” الأردن , وقيادته , وجنبه كل مكروه , و”أشرك”أهله في خيراته , وجعله آمنا مطمئنا , يأتيه رزقه رغدا من كل مكان , يؤوب إليه أبناؤه , فيستقبلـهم بدفء الأمومة وحنانها , ويغادرونه فيودعهم وداع “الأم لوحيدها ويقرأ عـلـيـهم” ربنا افرغ علينا صبرنا وثبت أقدامنا .


Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

من حريما
يا حرام اهل خرجا اعتقدوا انهم بالكرك و الطفيلة و نسوا انهم بالشمال ,,,
12-10-2011 11:48 AM
زعبي
لو ان خرجا بالجنوب لما جرؤ احد على المساس بهم ,, لكنهم بالشمال فكان القمع و الغاز المسيل للدموع بمواجهتهم

ذيبان تحتج اسبوعيا و بصوت اعلى بكثير من صوت الخرجاوية لكن لم نسمع عن هراوات ولا عن غاز مسيل للدموع



يبدو ان جلوب باشا لا يزال يعيش بين ظهرانينا
12-10-2011 11:52 AM
اين الشمال
هم وراء كل (( مفسدة )) نجد ان العشيرة عندما تطالب ابلاصلاح يخرج علينا بيان من هو (( ضــده )) اي تحريض نفس العشيرة بواسطة أيادي خبيثة وهكذا يقسمون المجتمع ويقسمون على تقسيم الوطن ,,, هم من زرعوا بذور الفتنة والفساد تيار الشد العكسي وأذرعهم وذيولهم ويدعون انهم هم الأوصياء على الوطن ولا رؤية غير رؤيتهم !!! ونحن مع استقالة الحكومة وعدم اشرافها على الانتخابات فلم يعد مجديا تلميع الصورة !!!
12-10-2011 12:05 PM
الى : من حريما
هنالك مثل يقول : قُصر الذيل يا زعرة .انتم تعلمون تمام العلم ان اهل خرجا دائما وابدا في الطليعة وهذا مايغيظكم و يجعلكم تنفثون نار الحقد والكراهية ولكن النار لاتأكل الا نفسها , لقد سجلت خرجا رغما عن كل حاقد ,موقفا متفردا ,نالت احتراما وتقديرا من كل صوب وحدب ,واصبحت تلهج بذكرها الالسنة .يحميك الله يا خرجا يا درة الشمال . ملاحظة : الشكر كل الشكر الى استاذنا الفاضل منتصر الزعبي الذي اتحفنا بهذا المقال الأكثر من رائع والذي لم يقل الا الصدق والحق .
12-10-2011 02:39 PM
احمد عطاللة الصغير
سلمت يمناك ونحن معك



12-10-2011 02:44 PM
طفيلي
ان ماسطرته يافضيلة شيخنا هو التشخيص للداء العضال الذي يشكو منه الوطن وها هو بين يدي المسؤولين وماعليهم الا الدواء واذا مااغمضوا عيونهم فان الله عزوجل سائلهم عما استرعوه فالبطولة كل البطولة ان يعدوا الجواب لهذا السؤال لان الله عزوجل سيسألهم يوم القيامة وصدق الله الفظيم اذيقول : (وقفوهم فانهم مسؤولون )



12-10-2011 02:48 PM
ابن خرجا الوفي
تسلم تسلم تسلم يا استاذنا الفاضل على هذه الكلمات الرائعة التي شخصت الحدث بصدق وعالجته بشفافية تامة لقد كتبت جقيقة ما جرى بل عين الحقيقة والذي اسأل الله ان يعينك عليها .
12-10-2011 03:03 PM
الى صاحب التعليق رقم 4
من المؤكد انك لا تجيد ...........
12-10-2011 03:37 PM
ابن خرجا
خرجا اهل العز والروءة على مر التاريخ والزمان
12-10-2011 03:41 PM
ابن الزعبي
يسلم فمك يا شيخ واحنا كلنا ضد الفساد والمفسدين و مع الاصلاح في ضل الراية الهاشمية
12-10-2011 03:43 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات