تختفي معظم حيات وهوام الأرض حين يأتي الحاصدون لحصد الأرض ولا يبقى ظاهرا منها إلا من كتب عليه الهلاك ، والغالبية تختفي في بطن الأرض لحين انتهاء (حراك الحاصدون) ، وهذا بالضبط ما حصل ويحصل معنا في ارض السياسة ، فقد اختفت العقول الأمنية التي لا تؤمن بالديمقراطية تحت الأرض وعلى مضض نتيجة الأمر الملكي بحرية التعبير الديمقراطي للشعب ، ولكن بعض العقول الأمنية لا تستطيع العيش هكذا ، ولا تستطيع رؤية الشعب يعبر عما يريده بطريقة حضارية ، فعقولهم جبلت على الحلول الأمنية الصرفة ، وهؤلاء في عرفهم ونظرهم المواطنون مجرد أرقام ، وربما مجرد خراف يجب أن تقبل بما يلقى لها على الأرض ، ولكن الأمر الملكي فوقهم وسبقهم ، فكانت ظاهرة البلطجيه .. وكما فعل بعض أصحاب مثل هذه العقول الأمنية في دول مجاوره يقوم به هؤلاء في وطننا الغالي ، ولا اعلم ماذا يظنون ؟ أو ماذا يخيل لهم شياطينهم ؟ هل هم أقوى وأذكى ممن سبقوهم في دول الجوار ؟ ألا يرون أن من سبقوهم هم الآن ذليلين في قفص العدالة وأمام شاشات الفضائيات ليحاكموا بالعدل على تعديهم على شعبهم ..!! ألا يعلموا انه سيأتي اليوم الذي تفتح فيه هذه الدفاتر المقيتة ويعلم من كان خلفها ؟ ابتداء من حادثة دوار الداخلية مرورا بما يليها ووقوفا عند ساحة النخيل ، وبالتأكيد ليست حادثة (شبيلات-ساكب) خاتمة الأحزان ..

التغييرات الملكية القادمة ستطال رؤوس الدولة قاطبة من الدرجة الأولى ، وسيكون الجنرال على رأسها ، ولن يشفع له ابتعاده عن شاشات الإعلام كثيرا ، فأفعاله السلبية أقوى من صمته ، وكنا نجزم أن التغيير سيطاله شخصيا فقط ، ولكن بعد حادثة (شبيلات-ساكب) فان التغييرات الصامتة ستطال قيادات من الدرجة الثانية وعلى الأرجح من الدرجة الثالثة أيضا ..!! ولو اجمع كل الأردنيون على هذا الطلب لما حدث ، لأنها الجهة الوحيدة المنظمة بالطريقة الهرمية والتي لا يؤثر تغيير رئيسها على سياستها مطلقا ، وهي كما نظام الحكم في أمريكا ، لا يغير الرئيس فيها إلا بعضا من السياسات السطحية والباقي يتبع نظام المؤسسات الهرمية ، واستراتيجيات بعيدة المدى.

بالتأكيد لا يعلم البخيت وكل حكومته مسبقا بحادثة (شبيلات-ساكب) ، والبخيت كالعادة لا يعلم كثيرا ممن يجري ..!! ومن المرات القليلة التي يكون فيها البخيت و(ساكته) و(متحدثه عاشق الفضائيات) بريئون من تدبير ما جرى ولكن هذا لا يعفي ثلاثتهم من مسئوليته .. وبالتأكيد ما حدث وضعهم في قمة الإحراج ، فلا هم يستطيعوا الإشارة بوضوح إلى من خلفه ، ولا هم يستطيعوا نكرانه ولا هم بعيدون عن تحمل تبعات أفعال غيرهم ، ولا يملكون أي شجاعة مهنية أو أدبية لإلقاء القبض على أي بلطجي خوفا من أن يقول الحقيقة المرة ، المحصلة ، شربوا كاس العلقم المر واحنوا جميعا رؤوسهم للعاصفة علها تمر بسلام وخرجوا علينا بروايتهم المقيتة والمستهلكة (خلاف بين مؤيدين ومعارضين والأمن فض الاشتباك) ، وأطاعوا كي لا يضيعوا .!!

التنظيم الدقيق والاستراتيجي في الهجوم والكر والفر للبلطجية يؤكد وجود توجيه ميداني بينهم ، ولو رأى احدنا ما حدث من فوق ، مثل مشاهدة مباراة من المدرج لتملكه العجب العجاب ، فبعض البلطجية كمنوا بين الأحراش وبدئوا بإطلاق أسلحتهم أي حجارتهم والبعض احرق الإطارات وأغلق كافة مداخل ومخارج المنطقة والبعض يمثل فريق التدخل السريع فهو قلب الهجوم يرصد الحدث ومستعد للتحرك الفوري ، وقاموا تماما بالذي يقوم به الجيش السوري قبل الهجوم ، قطعوا الكهرباء عن مكان المحاضرة ، ولا نعلم هل قائدهم الميداني أمر بقطع الاتصالات والانترنت أم لا ..!! ثم بدأ الهجوم من عدة محاور على مكان المحاضرة ، ولم ينسوا شيئا حتى سيارة ليث شبيلات (قصفوها) وبعض سيارات الحضور ، وبذلك يكتمل الهجوم المنظم للجيش السوري عفوا اقصد للبلطجية ، وحسب الصورة السابقة كان القصد هو اغتيال المهندس ليث شبيلات ولم يكن قصدهم إفشال المحاضرة ، وبالنظر إلى التطور الديناميكي للأحداث ، كان يجب قتله في مكانه قبل أن يتدخل الدرك .. ، ومما يدلل على ذلك هو الفترة الزمنية بين إغلاق الطرق بالإطارات المحروقة ، وترك الطريق الجانبي سالكا للمهندس ليث شبيلات ليصل، وبين وصول الأمن لمكان الحدث ..!! وبمقارن بسيطة لسرعة تحرك الدرك لو أرادوها سريعا ، هب أن جمعا خرج من المسجد المجاور لسفارة الكيان الصهيوني بعد إحدى الصلوات وتوجه للسفارة ، كم تتوقع من الوقت يلزم لوصول ألف رجل امن إلى الموقع ..؟؟ حرق الإطارات تم بالقرب من وجود سيارة للشرطة في بداية الحدث ، أي أن الموضوع وصل لقيادات البلد قاطبة خلال اقل من خمس دقائق ، ووصولهم تأخر كثيرا ، ألا يوحى لنا هذا بشيء ..؟؟

في موسم الحصاد الشعبي الحالي ، يجب على كافة فئات الشعب أن تتقدم بالشكر الجزيل لكل من شارك أو سكت عن حادثة (شبيلات-ساكب) لأنهم اظهروا رؤوسهم للعلن ليتم حصادها مع التغييرات القريبة القادمة، وحصاد هذه الرؤوس التي تحمل عقولا أمنية صدأه وعقيمة يتم بالسر لا بالعلن ، وجلالة الملك يعلم بالذي حصل ويعلم من ورائه الآن ، من منظور انه يتابع الأحداث بدقة ولا يكتفي بالتقارير العقيمة التي تصله من بعض العقول الأمنية التي هي على رأس الحصاد القريب القادم ، ومما يدلل على ذلك قول جلالته في احد المناسبات :

((

استياء الملك عبدالله الثاني من أداء المؤسسة الأمنية، إذ لم يتردد الملك في لقاءه وفداً شبابياً وصف قيادات أمنية بـ"الديناصورات".

الملك فاجأ الوفد بالقول إن "أجهزة أمنية تعمل ضده، وتخلق له مشاكل مع الشارع".

الملك هاجم قيادات أمنية "عليا"، متهمها بإشعال هبة نيسان عام 1989، و"العمل صراحة ضد والده الراحل الملك الحسين بن طلال".

الملك : "إنني على علم بوجود شخصيات أمنية تسعى لإحداث شرخ بيني وبين شعبي".

الملك مع الشباب حمل مفاجأة أخرى، حينما كُشف عن توجهات ملكية بإقالة عدد من القيادات الأمنية خلال الفترة القادمة "لتورطها بتأزيم الشارع".

صالونات سياسية تداولت منذ أيام؛ أنباء عن قرب رحيل مدير المخابرات العامة اللواء محمد الرقاد، ومدير الأمن العام الفريق حسين هزاع المجالي

))

حادثة (شبيلات-ساكب) كانت مفصلا حاسما في اراحت البلاد والعباد من بعض العقول الأمنية التي كان يجب أن تزول من زمن بعيد ، وهي حادثة ذات تبعات جيده على الصعيد المحلي ، وهذا عزائنا للمهندس ليث شبيلات إن كان هناك من عزاء ، فهو أبدا ودائما يضحي بنفسه من اجل هذا الوطن ومن اجل إخوانه المواطنين ، وان كنت لم ألتقيه عن قرب مسبقا ، وان كنت أتحفظ على بعضا من أفكاره ، إلا أني أحييه على قول الحق حين جبن الكثيرون .

حفظ الله الملك ، وأدام عز الهواشم


abdullahalsalehklob@gmail.com