رسالة من نار؟!!


على أنغام الصخب وعبث الأطفال تسرقك الأضواء المشبعة بألوان الحياة الزاهية لتستوقفك وترسم علامات استفهام كبيرة بحجم السوأل الذي يتمحور في ما هية الدوافع وراء هذا العبث؟!!! وهل هو تفريغ شحنات حانقة شحنت في بيت بائس ...أم ان هناك دوافع عدوانية تولدت جراء الفقر والقهر؟؟!!!طفل في السادسة عشرة من عمره بدأت عليه ملامح القهر والعناد والتمرد أسكن سكينه في جسد أنبوب المياه الذي يغذي الحي وسلطه على حفرة امتصاصية بجوار بيته؟!!! حاولت أن أقرأ أفكاره قبل أن أحاوره وقبل أن تبدأ معركة حتمية عبرت عنها عيون ونظرات عدوانية تخفي ورائها الكثير...قلت سأتابع مسيري أتناول طعام الإفطار لعل الله يفرج الهم وينزل سكينته لتنزع من هذا الشاب شر لا بد منه؟!!! خرجت وحاولت أن أجمع قواي واستحضر الحلم والهدوء فكان لي ذلك ...سلمت عليه وحاولت أن أبدأ الحديث بود ولطف من خلال الترحم على والده الذي كان حبيب الكل في الحي...لكنه رمقني بنظرة وأشاح بوجهه صوب المياه العادمه التي تتدفق من فوهة الحفرة الامتصاصية...والتي جاءت كنتيجة حتمية لغزارة المياه المتدفقة عبر أنبوب الماء الذي حرمت منه خزانات الحي بأكمله...قلت لنتقي الله فأنت حرمت الحي الذي تعيش فيه من الماء وأحدثت عندهم مصيبة وتخاذل ...تنهد بعد أن أشعل سيجارة نفث منها بقوة مما جعل رئته تصرخ وتستنجد... فقال: أتعرف لماذا عبثت في هذا ؟!!! حتى تندفع المياه العادمه للشارع العام وتملا الحفر التي تناثرت في الشارع لتغدو رسائل للبلدية ووزارة الأشغال...قلت: أنا أمام فيلسوف متمرس يمتلك مهارات الإبداع ..فقاطعته وقلت لكن هذه رسالة خاطئة...فقاطعني قائلا كلامك منمق وأجوبة جاهزة وأنانية قاتلة ..قلت له ليتك سلطت المياه على حديقة جارنا التي ارتسمت ملامح الموت على أشجارها....وبدون سابق إنذار قال: تبا لكم لا تفكرون الا في مصالحكم...وتابع ...جارنا ألبيك يسرق المياه ويحرمنا منها ليجني محصول الزيتون ويتمتع بحديقة عامرة بأضواء خافتة وصخب ومجون...ويحرمنا من الماء..أتعرف لماذا أتلفت أنبوب المياه ؟!! لأنني لا أجيد الكتابة ولا أحسن فن الخطابة ..أتلفته لأوجه رسالة للجهات المسؤولة مفادها بأننا محرومون من الصرف الصحي ومن خدمات الرعاية الصحية ...رسالة تستقر على طاولة مدير التنمية الاجتماعية ليحرك ساكنا ويعد دراسة عن حينا الذي يلفه الحزن والموت والكراهية؟!!!!! حينا الذي سرقت البسمة من شفاه سكانه ممن تقطعت بهم الأسباب وعاشوا تحت وطأة الفقر ...وصرخ بقوة وكأنه يريد أن يؤكد ... الم تهضم دراسة السيدة( سغريد كاغ) المدير الإقليمي لمكتب اليونيسيف في الشرق الأوسط والتي تقول بأن الطفل الذي يعيش في خط الفقر لا يمكن ان يحصل على فرصة الصحة والتعليم...أستوقفك عبث في أنبوب المياه ولم يستوقفك العبث في حياة الفقراء ؟!!! قلت لا تدعني أهرب الى حيث لا حوار فأنت خطة تنمية ودراسة وإبداع....قال: ليتكم تفهمون وتدركون بأن الفقر يولد العزيمة ويصنع الرجال...وتابع جارنا يعيش في بؤس وحزن وموت ...ثلاثة من أبنائه يعيشون حياة الموت القاتل جراء إصابتهم بشلل رباعي ووالدتهم تصارع الموت جراء جلطة قاتلة ومعيلهم الوحيد تجاوز السبعين ..الا يستوقفك هذا ؟؟؟ ويستوقفكم أنبوب ماء؟!!أنحجبت الرؤية عندي وارتفع الضغط وقلت حيلتي من حديث مزق وجداني ووضع علامة صفر في جبيني حينما قتلت في داخلي المروءة عندما تخطيت جاري المسكين الذي يئن تحت وطأة الحزن والمرض والدمار!!!! قال: لم تكتمل الرسالة تجندوننا لأجندتكم الخاصة النتنة حيث ما تشاءون وتقذفوننا بالحجارة حيث تنتهي مصالحكم ...تجيرون وطنيتنا وإخلاصنا وحبنا للوطن لكم وتدكون كرامتنا بأقدامكم حين تلقون مخلفات ولائمكم في جوف الفقراء ممن حرموا الحياة الكريمة والعيش في وطن وجد من أجلنا!!قلت : على رسلك رسالتك وصلت ...الماء غسل غشاوة أصابتنا عنوة فالحياة مدرسة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات