أَحْجَارٌ تَحْتَ قُبَّةِ البَرْلَمَانِ


يقولُ الرافعيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - : ( لا يُعذِّبُ فاقدَ الفضيلةِ شيءٌ , مِثْلُ رُؤيَتِها في غيره , وأنَّه لا يستطيعُ تحقيقََها في نَفْسِه ) .
تذكّرتُ هذهِ الكلماتِ الرائعةِ لأديبنا الكبيرِ , وأنا أتابع التصويتَ المُعيبَ والمُخجلَ على قانون [ مكافحة مَنْ يكافح الفساد ] في مجلس الغُمَّة , وهم يمنحون الحكومةَ صكوك الغفران , لتأصيل وتحصين الفسادِ وتغوُّل المُفسدين , فقلتُ : إنّ أصحابَ المنكرِ يألمون من أصحابِ الفضيلةِ , وهم يتربعون على عرش فضيلتهم .
فمكافحةُ الفساد من أهم الفرائض في ديننا الحنيف , لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أمر بذلك في كتابه العزيز , صيانةً وحمايةً للمال العام , من أن تَطالَه الأيدي ألاثمة , فلا يجوزُ ولا بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ حمايةَُ الفاسدين وشرعنةُ قوانينَ تحميهم , فهل يعقل أن يكونَ جزاءُ مََنْ يأمرُ بالمعروف , وينهى عن المنكر , ويرشد الناس إلى فعل الخير , أن يُغرَّم ثلاثةَ أضعافِ مَنْ يتطاولُ على الأنبياء والمرسلين , أو يُزجَّ بهم في السجون , بينما أصحابُ الفسادِ يسرحون ويمرحون ؟ !! . وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) [البقرة:11-12].
إن الحُجّة الواهية , التي يتجاسرُ ويتبجحُ بها مؤيدو القرار , أنهم يَرَون فيه اغتيالاً للشخصية , ومن هي تلك الشخصية ؟ هذا ادّعاءٌ باطلٌ وغيرُ صحيح , ألا فليعلم هؤلاء أنَّهم بقرارهم هذا قد اغتالوا وطنًا بأكمله .
فلماذا يخلطون الأوراق ؟ لماذا لا يتكلمون الحقيقة ؟ لماذا الكذب والدجل ؟ لماذا لا يقولون : إنّنا نريدُ أن نحميَ أنفسَنا أولاً ثم غيرَنا ؟ من أنْ تطالَنا يد العدالة , كي يكونَ الوطنُ مستباحًاً لعصابةِ علي بابا والأربعين ألف حرامي .
هل تظنوننا أنَّنا مجردُّ قطيعٍ من المغفلين , ومجلسُ النواب راعينا , ومنفيون نمشي في أراضينا , ونحملُ نعشَنا قسرا بأيدينا , لِنُساقَ لمشاهدة تمثيلياتكم الساخرة على مسرحكم الخائب ؟ كفاكم تمثيلا , فالبطل قد مات... قد مات !!
إنكم تروّجون لنا كِذبةً صلعاءَ أكثرَ من أخواتها , هل تظنون أننا ما زلنا نًصدقكم في كِذبتكم - الإصلاح - ؟ إنّها أوهام عششت في عقولكم انتم وانتم وحدكم.
إنها الجريمة الكُبرى التي سيُسجلُها التاريخُ عليكم بحروفٍ كُتِبت من وحلِ مًستنقع السرقة , والفساد , واستغلال النفوذ , يا مجلس التسالي , لأنكم زوَّرتم إرادةَ الشعبِ , كما هي حالُكم , وفاقد الشيء لا يعطيه .
فيا نواب 111 اعلموا أن يوم الثلاثاء 27/9/ 2011هو يومً عارٍ في تاريخكم النيابيِّ , فلا تذكروا أنكم نوابٌ للأمةِ بعدَ اليوم , ولا تتشدقوا بأنّكم ممثلون لهذا الشعبِ , لأنّكم أصبحتم عدّوه الأول .
ولا تتكلمـوا إنّ الكلام محــــــــــــــــرم نامــوا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النـوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتقدموا ودعوا التفهم جانبا فالخير ألا تفهموا
إنّكم دنّستم طُهرَ الألفاظ ونقاءَها , حين تلوكونها في أفواهكم , لا تحتفلوا بيوم السابع والعشرين من أيلول الأسود بل اطووا صفحته , فهو يوم اسود في تاريخكم الملطخ بالعار, لأنكم لم تعودوا خليقين بهذا المكان - مجلس النواب - ولا تتباهوا بقراراتكم فما هي إلا فستق فاضي . أليوم سيكتب التأريخ عنكم أنكم خسرتم كل شيء , حتى الاحترام .
مَنْ يقبلُ من الشعب أن يكونَ له هكذا مجلس نواب ؟ كيف نضع مقدراتِنا وحياتِنا في يد حِفنةٍ من المغامرين المقامرين المتسلّين بمصير الشعب , التي قادتنا نحو الدمار من أجل أطماعٍ شيطانيةٍ وتطلعاتٍ شخصيةٍ وأغراضٍ وصولية ؟
هم يزعمون بأنهم يحاربون الفساد ، مع أن الحقيقة تقول عكس ذلك .



تعليقات القراء

خالد التميمي
والله ما انا عارف يا شيخ شو بدي احكي ( خليها بالقلب تصطح ولا تطلع برا وتفضح ) صار الواحد يحسب الف حساب عندما يريد ان يعبر عن رأية خوفا من ان نعتبر من المغتالين للشخصيات ... ولكن كلي أمل بجلالة سيدنا ابا الحسين بأن لا يوشح قرارهم بتوقيعه لكي تكون صفعة قوية لهم .
29-09-2011 02:13 PM
سناء جميل
نحن معك قلبا وقالبا كل ما جاء بالمقال يحكي عين الحقيقة بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء
29-09-2011 09:51 PM
ابو بركات
القوى الاجتماعية الضاغطة كثيرة، و هي كثيراً ما تستدرج المصلح ليتحول بعد فترة وجيزة إلى جزء من جهاز الإفساد، فما أكثر ...............المختلفة ليـــقنعوا أنــــفسهم و الناس بصـــحة ما دخلــــوا فيه، و قد نهى الله تعالى عن ذلك حيث يقول: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)() و قال تعالى (كالذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين)() و نرى وصية موسى لهارون(عليهما السلام) (وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين)().
30-09-2011 01:52 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات