المشروطية الإخوانية


أداء الحركة الإسلامية والمقصود هنا جماعة الإخوان المسلمين خلال أشهر الحراك الماضية كان منضبطا بعدة محددات:
1-مغازلة الشارع الشعبي ومحاولة عدم التخلف عن حراكه,ومحاولة تبني المطالب الفئوية ،والانفتاح على فئات وشرائح سياسية ومجتمعية جديدة،كل ذلك وفقا لضوابط غير معلنه.
2- تمييز الذات عندما تقتضي الضرورة في بعض المواقف والأفكار عن الحراك الشعبي وإندفاعاته غير المحسوبة إلى حد الإختلاف العلني معه.
3-محاولة ضبط العناصر الشبابية ومنعها من التفلت الكامل ،مع السماح لها بتفريغ شحناتها الزائدة عبر يافطات أخرى تعود إيجابياتها على الجماعة ولا تحتسب سيئاتها عليها،ومنها مجموعات الملكية الدستورية ، 24 آذار و 15 نيسان و حرائر الأردن والطلبة الأحرار ،وغيرها.
4- محاولة المحافظة على النسق الإخواني الموحد في الخطاب والتحرك ،لكن هذه المحاولة لم تنجح في إخفاء التباينات العلنية في المواقف والأفكار بين تيارات الجماعة ورموزها.
5- المحافظة على حالة المراوحة والانتظار بحثا عن آفاق جديدة للربيع العربي،لا سيما فيما يخص الحالة السورية ،ليتم في ضوئها تطوير المواقف صعودا أو هبوطا.
6- النأي بالذات عن المهاترات والصياغات المسيئة والإسفاف في التعبير والخطاب التي انطبعت بها كثير من العناوين الفاقعة للحراك الشعبي ،وهذا يسجل للجماعة التي عودتنا على السلوك المتحضر والموقف المتحضر والخطاب المتزن النظيف.
7- المحافظة على الخطاب المموه حول قضايانا المفصلية المرتبطة بهوية الدولة ،ومخاطر الوطن البديل.
8- المحافظة على العقيدة السياسية للجماعة القائمة على الرفض والتهديد بسلاح المقاطعة،مما يعني أن تحولات الربيع العربي لم تؤثر بعد في صياغة عقيدة سياسية جديدة للجماعة سواء لجهة التطرف أو الإعتدال.
هذه العناصر الأساسية في ظني هي التي شكلت الخطوط العريضة للتحرك الإخواني في الشهور الملتهبة الماضية،ولعل خلاصة الحراك الإخواني في المرحلة السابقة يمكننا قراءته في البيان الأخير للجماعة الذي يحدد شروطها الخمس للمشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية القادمة،وهي :

1. تشكيل حكومة إصلاح وطني لإدارة المرحلة، والإشراف على الانتخابات البلدية والنيابية، تتشكل من رئيس وزراء وفريق يتمتعون جميعا بثقة شعبية عالية، من حيث الكفاءة والنزاهة والحرص على الصالح العام، وبسط ولايتها على جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها المدنية والعسكرية والأمنية.

2. إجراء تعديلات دستورية تتضمن تحصين مجلس النواب من الحل، وتشكيل الحكومة من الأغلبية النيابية، وانتخاب مجلس الأعيان أو الاكتفاء بمجلس النواب سلطة تشريعية.

3. التقدم بمشروع قانون انتخاب يلبي المطالب الشعبية ويستند إلى نظام القائمة النسبية المغلقة على المستويين الوطني والمناطقي بنسبة 50 % لكل منهما.

4. تشكيل هيئة عليا مستقلة عن السلطة التنفيذية تدير الانتخابات البلدية والنيابية وتشرف عليها.

5. اعتماد الضمانات الكافية لجميع مراحل العملية الانتخابية للبلديات تسجيلا وانتخابا وفرزا، مع التمسك باعتماد سجلات الأحوال المدنية.
تحليل المضمون لهذا الخطاب يقول أن الجماعة تتبنى بشكل جوهري وحاسم مضامين حركة الملكية الدستورية المقلصة لصلاحيات الملك،وتفرض شروط شبه تعجيزية تتعلق بتعديلات دستورية جديدة،ليس لها من نتيجة سوى تسييد الحركة الإسلامية على المشهد الرسمي والشعبي ،لا سيما في ظل ضعف الحالة الحزبية الوطنية،فليس للبندين الثاني والثالث من نتيجة سوى هذه النتيجة.وأظن أن الجماعة بهذا الشكل تعيدنا مجددا للمربع الأول ولمضمون وفحوى البيان الأول لمجموعة 24 آذار الي تلاه من دوار الداخلية أحد شبابها ،وينص على إنتخابات نيابية قائمة على الكثافة السكانية،لأن مضمون ونتائج الانتخابات على أساس ما ورد في الشرط الثالث من شروط الجماعة الخمس لا يفضي لشيء إن ربطناع بمضمون الشرط الثاني سوى تغيير هوية الدولة والاقتراب من مخاطر العبث بالصيغة الوطنية ،والانجرار في مسارات الوطن البديل التي دافع عنها زوار العتمة للسفارات!
أعتقد أن عملية الاصلاح الشامل في وطننا وهي تتراوح بين الاقتصادي –الاجتماعي –السياسي،ستبقى تعاني من صداع مزمن تخلقه الجماعة ليس إلا لأنها تمزج بين تناقضات كثيرة في بوتقة واحده،وتعاني من غياب الوضوح . لكن لا يمكننا إنتظار ما ستفرزه الحالة الإخوانية . هل نقول هيا إلى الحوار ؟فهم يرفضونه من جهة ويصادرونه من جهة أخرى !هل نقول فلتتوقف عجلة الحياة في المحطة الإخوانية؟هذا غير ممكن!هل نقول فلتلجأ الدولة الأردنية إلى الاستجابة للمطالب الإخوانية التي تبدو متواضعة راهنا لعل وعسى أن نتقدم للأمام خطوة؟في النتيجة سنتقدم ولكن نحو المجهول!
أقول على الدولة الأردنية أن تحسم خياراتها وأن تتقدم خطوات جدية على طريق الاصلاح الشامل وأوله محاربة الفساد، وصون موارد الدولة ،وتحقيق تنمية اقتصادية – اجتماعية تنهض بالمعذبين في الأرض،وتحقق تنمية حقيقية في الأطراف ،ولا بد من أن تقترن هذه الخطوات بتعزيز الثقة الشعبية بالعملية السياسية الوطنية القادمة برمتها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات