التبعية وهندسة المناهج التربوية


لم يعد خافيًا على أحد ، يعمل في المجال التربوي أو مراقبا له، حالة التردي والانهيار الذي يعاني منه قطاع التربية والتعليم الحكومي في الأردن، فنجد أن هذه الأزمة التعليمية تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم حتى وصلت الأمية الهجائية في بعض المدارس الحكومية للصف التاسع إلى 45%،وهذا يقودنا إلى التساؤل هل نظامنا التربوي التعليمي عاجز عن تحقيق جودة التعليم وعن مواكبة تطور العلوم والثورة العلمية والتكنولوجيّة، انظروا أين كان التعليم في الأردن في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وأين أصبح الآن، من هو المسؤول عن حالة التردي التعليمي الحالي حتى أصبح نظاماً تربوياً فاقداً لوظيفته الوطنية والتنموية ولا يزرع سوى بذور الفشل والتبعية للغرب وللوكالة الأمريكية للتنمية ، هذة الوكالة التي تسعى لتغيير المناهج التعليمية إلى مناهج تروج للحوار والتسامح وتقبل الآخر على حساب أبجديات التعليم العربي الأصيل كما تدعو إلى تغيير المناهج المعادية للسامية حسب وصفها ، أو التي تدعو للأفكار الأصولية الإسلامية بالإضافة إلى إبراز دور الحضارة الغربية في التقدم الإنساني بهدف تفريغ المناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية من التوجه الديني تحت مسمي تطوير التعليم في الأردن برعاية أمريكية، فكان التاريخ واللغة العربية أول من طبق فيهما هذا التطوير .هذة الخطة الانجلوأمريكية تهدف أيضا إلى التدخل في تحديد المناهج التعليمية بالمنطقة العربية بشكل عام وفي الأردن بشكل خاص لان التعليم يعتبر أحد الموارد والمداخل بل هو المدخل الأساسي الوحيد لتطوير الأردن وبدونه لا إصلاح ولا تنمية اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو إنسانية
ونستذكر هنا ما ورد على لسان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بما لا يدع مجالا للشك أن المعونات الدولية التي تقدمها أمريكا من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية أو من خلال المساعدات كانت جميعا بهدف تفريغ المناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية من التوجه القومي والديني والقيم الأصيلة والأخلاق الحميدة وهو ما يسمي \\\"خطة تجفيف منابع الإرهاب\\\". وزرع القيم الغربية من خلال التطور التكنولوجي وحوسبة التعليم وجعل اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية في البلد لتمرير مشروع العولمة وفرض نظام التبعية الثقافية ، وهي أخطر أنواع التبعية، لأنّها تنبع من الداخل، فإنّ التبعية المفروضة من الخارج أمدها قصير في العادة، في حين أنّ التبعية إذا نبعت من الداخل وتحوّل الفرد إلى مستعبَد بمحض إرادته، فهذه العبودية ستكون طويلة وربما أبدية ،هذة هي التبعية التي تعمل أمريكا على غرسها في المجتمع عن طريق التدخل السافر في المناهج ورسم السياسات التربوية للعملية التعليمية في الأردن بالتعاون مع الوكالة الأمريكية والكندية واليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية من خلال المساعدات
والحقيقة هي أن المساعدات الأمريكية إلى الأردن هي في جوهرها مساعدات للكيان الصهيوني لأنها ترتبط بشكل مباشر بالمعاهدات و الاتفاقيات السياسية بين الأردن والكيان الصهيوني،. فقد تم إعفاء الأردن من 700 مليون دولار من الديون عام 1994 بعد اتفاق وادي عربة. كما إن المساعدات الأمريكية للأردن تعزز الأهداف الاستراتيجية لها في المنطقة بالإضافة إلى أنها تعتبر أداة أساسية من أدوات سياسة أمريكا الخارجية وأن المساعدات الخارجية لدول الشرق الأوسط ترتبط ارتباطاً مباشراً بأمن أمريكا القومي وازدهارها الاقتصادي\\\". في النهاية أن المساعدات الخارجية تشكل على المدى البعيد خسارة استراتيجية صافية لشعوب العالم الثالث، على الرغم من سراب الفوائد التي يبدو أنها تأتي بها على المدى القريب و لا تصبُّ في مصلحة الدولة الممنوحة ولكن في مصلحة الدولة المانحة كما إن أمريكا وليست الأردن هي الأكثر حاجة لاستمرار هذه المعونة بالنظر لفوائدها الكثيرة ،و أن واشنطن ستكون هي المتضرر الأكبر من قطع هذه المعونة المالية والعسكرية
قال تعالي (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) ، هذا أكبر دليل على أن إحدى المخاطر الكبيرة التي تواجه المجتمعات والأمم هي مشكلة تبعية الأمم الضعيفة للأمم القوية، وهذه المشكلة لا تتوقف ـ عادة ـ عند حدّ معيّن، فهي تستمر في كثير من الأحيان حتى تصل إلى مرحلة الذوبان الكلي للأمّة الضعيفة في الأمّة القوية، حيث تُمحى هوية الأمّة الضعيفة وكيانها بشكل كامل. وتصل إلي تشويه الهويّة الوطنية من خلال مناهج التدريس لأن بناء المناهج المدرسيّة هو جزء أساسيّ وحجر زاوية في مكوّنات الشخصيّة للمواطن



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات