بين الحكومة المنتخبة وحكومة إنقاذ وطني


يلاحظ المراقب لخطاب القوى الوطنية على الساحة الأردنية في الأسابيع الماضية وجود ما يكاد يصل إلى إجماع حول مطلب تشكيل حكومة إنقاذ وطني. ذلك الإجماع مضلل ويخفي في تفاصيله أحد أهم سلبيات الحراك الوطني الأردني الذي يمكن وصفه بالنخبوي ولا ينطبق عليه وصف الحراك الشعبي بما يتضمن ذلك من التفاف ما يسمى بالحرس القديم على ذلك الحراك ومحاولات تجييره واستثماره لمصالح شخصية أو مصلحة فئات أو جهات محددة ، وينسحب ذلك الإجماع المضلل على الاختلاف الكبير حول المقصود بالمطالبة بحكومة الإنقاذ الوطني .
عندما تطالب إحدى القوى الوطنية أو الشخصيات بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، غالبا ما يكون المقصود بذلك هو تكليف تلك الشخصيات التي تتبنى تلك المطالبة بتشكيل الحكومة ، مما يجعل المعنى المقصود بتلك الحكومة هو الضمير "أنا" أو "نحن" بما يتضمن ذلك من ارتباط كبير للمعنى المقصود بالمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني بمصدر تلك المطالبة .و بينما تطالب الحركة الإسلامية بتعديل المادة 35 من الدستور والمتعلقة بالية تشكيل الحكومات ، يكاد ذلك المطلب يغيب عن خطاب القوى الوطنية الأخرى بما يتضمن الائتلاف الشبابي والشعبي للتغيير وهو تنسيقية جديدة تتضمن كافة الأحزاب المنضوية ضمن تنسيقية أحزاب المعارضة بالإضافة إلى جهات أخرى كحركة جايين الملتزمة بأطروحات ناهض حتر وتقلباتها ، والتي كان آخرها الدعوة إلى تشكيل الحكومات الأردنية بناءا على مشاورات نيابية دون تعديل المادة 35 من الدستور ، بما قد يعزى إلى ظاهرة الاسلاموفوبيا السياسية لدى بعض القوى .وبما يتضمن أيضا الجبهة الوطنية للإصلاح والتي يخلو برنامجها السياسي المنشور من المطالبة الصريحة بأن تكون الحكومة منتخبة.
تشير استطلاعات الرأي إلى أن الحركة الإسلامية في الأردن (جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي ) تحظى بنسبة تأييد في الشارع الأردني تصل إلى 17%، مما يجعل الحركة الجهة الأكثر قدرة على الحشد وتنظيم الفعاليات للمطالبة بتعديل المادة 35 من الدستور للوصول إلى حكومة برلمانية ، ولكن لا يمكن تجاهل وجهة النظر السائدة لدى بقية القوى الوطنية في الشارع والتي ترى بأن وصول الحركة الإسلامية إلى الحكم قد يشكل نهاية التاريخ السياسي وتداول السلطة ( أسس ما يمكن أن نطلق عليه وصف الاسلاموفوبيا السياسية) وهو الأمر الذي قد ترجحه تجربة حماس في غزة ،بالإضافة إلى إثارة المخاوف المرتبطة بالتوطين ، وان كانت تلك المخاوف غير مبررة إلا أن انتشارها على نطاق واسع يجعل من الضروري أخذها بعين الاعتبار .
ولا نرى هنا مبررا لغياب المطالبة بتحديد مدة ولاية الحكومات، وهو المطلب الغائب لدى كافة القوى الوطنية والذي قد يشكل الحل الوسط بين المطالبة بحكومات منتخبة وبين المطالبة ببقاء الوضع الحالي القائم على التعيين في الخطاب السياسي حاليا، إذ يمكن النص على أن تكون مدة ولاية الحكومة أربعة أعوام ولا يمكن حلها إلا بحجب الثقة عنها عبر مجلس النواب مما يحقق بعض التوازن المطلوب بين التعيين وسلطة مجلس النواب مما يجعل التعيين أقرب إلى التزكية ويجعل بقاء الحكومة مرهونا فقط بسلطة مجلس النواب.

kalidhameed@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات