حول الإصلاح .. أيناقض العدل الإستقرار ؟!


لم أشأ الكتابة بهذا الأمر بتاتاً لأن كلمة الإصلاح أضحت جرما يحاسب عليه الكثيرون ومجرد ذكره بطرف اللسان ستتهم بأنك من أصحاب الأجندات الخارجية أو من الأخوان المسلمين ، وما أود الحديث عنه بإختصار شديد لأنني حقيقة بالفعل مللت من سماع كلمة الإصلاح وما يدور في فلكها ؟؟، لأنني أفهم شيئاً واحدا بأنه إن كان هناك سور بناء قد تهدم فالحالة تحتم بناء هذا السور من جديد ، ولكنها لا تحتم بناء جزء منه فقط من جديد لأن القديم كان أفضل بالنسبة لبعض المقابلين للمبنى ، وهذا بالضبط ما قصدته في عملية الإصلاح في بلدنا العزيز !
ما يحصل تحديدا هو محاولة عجيبة ومراوغات مستميتة من قبل مجموعة لها مسميات مختلفة منها الولاء والإنتماء وجماعات وطن .. وغيرهم من الذين يمتطون ثوباً أو لونا ( توحد الجميع ) عليه فالولاء حالة توافقية للجميع لا تقبل المزاودة من أحد ولكن حالهم هنا مختلف عن مضمون العناوين المطروحة ، وبالطبع لهم قواعدهم المسمومة التي تدعم تحركاتهم وتمولها بكل المتطلبات المختلفة ، لا أقصد الإساءة لأحد مهما كان توجهه وأحترم حرية الرأي لأي طرف كان وإن إختلفت معه في الرؤيا ولكن الحقيقة تقول بأن الأمر أصبح يؤرق الجميع دون أدنى شك .
أضحت حالة الإصلاح بشتى أشكاله في بلدنا امرأ معقدا للغاية من حيث شكله وآلية تطبيقه ، فأجهزة الحكومة تقر بأنها ماضية بالإصلاح ولن تقف أبدا في المضي به ، ولكنها ترفض رفضاً قاطعاً النهج الراديكالي الذي تنسبه للمطالبين بالإصلاح ، وفي نفس الوقت جعلت من تلك الفئة المناوئة لها نداً وخصماً لها وإن كانت لا تظهر الأمر بشكله السلبي هذا ، فهي تحاول أن تظهر نفسها بأنها تقبل الرأي الأخر مهما كانت صفته وحالته ، ولكنها تدعم هذا التوجه من زاوية واحدة من خلال أبواقها المتنورة ومن بقية الإتجاهات تدعم كل محاولات سحق رأيهم ومطالبهم التي يمثلونها .
وبالنظر لجانب المطالبين بالإصلاح فقد بات يكثر الحديث دائماً في جلسات الحوار السياسي عند العوام عن شكل هذا الحراك ومن يقوم به أكثر من مضمون المطالب التي ينادون بها ، وصفة الحديث الغالبة تقول بأنهم قلة قليلة لا يمثلون الأغلبية والبعض الأخر ينظر اليهم من زاوية قناعته الفكرية فإن كان اخوانيا والتحرك أخواني فهو رائع ومشروع وإن كان العكس فتبدأ لغة الإنتقاد والتشكيك ، ولكن في ذات الوقت هنالك من يقبل ان يضع يده بيد الأخر على نقاط توافقية يجمع عليها مع الآخر وإن كان قد إختلف معه في رؤيته الفكرية أو قاعدته التي يعمل وفقها .
سؤال دائماً يراودني عن تلك الأسباب التي أوصلت الأردن الى حاله الذي يقوم عليه الأن ، فمنذ أن كنت صغيرا وأنا أسمع كلام المسؤولين و غيرهم بأحلى الجمل المرطبة بالعسل والشهد والعنبر عن ضرورة دعم المواطن وصون حقوقه وحفظ كرامته وتيسير أموره !! ولكنني عندما وعيت بعض الشيء وجدت بأن الحديث مجرد حديث لا أكثر ومجرد أهزوجة مكررة فقط ، يرددها كل المسؤولين ومن هم في حاضنتهم دون تعميم طبعاً ، أي أننا وعينا على المجاملات وذكر الإيجابيات فقط ، وأصبح محرماً علينا أن ننشئ جيلا يعي كل الأخطاء الموجودة حتى لا يسعى لتغييرها ، سبحان الله لا أردي كيف أصبح السيئ أمرا واقعا ومقبولاً وتغييره يعني مس الخطوط الحمراء و محاولة لزعزعة نعمة الأمن والأمان ، وبالتالي إن اردت التغيير فستخسر كل هذه النعم فإصمت وأترك الخطأ على حاله وإلا فإنك لن ترزخ بالإستقرار ؟! ولكن ما الذي يمنع أن يغدو الأمن والأمان جزءا وشريكا من حالة الأمن الوظيفي والعدالة الإجتماعية وتمثيل الشعب الحقيقي لنفسه في السلطات الثلاث وكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة العامة ؟ لا أدري أيناقض العدل الإستقرار ؟




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات