مواهب بإنتظار الصافرة !!!


في خضم ما يعترى البلدان العربية هذه الأيام من ثورات، وتغيرات كان في مقدمتها فئة الشباب، تزايد الحديث عن أهمية دور الشباب، وما يمكن أن يقدموه لبلدانهم، من أجل رفعتها، وتطويرها، وبناء مستقبل زاهر لها، وهذا الحديث يقودنا إلى أهمية دور الشباب الذي يتحدث به الكثيرون منذ أمد، بل وأصبحوا يعرفون تفاصيل تفاصيله، ولكن حديثنا اليوم سيكون من خلال التعمق في الأمر، والذي سيقودنا حتماً نحو أساسيات يغفل عنها البعض.

هذه الأساسيات التي تكمن في تنمية مواهب الأطفال، والعمل على تشجيعها، لأن هذه المواهب هي التي يمكن أن تكون أجمل إدخار، وأنجح إستثمار لمستقبل أوطاننا.

من حق أطفالنا علينا أن نتعامل معهم برفق، وإحترام لأفكارهم، وآرائهم، لأنها مهما كانت صغيرة، أو ليست ذات قيمة في نظرنا، يمكن أن تكون موهبة يتغير عالمنا من خلالها، ولكن لو أعطيناها الفرصة لتكبر، وتنجح.

رأينا ذلك من خلال ترتيب الأنشطة للأطفال، وكيف يترك هذا الأمر أثراً طيباً لدى الطفل، ويشجعه على تقديم المزيد، والعديد من الأفكار الإبداعية.

أتذكر عندما أدخلت شقيقتي الصغرى معي في فريق عمل إحدى هذه الأنشطة، وأظهرتها على المسرح لتساعدني، وهي لم تتجاوز السادسة من عمرها حينها، وكيف ترك هذا الأمر الأثر الجميل لديها، ولدى الحاضرين، حتى أنها تتذكر ذلك جيداً حتى بعد مرور أكثر من ستة أعوام عليه، كما أنه بإحدى الأيام في العام الماضي رأينا كيف نجح مجموعة من الأطفال في تقديم مسرحية رائعة عن الأم، وقدموها بشكل لافت تأليفاً، وإخراجاً، وتمثيلاً، أذرف دموع بعض من شاهدوها، حتى أن الأطفال تشجعوا للأمر، وشعروا بأهمية عملهم، مما جعلهم يخرجون من العرض يسألون عن موعد المسابقة في العام القادم، ليبدأوا الإستعداد لها مباشرة !!

كل هذا يقودنا إلى ضرورة التنبه لطريقة معاملة أطفالنا، فمن الواجب علينا إحترامهم، ومراعاة مشاعرهم، ومناقشتهم في إهتماماتهم، وكم سنجد عندها هذا الأمر يحدث فارقاً رائعاً في شخصيتهم، وتنمية مواهبها.

لاحظوا كم يهتم الغرب بهذا الأمر، وأنظروا إلى مشروع \\\"الفايس بوك\\\" مثلاً، كيف أسسه طالب جامعي في العشرينات من عمره في الولايات المتحدة الأمريكية، وما كان ذلك ليتحقق لو لم يجد هذا الشاب الإهتمام بموهبته، والعناية بها، حتى فاق عدد المستخدمين لمشروعه 750 مليون مشترك حول العالم.

ويجب أن لا ننسى أن ديننا شدد كثيراً على هذا الأمر، وحث عليه، وهو عدم الإستخفاف بمواهب الأطفال، وحفظ الحقوق للصغار، كما للكبار، بل وحرص على تشجيعهم، والإهتمام بهم، فعندما لفتت موهبة الصحابي عبد الله بن رواحة في الشعر نظر الرسول صلى الله عليه و سلم، قال له في مجلس يومًا متسائلاً في تعجب: \\\"يا عبد الله، كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول؟\\\"، فجعله صلى الله عليه وسلم الإعلاميّ الذي يحمِّس الناس بشعره، وكذلك الصحابي حسان بن ثابت رضي الله عنه الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصف هجاءه لأعداء الإسلام قائلاً: \\\"والله، إن كلماتك لأشدّ عليهم من نضح النبل\\\".

وقد منح صلى الله عليه وسلم قيادة جيش المسلمين المتوجه إلى بلاد الروم في السنة 11 للهجرة لأسامة بن زيد رضي الله عنه، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، برغم وجود كبار الصحابة وقتها، وما كان ليفعل ذلك لولا تأكده عليه الصلاة والسلام من وجود مهارات القيادة، وفنون القتال لدى أسامة، وقدرته على قيادة جيش بهذه الضخامة.

خلاصة القول: كثير من المواهب في بيوتنا وأوطاننا بإنتظار صافرة الإنطلاق، فلنعمل معاً من أجل إطلاق هذه الصافرة، من أجل أطفالنا، ومن أجل مستقبل أجمل لنا جميعاً، ولن ننسى أن نقول لكم عيد فطر سعيد، وكل عام وأنتم بخير.

abdulrahman_mw@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات