الشبيحة وعلي فرزات


(كان يرسم بعضا من وجعه ومن إحباطنا ويضع النقاط تحت الحروف لا فوقها لكي نرتفع فنرفعها..، لم يشهر سلاحا يوما ولم ينطق بما يملكه أو بما يهواه.. كان يرسم فقط علي فرزات..

في البداية حطموا فكيه فلم ينطق شيئا كانت ابتسامته تعلن بأن انتماءه لا يباع ولا يسرق ولا ينتزع، واتجهت حينها زنودهم الى كفيه تفتش عن سر الكرامة التي فقدوها على أقدام (العائلة) فلم يفهموا معنى الكرامة..، لم يستطيعوا أن يسرقوا بضعا من شرف من أصابعه فكسروها وأعلنوا بأن هذه البداية فقط.. هؤلاء هم الشبيحة..)

اشتعلت سوريا بالكرامة وانطلق المارد السوري نحو المجد بلا عودة، هي بلاد الشام التي ما عرفت الصمت مع الظلم ولم تدمن الذل رغم البعد الزمني الطويل ربما في استراحة المحارب، صمتت عاصمة الأمويين لعقود على سارقي تاريخها وكظمت الغيظ على قطاع الطرق المارقين ردحا من الزمن انتظارا لسقوط ريش الحرام عن جلودهم وانقلاعهم من عتبات الوطن.

ينقسم الوطن في سوريا إلى ثلاثة أقسام تتناوب الصراخ فيما بينها حسب الحاجة، فالقسم الأول وهو الهوامير (العائلة) والتي تتمثل في الرئيس وإخوانه وأخواله وأعمامه من الدرجة الأولى.. يمارسون الصراخ على الشعب وعلى العالم منذ أربعين عاما حتى آمن بهم نصف العالم بأنهم نظام له فضائله وله مبررات بقاءه حاميا لكل المشاريع الدخيلة على الوطن..، والقسم الثاني الشعب التائب الى ربه من عبادة الهوامير الإلزامية في مقررات الحياة في سوريا والذين يمارسون الصراخ بالحد الأقصى قهرا من زمهرير العائلة الأسود الذي طال تأبطه للوطن، والقسم الثالث هم توابع العائلة وخدمها وعبيدها وجواريها المؤمنين بفضائل الرئيس وظلاله المقدسة والذين يلقبون (بالشبّيحة) ومعلمي الشبّيحة والتي ترى على رؤوس (العائلة) هالات مقدسة تسقط ماء الحياة لعصاباتهم التي وضعت نصب أعينها تسيّد البشر والشجر فبدأت الصراخ والعواء بأن كل شيء مباح لخدمة الشيطان..

الجميع يدرك ويرى (مزارع) الشبّيحة.. تلك المنظومة العصبوية التي لها قواتها ونقاط اتصالها مع الأجهزة الأمنية ورؤوس العائلة التي تحركها، ففي العقود الأربعة السابقة السوداء من تاريخ سوريا عاثت غربان القرداحة فسادا وأجراما واستحضرت حالة (تيمورلنك) في شوارع الوطن فعملت على تصنيع حالة القطيع الشعبي الذي يدر الحليب والتبجيل للرئيس وعائلته وحمت هذه الغربان نفسها بشبّيحة من لدن العائلة وشبيهاتها من عائلات عاشت على الهامش دوما بإرادتها واختيارها لأسهل طرق ( الشعبطة) والتشليط للحضارة والمنطق.

في سوريا لم تكن هناك دولة في الأربعة عقود الماضية بل هناك كانت مافيا تملكها عائلة، وأصحاب المشروع كانوا يجيّرون الأحداث بتلوينها حسب مرئياتهم وإعادة تشكيل عناوينها حسب أدبياتهم لإدامة الحكم ضمن المنظومة العائلية التي التحمت عضويا في كل مراكز القرار والقوة والاقتصاد ، وأذابت كل القيم لخدمة (العائلة) بشكل مصالحي خالص عبر مقاولين فرعيين يتولون السيطرة على الوطن والمواطن.

ففي سوريا يبدأ الورم من رأس الهرم وينتهي عند (شبّيحة) لا يرون في غير القائد ربا.

شمال سوريا يتحدث الناس عن امرأة من (العائلة) اسمها (أم أنور) لها جيشها الخاص ومرافقين وأجهزة أمنية وإدارة مالية فتسطو على الأراضي وتبيعها في اليوم التالي لأصحابها الأصليين (بالخاوة) وكل ذلك كان يتم بواسطة عتاة من أبناء المناطق الغربية الشمالية والذين ينحدرون من قرية الرئيس والقرى المجاورة وجدوا في خدمة السادة في النظام كعبيد ومرافقين وشبّيحة اقرب مهنة لقلوبهم السوداء وعقولهم الفارغة.

في قرى الشمال هناك مجموعات من العتاة استوطنت مناطق الحدود لتعمل بالتهريب من تركيا ولبنان ويقودهم واحد من (العائلة) واسمه فواز.. لهم سياراتهم ذات الدفع الرباعي ولهم أسلحتهم ولهم طرق خاصة لهم ولهم قوانينهم في تهريب المخدرات والمعدات والأسلحة وبيعها على عصابات الوطن.

في دمشق هناك أبناء اصف شوكت وشركاتهم ومرافقيهم والتي يديرونها بالقوانين الموضوعة من خلالهم وحسب الحالة والويل للمارين على عتبات هذه الشركات المشبوهة والتي يحرسها المرافقون من الشبيحة بأسلحة تصل الى الثقيلة أحيانا.

وهناك أبناء علي دوبا وعبيدهم وجواريهم ومرافقيهم وهناك أبناء مخلوف وهناك أبناء دعبول وهناك أبناء..الخ، هم أبناء للآباء الذين عاصرو (حافظ) كمقاولي تشبّيح في عهده الأسود أيضا.. فأكملوا مهمة الآباء كما أكمل بشار المهمة.

وهناك الزئبقيون من منتسبي فروع الحزب في الجامعات والدوائر الحكومية والتكايا الصفراء المنتشرة في كل المناطق لكي تفرز مشاريع إجرام ترى في خدمتها لشخوص العائلة الطريق الأقصر نحو المال والنفوذ واختصار الزمن لتشكيل المستقبل الفردي الضائع بين أقدام النظام.

هؤلاء هم الشبيحة مجرد عبيد وزئبقيون وعتاة المجرمين الذين ساق لهم النظام طرقا مباحة في سحق الشعب لكي يسلكوها وأسلحة من دم الشعب لكي يستعبدوه.. هم باختصار حراس بوابات العائلة الذين اختصروا سوريا الحضارة والمستقبل بشخوص ولاة نعمتهم الحرام وسادتهم وختموا بالرصاص والحديد المصهور على قلوب شعبها بأن أصنام القرداحة باقون خازوقا في الوطن للأبد... لقد آن الأوان لكي نتقي الله في شعبنا السوري فننصفه بأكثر من الدعاء أو التصريحات الالتفافية الخجولة كما نتوقع من الجامعة العربية التي ستعقد غدا السبت لبحث المشكلة السورية.



تعليقات القراء

ماهر الجزازي
من يقرأ هذا المقال يخرج بانطباع اكيد ان سوريا دولة متخلفة، ودولة ميزانيتها مديونة الى البنك الدولي ان لم يكن بمليارات الدولارات فهي بتريلونات الدولارات، الشعب يقف طوابير على المخابز، طعامهم ملوث بالمبيدات ومنتهي صلاحيته، مستشفياتهم لا تستوعب الكم السكاني، طرقهم غير صالحة للسير، مياهم ملوثة، مدارسهم لا تمتلك الحد الادنى من الكوادر التعليمية، الموظفين الحكوميين قبل ذهابهم الى العمل يجب ان يذهبوا الى القصر الرئاسي لكي يصلوا ركعتين ولاء للقائد الابدي، المتسولون يملؤن الطرقات، الكهرباء تنقطع 16 ساعة باليوم، المياه الملوثة تصلهم مرة بالشهر، جامعاتهم تكرس تعليمها العالي لخدمة القائد الابدي، المواصلات العامة بالية منذ قرون، اتصالتهم لا تزال بدائية

لا حول ولا قوة الا بالله
26-08-2011 10:22 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات