الطرنيب هي لعبة من ألعاب الشده (الكوتشينة) , وهي تحظى بشعبية عالية هنا في الأردن , خصوصا في شهر رمضان الكريم , الذي يتاح فيه السهر ليلا مع المعارف والأصدقاء , يتسلون ويتسامرون ويلعبون هذه اللعبة الأكثر شعبية .

والطرنيب , كما في سائر ألعاب الورق , يلعب بكافة الألوان والأشكال والصور والأعداد … ديناري , كبه , سباتي , بستوني .. تماما كما في الإتجاهات الأربعة .. شرق , غرب , شمال , جنوب . ومن لونين طبعا .. الأحمر والأسود .. تماما كالموالاة والمعارضة .

والطرنيب , لمن يعرف اللعبة , يلعب بالشراكة .. كل لاعبين متقابلين يلعبان شراكة , أو يلعب الطرنيب رباعيا وضمن قاعدة .. كل واحد على راسه .. كما في الطرنيب الروسي !

وتكمن طقسية اللعبة , الطرنيب , في توزيع 13 كرت على كل لاعب .. 13 هو رقم النحس عند بعض الثقافات .. ويجب على كل لاعب حساب أكبر عدد من الشكل الواحد واللون الواحد , تنازليا , من رقم (1) ويطلق عليه في اللعبة .. القص , ثم الشايب والبنت والولد , ثم العشرة .. وهكذ حتى أقل رقم , وبالطبع هذه العملية عرضة لحظ اللاعب بعد تفنيط الأوراق وقطع الشدة , وتبعا لللاعب صاحب .. الفته .. أو موزع الكروت على باقي اللعيبة .

وهنا ينادى بالعدد المطلوب كسبه من اللاعب الذي عليه الدور , ثم يحق لمن يليه المزاوده , أو الإنسحاب منها .. بقوله (باس) .. وهكذا حتى يصل العدد إلى رقم لا يتم المزاودة عليه , فيقوم صاحب هذه المزاودة بتحديد شكل ولون .. الطرنيب .. بقوله مثلا .. الطرنيب .. ديناري .. وبناءا على حسبته في أوراقه ومدى قوتها .. وإعتمادا على شريكه في الجهة المقابلة , بأن يدعمه في هذا الطرنيب , ويكسب .. لطش أو لطشين .

تكون مهمة الفريق الآخر في هذه اللعبة , كسر المزاودة وتخسير الطرنيب , سواء بعدد يقل عن واحد من المزاودة .. أو أكثر .. ويسجل للفريق المزاود الذي يخسر .. مزاودته التي طلبها , بالناقص , أي سلبيا , وتسجل للفريق الذي كسر المزاودة , مقدار ما كسره عدديا , وإذا فاز الفريق الذي نادى بالمزاودة , بنفس عدد المزاودة أو أكثر , يسجل للفريق الفائز العدد الذي كسبه , بالإيجاب .

نسمع أثناء اللعب مصطلحات خاصة باللعبة : بدون إشارات لو سمحتم .. ما في دق على الطاولة .. شو رأيك تورجيه كرتك ! .. ليش مرقت البنت ؟ .. بدري يا رجل .. كان لازم إتطرنب عليه , الله يسامحك .. أي بدكو فت خبز .. روحو تعلموا أول وبعدين تعالوا إلعبوا .. والله الحق علي إللي بشارك واحد زيك .. يا زلمي بشرفي إنك ما بتعرف تلعب .. الله ما بينك وبين الطرنيب .. شو قاعد بتلعب باصرة ؟ ..

وهكذا .. تزيد سخونة اللعبة رويدا رويدا .. ويعاني الخاسر من تهكمات الفائز .. فيعرق ويحمر وجهه ويزيد إفراز عرقه , وربما أخذ حبة دواء مهدئ أو طلع من طوره ورد على التهكمات بالشتم أو السباب .. والبعض من الخاسرين يرمي ورق اللعب من يده في حركة إستفزازية .. فيغضب الفريق الفائز .. مما يتطلب الأمر إعتذارا من الطرف الخاسر .. أو لا .. فتتطور اللعبة .. وتخرج من إطار اللعب .. وتصبح قضية لها علاقة بطباع الأشخاص .. فهذا اللاعب نذل والآخر حرامي .. والثالث بيغش .. ودواليك .. وينقطع اللاعبون عن الإلتقاء ببعضهم البعض .. حتى بدون لعب .. فالطرنيب عمل عمله .. وأدخل الفتنة والبغضاء في قلوب الأصحاب والأصدقاء .. وربما الأخوة .. !

وضعنا في الأردن .. مشابه للعبة الطرنيب .. شرق و غرب وشمال وجنوب .. سباتي وديناري وبستوني و كبه .. أحمر وأسود .. مولاة ومعارضة ..

نتبارى بيننا , ونتشاور في صياغة الشراكة , ونقدم الإقتراحات والإقتراحات , نخسر حينا , ونفوز حينا آخر .. والفوز ليس حكرا على البعض , كما الخسارة .

إلا أننا لا نسمح أن يكون الوطن , لعبة طرنيب , ولن نسمح لفوز البعض وخسارة البعض الآخر مجالا للتهكم ثم الشتم , فالمجاهرة بالإتهامات ورشق الألفاظ المسيئة وقدح البعض للبعض الآخر .

والموضوع كله خطر في خلدي حينما رأيت الأخوة يلعبون , ويتخاصمون , في الطرنيب , وهم غير واعين أن الطرنيب مجرد حظ .. ولعبة للتسلية … فسألت نفسي هذا السؤال …. هل من المعقول أن يتسلى البعض منا بمقادير الأمة والوطن .. ويعتبرون الأمر … لعبة .. طــــــرنــــيـــــب ؟؟