غزوة بدر الكبرى يوم الفرقان بين الظلام والنور والحق والباطل


لعلكم تعلمون أن غزوة بدر الكبرى , كانت في مثل هذه الأيام التي تمر بنا من هذا الشهر المبارك , انه يوم الجمعة المجيد السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة التى سماها القران يوم الفرقان , وانه لهو اليوم الذي ارتفع فيه لواء الإسلام , وغلب الحق الباطل , وانهزم الشرك وانتصر التوحيد .
ولقد اعتاد كثير من الخطباء والمحاضرين , على سرد قصة هذه الغزوة من أولها إلى آخرها , كيف بدأت ؟ وكيف تطورت؟ وكيف انتهت ؟
غير أن سرد القصص , ما عاد يجدي نفعا في عالمنا العربي والإسلامي , وما عاد يحل مشكلة , ولا يقوّم اعوجاجا ولا يُصلح فسادا .
ولعل الذين كتبوا ويكتبون عن تاريخ المسلمين اليوم هو ما كُتب مثله بالأمس , ومع ذلك فان حياة المسلمين ما تزداد إلا تأخراَ وضياعا وتردياً.
ليس العلاج أن نعود فنسرد القصص كلما حانت ذكرياتها , كما لو أنها قصة أبو زيد الهلالي , وإنما العلاج الصحيح أن نستخلص العبر من هذه القصص لعلاج واقعنا الأليم والمتردي الذي لابد من التخلص منه , وهذا مالا يذكره ويطلبه كثير من الناس اليوم وهي :
• كيف انتصر المسلمون في غزوة بدر وهم قلة ؟
• ما السر الذي جعل منها العمود الفقري لانتصارات المسلمين ؟
• بل ما السر الذي جعل من هذه الغزوة المنطلق الذي أقلعت منه أو ابتدأت سلسلة الانتصارات الإسلامية في تاريخ المسلمين ؟
• هذا ما ينبغي أن يتساءل الجميع عنه لنحققه في حياتنا الإسلامية اليوم والذي يجبنا عن هذا التساؤلات جميعا الحق جل وعلا إذ يقول : ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)
السر في ذلك النصر , الذي لم يكن متوقعا من حيث المنظور المادي والمقياس الكمي , يكمن في استغاثة المسلمين بالله عز وجل وإعلانهم عن عبوديتهم الصادقة لله عز وجل , وكان في مقدمة من حقق وتحقق بهذا كله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وبينما المعركة حامية الوطيس كان النبي – صلى الله عليه وسلم – في عريش بجوارها قد امضي ليلة الجمعة بطولها يجأر إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرع يستغيث بربه مادّا يديه قائلا : ( اللهم أنجز ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض )
وما زال – صلى الله عليه وسلم - يهتف بربه مادّا يديه مستقبلا القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه – صلى الله عليه وسلم – فتناوله أبو بكر – رضي الله عنه – واخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال : ( يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك فنعس الرسول قليلا فرأى في نعاسه البشرى بنصر الله فانتبه مستبشرا قائلا : يا أبا بكر أتاك نصر الله وازداد الرسول – صلى الله عليه وسلم – اطمئنانا بقول الله عز وجل : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) فيأتي مدد الله عز وجل بالملائكة يقوونهم قال الله تعالى : ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين – أي متتابعين - )
هذا هو السر الكامن في نصر الله عز وجل للمسلمين آنذاك وهذا هو السر الذي فقدناه اليوم ومن ثم فقدنا النصر الذي وعد الله عز وجل به عباده المؤمنين وأكّده الحق جل وعلا أكثر من مرة في كتابه الكريم .
ولعل من المهم أن نعلم أن ر سول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن مرتابا في أنّ الله منجز له ما وعد والدليل على ذلك انه بشر أصحابه بالنصر قائلا : ( سيروا وابشروا والله لكأني انظر إلى مصارع القوم , وانه أشار كما ورد في الصحيح إلى أماكن معينة من الأرض حيث قال :( هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان - من صناديد قريش - فما اخطأ واحد منهم فيما بعد هذا المكان)
ولعل فيكم من يتساءل : إذن فيم ذلك التضرع ؟ وفيم كان ذلك الدعاء ما دام المصطفى – صلى الله عليه وسلم – على علم بهذا النصر ؟
والجواب يا سادة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – علم أن ثمن هذا النصر هو هذه الاستغاثة التي كان قد عزم عليها والتي كان قد أصرّ أن ينجزها وان يؤديها طوال تلك الليلة فالمصطفى – صلى الله عليه وسلم – علم بنصر الله عز وجل له وعلم انه سيدفع ثمن ذلك النصر وعلم أن ثمنه إنما هو تلك الضراعة والاستغاثة به سبحانه وتعالى .
وهذا جواب عن مثل هكذا سؤال .
وإذا كان المصطفى – صلى الله عليه وسلم – على يقين بنصر الله عز وجل فإن هذا اليقين لم يقف حائلا دون وقوفه – صلى الله عليه وسلم - ضارعا متذللا متبتلا يجأر إلى الله عز وجل بالشكوى والدعاء : (اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض )
فكيف تكون حال من هو منغمس في الموبقات , منغمس في الملهيات والمنسيات , أليس من المفروض أن يكون هؤلاء الناس , الذين هم نحن أكثر تضرعا , أكثر التجاء إلى الله عز وجل , أكثر تبتلا أكثر استغفارا وإنابة إلى الله عز وجل ؟
هذا هو الدواء الكامن , وراء قصة نصر المسلمين في بدر , يقول الحق جل جلاله : ( ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة )
هذا هو الدواء الذي ينقص المسلمين اليوم , وهو الذي يتحقق به شفاء هذه الأمة , مما الم بها من علل وأمراض .
مصيبتنا يا أيها السادة لا تكمن في قلة العدد ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثير بإذن الله ) ولا تكمن في قلة العُدد ولا تكمن في تراجع التقنية والعلوم المستحدثة لا تكمن في شيء من ذلك قط .
وإنما تكمن في إننا لا تنتفع بالآلام والمصائب لقد مرت بنا قوارع توقظ النيام مهما كان غطيطهم مرتفعا ومهما كانت غيبوبتهم عميقة لكنّ العرب كالمنافقين قديما الذي قال الله فيهم : ( أو لا يرون أنهم يفتتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكرون )
والعجيب أن التاريخ يحدثنا أن أبا جهل - قبل معركة بدر – أرسل إليه أبو سفيان يقول له ولمن خرج معه أنكم إنما خرجتم لتمنعوا عِيركم ورحالكم , فقد نجاها الله فارجعوا , فقال أبو جهل فرعون هذه الأمة وما أكثرهم في عالمنا هذه الأيام !: والله لا نرجع حتى نردَ بدرا فنقيمَ عليه ثلاثا , فننحرَ الجُزرَ , ونطعمَ الطعامَ , ونسقيَ الخمرَ , وتعزفَ القيانُ - أي الجواري المغنيات - ففعلوا ولكنّ الله تعالى أراد أن يُريَنا عاقبة اللهو والمجون والغرور والفجور فما كاد ينتهي أبو جهل من حفلته الماجنة , حتى بدأت المعركة , وحمي الوطيس .. وراح أبو جهل ضحية آثامه فوالله الذي لا اله إلا هو هذا ما حدث مع طيّارينا بالتمام والكمال يقول \"باروخ نادل\" في كتابه \" تحطمت الطائرات عند الفجر \" ص -222- ليلة 5 يونيو 1967 : يا , يا , يا , هتف الطيارون وصفقوا مع رفع الموسيقى الصاخبة والحركات الشهوانية التي تؤديها الراقصة { سهير زكي} من أشهر راقصات هز البطون في مصر ... وعلى المسرح أدت أدواراً مثيرةً بعرض فنها الساحر أمام الطيارين , كان كل جزء من أجزاء جسمها يؤدي دورا فنيا خاصا به , بطنها ,ظهرها ,والثديين المفتوحين يدعوان الشهوة والرغبة العارمة . وأنا كنت أُصدر الإشارة من حين لأخر إلى الخدم ليقدّموا المزيد من الشراب – الخمر - , وهنا أزاحت الراقصة سهير زكي الغلالات الرقيقة التي تستر بعضاً من أجزاء جسمها الحساسة , فلم يبق مستورا سوى الجزء الذي عنده يلتقي الفخذان , وكان هذا الجزء ألآن محط جميع الأنظار من كل جانب . وكان عدد الطيارين الذين حضروا الحفل 400 طيار مع قائد سلاح الجو , وبَقوُا إلى ما بعد الفجر من صبيحة يوم السادس من حزيران وفي تمام الساعة 830 صباحا قامت الطائرات الإسرائيلية بتحطيم سلاح الجو المصري بالكامل . لقد صُعق الجنرال \" موردخاي هود \" قائد طيران العدو الذي قام بالعملية على أساس نجاحه من الضربة الأولى – صُعق قبل غيره عندما جاءته نتائجها وكان قوله الذي نقل عنه : \" إن ما حدث يفوق أكثر أحلامي جنونا \" .
نعم يا سادتي إن الذين ساهموا في معركة التحرير مع يهود الرجس أصوات رخوة مائعة حقيرة تنضح بالرجس والدنس تلوك ألفاظ الوطنية وألفاظ الكفاح كأنما كُتب على هذه الأمة أن تتلقى الدعوة إلى الكفاح والنضال ممن تربى في مواخير العهر والدعارة وبنغمات المخانيث ونبقى ساكتين , بمثل هذه الضمائر الدنسة خضنا معركة التحرر والتي مازالت هذه الأمة تتلظى بنارهم .
إن امتنا في الحقيقة معطوبة في صميمها , لأنها فقدت الكثير من حسها الدقيق بالدين والدنيا معا .
إن امتنا معتلة مختلة , كأنما تمشي بلا وعي , بلا قيادة , امة نفضت يديها بعد أن نفضت قلبها من مشاعر التذلل لله عز وجل , من مشاعر العبودية له سبحانه وتعالى .
امة جعلت من ليالي رمضان ليالي الصيام والقيام ليالي\" بدر وفتح مكة \" ليالي للتسالي للسهر المجنون للغو الفارغ للعبث التافه .
ومن الذي يتسلى في هذه الأيام الحالكة السواد ؟
في الجاهلية التي لا ضوء فيها وجدنا من أصحاب الخمر والنساء عاش طول عمره صعلوكا ضلّيلا هو : ( امرؤ القيس ) كان عاهرا لمّا قتل أبوه شعَر بالصدمة توقظه من ذهوله فقال قولته المشهورة \" اليوم خمر وغدا أمر \" والذي هي بمثابة وصمة عار في جبين العمالقة أصحاب العضلات من المنتسبين لهذه الأمة والذين رأيناهم مؤخرا وقد بدا عوارهم وانكشف عارهم وظهروا على حقيقتهم بعد أن سقطوا في الامتحان مع احفاد القردة والخنازير ونجحوا مع شعوبهم .
أســد علي وفي الحـرب نـعـامــة فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا خرجت إلى غزالة في الوغى أم أن قلبك بين جناحي طائر
الشاب الماجن ترك مجونه واخذ يعمل لإدراك ثأره والاقتصاص لمقتل أبيه فلما اعياه أن يدرك ثأره لأن قبائل العرب لم تسعفه قرر أن يذهب ومعه صديق له إلى بلاد الروم وكان الصديق مخلصا ورأى الشاب الناعم الذي عاش في الملذات ومجالسها رآه يتعسف الطريق ذاهبا إلى غربة بعيدة فبكى فقال امرؤ القيس :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لا حقــان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنمــــــــــــــا نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
والله والذي نفسي بيده ودِدتُ لو أن العرب أصحاب العضلات المفتولة على شعوبهم كانت عندهم نخوة هذا الجاهلي فاتبعوه .
اهذا المسلك الذي يسلكه هؤلاء والبلاد محتلة وأعداؤها جاثمون على صدرها وسواد الذل يقطر من وجهها ويراه اهل المشرق والمغرب فيتضاحكون ؟
هل هذا وقت التسالي , التسالي هي وظيفة القلوب الميتة والأعصاب الهالكة والسير المخزية ومن يريد أن يعيش لا ليقول :اليوم خمر وغدا امر وإنما ليقول : اليوم خمر وغدا خمر وبعد غد خمر .
اللهم خذ بنواصينا اليك ودلنا بك عليك يا رب العالمين


Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

رهف محمود
بارك الله فيك شيخنا الفاضل على هذه المعلومات القيمة والله اسطأل ان يوفقك لخدمة الاسلام والمسلمين واكثر الله من امثالك
17-08-2011 02:00 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات