الدستور والخرج .. والحمار


أعتقد أن التعديلات الدستورية كانت أكبر من حجم التوقعات الشارع الأردني، ويعود ذلك لخبرتنا كأردنيين في حكوماتنا المتعاقبة وطريقة تشكيل اللجان وآليات خروج التوصيات، كما أن تركيبة اللجنة لم تكن تسمح لنا بتوقع الكثير كونها خلت من وجوه قانونية معارضة أو حتى محايدة، وانحصر التمثيل فيها على شخصيات من الطبقة الحاكمة لم نعتد أن نلمس منها آراء أو مواقف إصلاحية. على الرغم من كل ذلك فقد اشتملت التوصيات على تعديلات إيجابية ونوعية من مثل: ربط حل مجلس النواب باستقالة فورية للحكومة، تقييد إصدار القوانين المؤقتة، الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات البرلمانية، المحكمة الدستورية، استقلالية القضاء ... الخ.
وعلى الرغم من أن التعديلات كانت فوق حجم التوقعات ، إلا أنها – بالتأكيد جاءت أقل مما هو مطلوب، فما كان يقبله الشارع في كانون أول 2010 لم يعد يقبل به في شباط 2011، وما رضي به في شباط أصبح دون طموحاته في آب 2011، وباعتقادي أن أهم المآخذ على هذه التعديلات هو إبقاؤها لمسألة حل مجلس النواب وتسمية رئيس الوزراء دون ضوابط محددة، إضافة إلى طريقة تشكيل مجلس الأعيان التي خلت من أي شروط سواء في الاختيار أو الإعفاء من المنصب.
كل ما يمكن الحديث عنه من إيجابيات وسلبيات في هذه التعديلات، سيبقى رهناً بوجود الإرادة الحقيقية لدى السلطة في تطبيق إصلاح حقيقي وشامل. وهنا يحضرني مشهد من مسرحية "غربة" للعظيم الساخر محمد الماغوط، حيث يدور الحوار التالي بين البيك (زعيم الضيعة) والشرطي (المسؤول الأمني للضيعة) :
البيك : وين الدستور ؟
المسؤول الأمني : في الخرج
البيك : وين الخرج ؟
المسؤول الأمني : على الحمار
البيك : وين الحمار ؟
المسؤول الأمني : موقوف
البيك : ليش موقوف ؟
المسؤول الأمني : لأنه أكل الدستور .
أخشى أن يتم وضع التعديلات- على علاتها – في الخرج، أما السيناريو الأسوأ فهو أن يقوم الحمار بأكل هذه التعديلات ....... والحدق يفهم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات