الحاسّه ما بعد الأخيره .. ورمضان


تَنفستْ رائحةُ الزعتر البرِّي ..وارتوت عطشاً , بعد طول الإرتواء..فهبطت الشمسُ وغارت بطريقتها المعتاده , وترنحت عيون طفلة صغيرة حالمة بليلة دافئة عطره , بكل الحنان المطلوب نفث رفيقي سيجارته الاخيره واصدر شخيراً خافتاً..وتنفست انا حلمي بك الى اكثر من الحاسة الأخيره,وتسارعت الاحداث ببطء ممل , وسئمت الإنتظار..فالفجر صعب الارضاء حتى يبزغ من جديد , أشرقت نفسي بعد ان انجلت رائحة الدخان العكره من الغرفه , اذا غادرتني حالة الضيق في التنفس واستبدلتها بشهيق وزفير طبيعي سلس , عندها تذكرت كم من السنوات وانا ابتلع هذا الدخان واكاد التهمه التهاماً وكانه علاج داخلي يشفي الحواس الميته في داخلي , على الرغم من انه في حقيقة الأمر يفتك بالحياة او بتعبير أدق يفتكُ بالصحه , الحمد لله ذهب ذلك الزمن واخذ معه عشقي للدخان.

الحاسّه الأخيره وما بعدها , في رمضان تعلو الحواس وترتفع لتسموا بنا الارواح بعيدا عن عبثية الحياة بزهوها وغرورها, بتقلبها وعطائها وجدبها ,رمضان شهر الخير, فرصة للولادة من جديد على أهبة الاستعداد لتغير جذري في أساليب حياتنا الفاسده , واستبدالها بأخرى صالحه, رمضان روح واحساس, تتوحد فيه القلوب بحاسة إيمانية , تجتاح الأرواح وترتفع الابصار كما الأكف بتضرع دائم الى الله تعالى .

طال تفكيري بك لدرجة أنك لم تغادرني لحظة واحده...فالذي يعشق عيونك الساحره ..ربما يكون فناناً او عاشقاً من طراز فريد.او ربما اكثر من ذلك بكثير . فالروح عالم يرتفع عن عالم الجسد الزائل..

غاب عني مشهد التيارات المعاكسه التي تقنص الاحلام تباعاً , مصالح , وحدود عقلية ضيقه , تفنن في رسمها المنافقين واصحاب الطموح الفردي , او ربما الجماعي الضيق , بمفهوم التحزب والتجمهر خلف فكرة تخدم هدفاً شريفاً او ربما غير شريف.

رمضان يجلو كل ذلك , الصوم ليس عن الطعام فحسب , الصوم يكون عن جميع المفاسد,
كلام وفعل ذميم,إذاً لنجلو نفوسنا من النفاق ولنتوحد في طريق الخير, لتنمو فينا بذرة الخير من جديد.

الحاسه الأخيره في داخلي كانت موجزة وسهلة , بسيطة وميسره , لكنها خلت من الروح , وكأنها مزيج من تيارات متلاحمة متكسبه ,تتلاطم وتتصارع بمفهوم صراع الحضارات , لتسحق في نهاية الأمر الطيبين والفقراء , والعامة العامه ,لتولد من رحم الارض مهشماً هشاً سهل الانقياد وسهل السحق , لينسج من جلدك بساط سحري يدوسه الفرديّون بأحذيتهم .

تقلبة الافكار في داخلي طوال تلك الليلة الحارة الغير مكيَّفه , وتلعثمت كما الطفل الحدث النطق , فما بين الصحوة والنوم الذي يحاول جاهداً ان يغلبني ولكنه لم يفعل , تولد هنا بالتحديد الحاسة ما بعد الأخيره , لتنطق في وجه كل المتنكرين والمكابرين , لتهمس وتصرخ في نفس الوقت..لتجابه المستحيل والواقع بكل عوائقه ومساحاته وحواراته....لتطلق من فوهة الارض راية بيضاء ناصعه..تتحقق الاحلام...لكن مع مزيج من الصبر والتعاون والعطاء من دواخلنا..من ارواحنا...هنا أجدني بحاجة ماسه للنوم..واذا بالشمس قد أشرقت تباشير للصباح...تتعالى الهمه وتستقيم القامه لبداية جديدة وحياة أفضل .ولتنطق الحواس لكن حاسة واحده تنطق بالخير الأمل عليها معقود هي الحاسه ما بعد الأخيره , لتولد مع رمضان حاسة جديده في قلوبنا وأرواحنا, تدعونا للتسامي بأفعالنا وأقولنا عن كل قبيح, تدعونا الى الصبر, تدعونا الى العطاء, تدعونا الى الخير والمحبه..دوما ننتظرك رمضان فاهلاً بك زائراً مليئاً
بالخير والرحمة والعطاء.



تعليقات القراء

محب لكم
بارك الله فيك أخ أحمد ووين هالغيبة زمان ما شفنا هالطلة الحلوة والإبداعات الراقية عساه خيراً إن شاء الله
30-07-2011 10:46 PM
احمد بني عطا
اهلا محب لكم او لنا...كلامك لطيف ويدعمني دوما ..لكن لو ظهرت بصفتك الحقيقيه لكان ذلك افضل اكرر شكري وامتناني ...
30-07-2011 11:34 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات