ليتهم لا يذهبون


80 أردنيا في دمشق غدا تضامنا مع سورية!


"80 أردنيا في دمشق غدا تضامنا مع سورية"، هذا خبر يستحق التعليق عليه وتوضيح بعض أبعاده، راجيا من جراسا وضع عنواني الإلكتروني لكي يكن بمستطاع "فريق الثمانين" الاتصال بي، فلربما أرادوا دعوتي بلانضمام إليهم مع القبول بشرطي أن يكن لي الحق في الوقوف مع الجانب الذي أريد الوقوف معه قبل أن ننطلق إلى دمشق، فربما تركتهم يتجهون إلى دمشق، واتجهت أنا إلى درعا لأقبل أضرحة تسكنها جسوم طاهرة قتلت ظلما وعدوانا، وبعد ذلك أسعى للقاء الرجال البواسل الممزوجين بضوء المستقبل الكريم في دمشق وحماة وحلب واللاذقية وتلكلخ والحسكة والجزيرة.

أحيانا تكون الأسئلة معبرة أكثر من الأجوبة بكثير. لذلك ساسكب هنا على هؤلاء الثمانين فيضا من الأسئلة ولهم الحق بالإجابة أو عدمها. لكن أملي كبير أن يقول الأردنيون كلمتهم أن هذا الفريق لا يمثلنا، ثم يضعوا الجواب الصريح على كل سؤال موجه لهؤلاء الثمانين. فأقول:

لماذا هذه الفزعة؟ هل لأن الأسد لم يعد لديه من يناصره في سورية سوى بعض الجنود المسيطر عليهم ويستنجد ببعثيين من الخارج؟ وهل أصبح الأسد وزبانيته يتوقعون انشاقا في الجيش؟ أم هل صدرت من السفارة السورية إشارات تفيد بضرورة إجراء عملية غسل يدين ملطختين بالدم من خلال دعم نظام منهار ببعض البعثيين من القيادة القومية، حيث لم يعد في الدائرة القطرية ما يسعف؟

وهل صحيحا أن هؤلاء الثمانون راضون عن ممارسات النظام السوري الذي لم يكتشف ان سورية بحاجة للإصلاح إلا بعد أربعون عاما، وما يزيد على ألفي شهيد، وما يزيد على إثني عشر معتقلا، معظمهم لا يعرف شيئا عن أماكن اعتقالهم، وما يزيد على ستة عشر ألف مشوه؟

وهل صحيحا أن هؤلاء الثمانون ذاهبون لدعم نظام صرح أحد أساطينه أنه إذا حدث ما يزعزع النظام السوري، فإن أمن إسرائيل سيتعرض للخطر؟

وهل يريد هؤلاء الثمانون بقاء البعث يحكم سورية بنفس العصا الغليظة التي قمعت الشعب السوري منذ عام 1970، عام استيلاء عائلة الأسد على مقدرات سورية وعلى حزب البعث أيضا؟

ثم ما وزن هذا الفريق الذي يسعى لإسناد نظام يرفضه شعبه ويموت من أجل إزالته؟

وما غرض هذا الفريق المشبوه؟ وما دوافعه الحقيقية أيضا؟

ألا يدري أعضاء هذا الفريق أن سورية الآن في موقع صدام حسين في الفترة التي عاشها العراق من 1991-2003؟ أي أن سورية ونظام الأسد، وسرب غربان البعث الذي ما زال يحمل راية مزقها الزمن وشهد العارفون في سورية على جمودها الفكري والعملي وبؤس مراميها وممارساتها؟ ألا يرون أن النظام في سورية بلا أصدقاء؟ هل من يقود بلاده إلى هذا الوضع سياسي ودبلوماسي، أم مارق قاتل يقود زمرة منتفعة لا ترى إلا مصالحها الضيقة دون مصالح الأمة السورية؟

يذكرني هؤلاء الثمانون بعثيا بالشيوعيين العرب حين كانوا يهرعون إلى الاتحاد السوفييتي لدعمه أمام حركة "الشيوعية الأوروبية" التي كان يتهمها الحزب الشيوعي الروسي بأنها صنيعة الأمبريالية والراسمالية؟ أي أن المشهد يمكن رسمه كالتالي: بائساً يحاول إنقاذ مترنحا خائرا.

أقول أنه يحق للحكومة الأردنية إلقاء القبض على هذا النفر الذي يستمرءُ دماء إخواننا السوريون. وأن هذا النفر يسيئ للشعب الأردني الذي يدعم الإصلاح في سورية وفي جميع البلدان العربية، ويطالب بالإصلاح في الأردن كذلك. أما أن يدعى هؤلاء أنهم يعبرون عن وقوف الشعب الأردني مع شقيقه الشعب السوري، فهذا شرف لا يستحقونه، ويقفون موقف من يضع السيف موضع الندى، ولا يحق لهم التكلم باسم الشعب الأردني مطلقا. الشعب الأردني ما زال يذكر دما أحبة له في حماة الباسلة سحقوا عام 1982 بدبابات كان أجدر بها أن تكون على حدود الجولان. الشعب الأردني يتفطر غيظا لما يجر الآن في سورية، ويسعى لمد يد العون للمظلومين الذين يقمعهم النظام البربري الفاسد.

لا تدعو تمثيلنا، ولا تقولوا شيئا باسمنا نحن الشعب الأردني، نحن الشعب الأردني نقول نعم للإصلاح، نعم للمستقبل، نعم للشراكة في الحكم، نعم للديموقراطية، نعم للحرية، نعم للمساواة، نعم لاحترام حقوق الإنسان التي حرم منها الشقيق السوري منذ بداية الجمهورية الوراثية الأولى، وفي عهد الجمهورية الوراثية الثانية.

سورية لا تتعرض لمؤامرة أبدا، سورية تتعرض إلى موجة شعبية ستزيل صدأ نظام قمعي قهر الشعب النبيل خلال الحرب الباردة، ودخل بهذا الشعب مكبلا إلى القرن الحادي والعشرين. ليس هناك مؤامرة، لكن الاستبداد، والظلم، والقهر، والقتل، والسجون، والحرمان يؤديان إلى المصير الذي سينتهي إليه النظام المجرم.

الشعب السوري أنبه من أن تقوده فلول متآمرة من الخارج. لكن ليس أمام نظام الأسد من مسوغ لسفك الدماء إلا الادعاء بمؤامرة من الخارج. وأرجو أن يكن الثمانون "أردنيا" على علم بحقيقة أن المؤامرات لا تحرك شعوبا، بل تحرك فئات رخيصة يمكن استئجارها وتوجيهها للاغتيال والوصول للحكم بسند أجنبي. فالمؤامرة هي التي جاءت ببشار الأسد، وليست المؤامرة هي التي ستطيح به. الشعب السوري يريد بناء غدٍ مشرق يختلف عن ماضيه البائس في ظل حكم متغطرس طال أمده، مستقبل وطن مختلف كل شيء فيه عن وضعه الحالي المتكلس في ظل وريث يخجل أن يقول هذا زعيمي، ولا يقبل أي وطن أن يحكمه وريث لطاغوت مضى.

بعد كل هذا، أرجو أن يصل الإخوة الثمانون إلى قناعة مفادها أن موقعهم السليم والصحيح هو مع دعم الشعب السوري المظلوم، المطالب بحريته وحقوقه المشروعة.

الشعب السوري، بعربه، وكرده، وأرمنييه، وشيعته وسنته ومسيحييه، وجميع مكوناته، أضرم نارا تتقد تحت أقدام هؤلاء المجرمين القتلة، "قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود". صدق الله العظيم.

ibnurushd9@gmail.com



تعليقات القراء

رائع يا ابن رشد
اتممت .. و صح لسانك يا ابن رشد
هؤلاء الثمانون.. كانوا و مازالوا من المستفيدين من مكارم حزب البعث الدموي من جامعات و رواتب و مخصصات

سيسقطون كما سيسقط سادتهم الطغاة
02-08-2011 04:45 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات