هل تُفــتــتــح ســنــة 2009 بمــثــل مــا أقـفلــت 2008؟



كلام نصر الله عزّز التساؤلات عن "سر" ظهور صواريخ الناقورة
هل تُفــتــتــح ســنــة 2009 بمــثــل مــا أقـفلــت 2008؟



هل تُفتتح السنة الجديدة منتصف هذه الليلة، كما ستقفل سابقتها في غزة ملطخة بالدماء تحت انظار العالم وعلى مسافة قريبة نسبياً، في الجغرافياً او الوقت، من عواصم كثيرة عربية واقليمية واسلامية ودولية؟

هذه الحرب التي تدور رحاها في غزة ويشنها الجيش الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ستنتهي، وإن تكن مفتوحة وتبدو أقرب الى حرب إبادة منها الى عملية عسكرية محدودة الأهداف، ومحصورة بالقضاء على حركة "حماس".
هذه الحرب ستنتهي ويجب ان يكون ذلك في أسرع وقت، لأن كل دقيقة لاستمرارها، تزيد عدد الضحايا وشهداء القتل الجماعي. ستنتهي وستصبح من الماضي وتوضع في الارشيف الفلسطيني الحافل منذ ستين عاماً بشلالات الدم وقتل المدنيين الابرياء نساءً وشيوخاً واطفالاً، وبالصمود والهجرات المستمرة، الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً!

إنها احدى جرائم الحرب الموصوفة، يرتكبها الجيش الاسرائيلي في عدوان وحشي بأحدث انواع الاسلحة الفتاكة، اسلحة الدمار الشامل... ولا يخجل مرتكبوها من إعلان استمرارها على الملأ، وبوقاحة لم يسجل مثلها التاريخ، بإبلاغ العالم أنها مفتوحة وغير محددة بسقف زمني، ولذلك، من غير المبالغة وصفها بحرب الإبادة، واستناداً الى مواقف لمسؤولين اسرائيليين، لم يكن اولها ما كتبه قبل سنوات قليلة بنيامين نتنياهو محذراً من تفوق الفلسطينيين عدداً على المدى البعيد في السنوات المقبلة، ولاسيما منهم "فلسطينيو 1948" او من يعرفون بـ"العرب الاسرائيليين" من حاملي الهوية ووثائق السفر الاسرائيلية، ولم يكن آخرها ما اعلنته قبل عشرة أيام وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني وهي احدى خريجات "الموساد" وصاحبة الباع الطولى في عمليات اغتيال قادة فلسطين من خلال انتحالها صفة عاملة غرف في فنادق اوروبا، والتجسس على ضحاياها ورصد تحركاتهم، هي نفسها أدلت بتصريح لافت تحدثت فيه عن استحالة قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، داعية الى ترحيل الفلسطينيين، في مشروع "ترانسفير" جديد. ولم يكن في "التوضيح" الذي استتبعت به تصريحها، ما ينفي هذا التوجه الاسرائيلي على المدى البعيد.

وأما الكلام العاطفي والمواقف الموسمية، عربية واقليمية ودولية، فلا تأثير لها ولا تقدم ولا تؤخّر، ولا توقف العدوان الاسرائيلي المستمر. ولعل أصدق المواقف، هي تلك التي تعبّر عنها الجماهير وبشكل تلقائي وعفوي في العواصم العربية وبعض بلدان العالم. واسوأها تلك التي تركز فقط على الخلاف بين حكومة "حماس" المقالة، وحكومة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، او تلك التي تنحصر بإلقاء اللوم على الانظمة العربية، وتتجاهل أساس المشكلة التي تعبر عنها الآلة العسكرية الاسرائيلية قتلاً وتدميراً.

ومع التأكيد أن الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني بين "فتح" و"حماس" كارثي، وان الانظمة العربية تتحمل مسؤولية مباشرة في عدم اتخاذ موقف موحد يشكل ضغطاً على الدول الكبرى وأولاها الولايات المتحدة الاميركية، لتضغط بدورها على الحكومة الاسرائيلية لاتخاذ قرار بوقف العدوان العسكري على الشعب الفلسطيني، فإن الإشارة الى مكامن الضعف والخلل تلك، يجب ألا يتناسى اصحابها، من حيث يدرون او لا يدرون، أساس المشكلة، وهو الاحتلال الاسرائيلي والحرب المستمرة تاريخياً، وآخر محطاتها في غزة، فتتحول ردود الفعل على العدوان الاسرائيلي الجديد، مشكلة عربية جديدة وحملات تخوين تضاف الى المشكلات المتراكمة تاريخياً ايضاً، وقلائل هم اولئك الذين لهم الحق في ان يحاضروا في العفة والصمود...

وكما على الصعيد العربي والاقليمي والدولي، كذلك على الصعيد اللبناني، ثمة مواقف تبدو أقرب الى الجدل البيزنطي، مع الإشارة الى "تقاطع" ايجابي لافت في المواقف التي تبدو في الجوهر متقاربة، بل واحدة، اقله في التنديد بالحرب الاسرائيلية والدعوة الى وقفها. ولم يكن مستغرباً ان يرسم بعضهم علامات استفهام حول توقيت "ظهور" الصواريخ المجهولة المصدر والهوية التي نصبت على تخوم الحدود في الناقورة، تزامناً مع بداية العدوان الاسرائيلي على غزة. ويفترض ان تستتبع الاشارة اللافتة اليها من الأمين العام الى لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، والتي وضع فيها الصواريخ الثمانية في اطار مشبوه، بجهد جدي من الجهاز الأمني للمقاومة، وبمساعدة الجيش والقوة الدولية على معرفة مصدر الصواريخ المشبوهة وهويتها. وبديهي القول ان المقاوم الحقيقي، لا يخجل بما يفعله، ولا ينصب صواريخ للاستعراض والتصوير ولأهداف "غامضة" ويهرب!

ومع تكرار عمليات "الظهور" تلك موسمياً، تزداد صعوبة اقناع الناس باستمرار تجهيل الفاعلين ومن وراءهم، والعجز عن معرفتهم. فهم حملوا صواريخ لا منشورات سرية خبأوها تحت ثيابهم. والمعنيون، على اختلافهم لهم "سوابق" مشجعة في اكتشاف ما هو أكبر من نصب صواريخ مجهولة الهوية والمصدر...

وأما المواقف ذات الطابع "العنتري" ولاسيما تلك التي تصدر عن قادة "تاريخيين" او غير تاريخيين، فكان من الأفضل بالتأكيد، لو استعيض عنها بتحريك الجيوش والأساطيل، لا بالتنكيت وشتم سائر "النظراء" في محاولة من اصحابها، للايحاء انهم خارج دائرة المسؤولية.

واضعف الايمان، قمة عربية عاجلة بعيداً من تبادل الاتهامات وحملات التخوين، تبحث في انجع السبل لوقف الحرب الاسرائيلية بأسرع وقت ووضع حد لإراقة الدماء وقتل الأبرياء، رحمة بالأطفال على الأقل، وخجلاً من صورهم يتساقطون كالعصافير!

وفي اليوم الأخير من السنة الملطّخة بدماء الاطفال ضحايا الحرب الاسرائيلية، يبقى كل كلام آخر على "عناوين كبرى"، محلية أم عربية أم أقليمية أم دولية، سخيفاً وفي غير محله!

سمير منصور     
samir.mansour@annahar.com.lb     



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات