جراسا -

بعد الاعلان رسميا لاستقلال جنوب السودان، الذي اعلنه مساء امس جيمس واني ايغا امام العشرات من رؤساء الدول والشخصيات الجنوبية البارزة، بقوله "نحن ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطيا وبناء على ارادة شعب جنوب السودان واستنادا الى نتيجة استفتاء تقرير المصير، نعلن جنوب السودان امة مستقلة ذات سيادة"، أحيا الجنوبيون احتفالات كرنفالية نهار اليوم بالمناسبة .

وفي مشهد تاريخي تابعه السودانيون جنوبا وشمالا بإهتمام بالغ ومشاعر مزدوجة ومتناقضة اعلن اليوم مولد جمهورية جنوب السودان بحضور مشهود لثلاثين زعيم افريقي والامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الامريكي بان كي مون وسط مشاعر غامرة من الفرح والاجواء الاحتفالية التي عمت العاصمة جوبا وبقية مدن الجنوب بينما تابعت الخرطوم هذا الحدث الكبير ميلاد دولة بمشاعر سادها الحزن والاحباط والتجهم في الغالب واحيانا بعدم المبالاة.

اللحظة الرمزية

تولى جنديان من الحركة الشعبية لتحرير السودان انزال علم السودان ورفع علم جمهورية جنوب السودان في نفس اللحظة في منتصف مراسم الاحتفال في جوبا بعد عزف النشيد الوطني السوداني لاخر مرة، وكانت لحظة مفعة بالمشاعر لحضور الحفل ومتابعيه على شاشات التلفزيون.

 

حضر صندوق معد بعناية لتسليم العلم فيه بعد طيه باحترام غير ان الرئيس البشير ومرافقيه من كبار المسئولين لم يغادروا المنصة لتسلم العلم وتسلمه احد حراس الرئيس وموظف في البروتوكول واعلن فيما بعد ان الرئيس الجنوبي سيلفا كير ميارديت قرر الاحتفاظ بالعلم تقديرا للتاريخ الطويل المشترك بين البلدين معفيا الرئيس البشير من حرج العودة للخرطوم بالعلم الوطني.

 

غفران لا نسيان

 

ادى سلفاكير القسم كرئيس للجمهورية امام رئيس القضاء في الجنوب بعد أن تلا رئيس البرلمان الاعلان الدستوري الذي اصدره البرلمان بمولد الدولة الجديدة.

 

اختتم الرئيس سيلفا كير الحفل بكلمة هنأ فيها مواطنيه بالاستقلال وشكر المجتمع الدولي على الدعم الذي قدمه لبلاده. وشدد في كلمتة على ضرورة مكافحة الفساد الذي استشرى خلال السنوات الست الماضية في ادارة جنوب السودان وقال ان المسئولين الحكوميين الذي يقدمون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة لن يكون لهم موقع في حكومته الجديدة.

 

واستعاد مرارات التاريخ المثقل مع الشمال منذ تجارة الرقيق حتى الحرب الاهلية وقال انها ستغفر كلها لكنها لا يمكن ان تنسى. واكد ان بلاده ستفتح صفحة جديدة من التعاون الجدي مع جارتها الشمالية وان القضايا العالقة التي لم تحسم يمكن تحل بالتفاوض. واكد بوضوح ان جمهورية جنوب السودان لن تتخلى عن حلفائها القدامى في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق وانه سيعمل مع الرئيس البشير لاحلال السلام العادل في كل السودان. واعلن سيلفاكير عن عفو شامل لكل من حمل السلاح ضد حكومته لأى سبب ودعا الذين فعلوا للمشاركة في بناء البلاد.

 

استقبل الجنوبيون مشاركة الرئيس البشير بتقدير واضح خاصة بعد اعلان حكومة الشمال اعترافها باستقلال الجنوب امس. تمنى البشير التوفيق للجنوبيين بلهجة متصالحة ووعد بتقديم كل عون ممكن لدولة الجنوب واعرب عن امله في ان يضع استقلال الجنوب نهاية لعدم الثقة بين الطرفين وقال أن نجاح دولة الجنوب نجاخ لدولته.

 

تحت الشمس

 

تأخر بدء الحفل لاكثر من ساعة ونصف بقى المواطنون الجنوبيون ومئات الضيوف الاجانب تحت شمس جوبا الحارقة في منصة لم يكتمل تظليها مما دعا الرئيس سيلفاكير للاعتذار للضيوف وتخللت الترتيبات ارتباك وخلل واضحين فيما تولى تأمين الموقع والمدينة عشرات الالاف من رجال الجيش والشرطة لكن اليوم مر بسلام ولم تشهد المدينة اية حوادث امنية.

 

غطى الاحتفال جيش من الصحفيين الاجانب بلغ عدة مئات لكن اجهزة الاعلام العربية كانت اقل اهتماما بالحدث مقارنة باهتمامها بالإستفاء على الانفصال في يناير الماضي، واكتفت معظمها بالاعتماد على مراسليها السودانيين.

 

خلت المدينة بكاملها من الحركة طوال اليوم واغلقت الحانات والمقاهي والمطاعم باوامر مشددة من السلطات الامنية. وتوصلت الاحتفالات مساء بعرض العاب نارية نفذها الجيش وعروض بعض فرق الرقص الشعبي المظاهرات العفوية في الشوارع.

 

وصل رئيس جنوب افريقيا الي موقع الاحتفال تتقدمه اربعة حاملات جنود مدججين بالاسلحة والقذائف الصاروخية حتى اسنانهم مما اثار اهتمام الحضور وربما استغرابهم.

 

مؤتمر دولي للسودان

 

اقترح رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي الذي شارك في احتفال الاستقلال بصحبة وفد حزبي كبير، في مؤتمر صحفي امس عقد مؤتمر دولي مشابه لمؤتمر جمهورية يوغسلافيا السابقة لحل القضايا العالقة بين البلدين جملة واحدة لتفادي العودة للحرب.

 

احتفلت مجموعة منبر السلام العادل الذي يتزعمه الطيب مصطفى احد اقرباء الرئيس البشير في الخرطوم بانفصال الجنوب اعتبرت أن الشمال قد تخلص من عبء ثقيل وهي الجماعة السياسية الوحيدة الشمالية الوحيدة التي كانت تطالب علنا بفصل الجنوب حتى من طرف واحد. وكان الطيب مصطفى قد ناشد الرئيس بعدم الذهاب الي جوبا للمشاركة في احتفالات استقلال الجنوب.

من جوبا محمد عبد الحميد عبد الرحمن/ اذاعة هولندا العالمية