في ذكرى الإسراء والمعراج


تحررت القدس من الرجس الصليبي في يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 583 هـ , لكن الوقت لم يكن كافيا ليقيم المسلمون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك , فانتظر القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي إلى الجمعة التالية , وتطلع العلماء حينها لنيل شرف إلقاء الخطبة الأولى في المسجد الأقصى بعد تحريره , فاختار صلاح الدين لهذه المهمة عالما شابا كان \" يعزه ويحترمه \" - - كما قال الذهبي – هو القاضي ابن الزكيّ .
وابن الزكيّ – صاحب هذه الخطبة – هو القاضي أبو المعالي محي الدين محمد بن علي الدمشقي الفقيه الشافعي , يرتفع نسبه إلى الصحابي الشهيد عثمان ابن عفان - رضي الله عنه – ولد بدمشق سنة 550 هـ وتوفي بها سنة 598 هـ .
ولّاه صلاح الدين قضاء حلب سنة 579هـ وقضاء دمشق في سنة 588 هـ وتوفي بها سنة 598هـ .
كان ابن الزكيّ أحد الرجال الكبار في الجيل الذي حرر القدس مع صلاح الدين وكان له موقف طريف قبل الفتح بثلاث سنوات وبضعة أشهر , فعقب دخول صلاح الدين مدينة حلب في صفر سنة 579 هـ انشده ابن الزّكيّ قصيدة منها قوله :
وفتحك القلعة الشهباء في صفر مُبشّر بفتوح القدس في رجب
وفي رجب سنة 583 هـ تحققت بشرى ابن الزكيّ , وحين سئل عن بشارته , قال أخذتها من تفسير ابن برّجان في قوله تعالى [ الم غلبت الروم في ادني الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ]
فقد جاء في تفسير أبي الحكم الأندلسي \" ابن برّجان \" لأول سورة الروم أخبار عن فتح بيت المقدس وانه يُنزَعُ من أيدي النصارى الصليبين سنة 583 هـ .
ومما جاء في هذه الخطبة :
مقدمة نضحت بالحمد ثم قال : [ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ]
أيها الناس , ابشروا برضوان الله الذي هو الغاية القصوى والدرجة العليا ’ لما يسّرَه الله على أيديكم من استرداد الضالة من الأمة الضالة , وردها إلى مقرها من الإسلام , بعد ابتذالها في أيدي المشركين قريبا من مئة عام وتطهير هذا البيت الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه , وإماطة الشرك عن طرقه , بعد أن امتد عليها رواقه , واستقر فيه رسمه , ورفع قواعده بالتوحيد فانه بنى عليه , وشيد بنيانه بالتمجيد , فانه أسس على التقوى من خلفه ومن بين يديه .
فهو موطن أبيكم إبراهيم , ومعراج نبيكم محمد – عليه الصلاة والسلام – وقبلتكم التي كنتم تصلون إليها في ابتداء الإسلام , وهو مقر الأنبياء ,ومقصد الأولياء , ومدفن الرسل , ومهبط الوحي , وهو ارض المحشر وصعيد المنشر , وهو في الأرض المقدسة التي ذكرها الله في كتابه المبين , وهو المسجد الذي صلى فيه الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالملائكة المقربين وهو البلد الذي بعث الله إليه عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروحه عيسى إلذي كرّمه برسالته وشرّفه بنبوته ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته فقال الله تعالى : [ لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ]
وهو أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه .
فلولا أنكم ممن اختاره الله من عباده واصطفاه من سكان بلاده لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار ولا يباريكم في شرفها مبار فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية والوقعات البدرية والعزمات الصديقيّة والفتوحات العمرية والجيوش العثمانية والفتكات العلوية فجزاكم الله عن نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم أفضل الجزاء .
فاحفظوا – رحمكم الله – هذه الموهبة فيكم واحرسوا هذه النعمة عندكم بتقوى الله التي من تمسك بها سلم ومن اعتصم بعروتها نجا وعُصم واحذروا من اتباع الهوى ومواقعة الردى وجاهدوا في الله حق جهاده .
فهو أفضل عباداتكم واشرف عاداتكم انصروا الله ينصركم احفظوا الله يحفظكم اذكروا الله يذكركم اشكروا الله يزدكم وبشكركم .
أعاننا الله وإياكم على اتباع أوامره وأيدنا بنصر من عنده [ إن ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ] انتهى .
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العلى أن ترد الأقصى إلينا اللهم فك قيد الأقصى يارب العالمين اللهم ارزقنا فيه صلاة مطمئنة قبل الممات يارب العالمين .




Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

حطااام امرأه
بارك الله فيك ااامين يااارب
02-07-2011 02:23 AM
جطااام رجل
هكذا هم الرجال وهكذا تكون الجيوش لتحرير الارض والحفاظ على العرض لا لقمع الشعوب وقتلها
02-07-2011 01:59 PM
عدي الزعبي - السعوديه
الله امين يا رب العالمين
04-07-2011 02:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات