محمد عشا .. حمداً لله على البراءة


اتصل بي قبل يومين أحد الزملاء العاملين في الحقل الإعلامي من لندن ، وتطرق الحديث إلى الطبيب الأردني محمد عشا ، فقال إن إدانته المسبقة قد تصدرت الأخبار في الساحة البريطانية ، بينما مرّ خبر براءته من دون اهتمام من أحد ، وتلك هي لعبة الإعلام المتحيز ضد المسلمين في كثير من الأحيان ، من دون وضع الإعلام الغربي كله في سلة واحدة.

ذات مرة تابعت خبر اعتقال مجموعة من الشبان الآسيويين على إحدى المحطات البريطانية الخاصة ، فظل الخبر "خبراً عاجلاً" طوال يوم كامل ، مع أن الموقف لم يكن يستحق ، وأظن أن الشبان المذكورين قد حصلوا ، أو سيحصلون على البراءة كما وقع لكثيرين سواهم.

أياً يكن الأمر ، فنحن فرحون أيما فرح ببراءة طبيبنا المبدع ، والذي ثبت أنه لم يكن على علم بما خطط له زميله العراقي ، وكل ما هنالك أنه أقرضه مبلغاً صغيراً من المال كما يفعل أي زميل مع زميله ، وقد أكد الرجل أن عشا لم يكن على علم بنواياه ، الأمر الذي تأكد منه القضاء البريطاني الذي يسجل له أنه الأكثر نزاهة في أوروبا كلها كما أثبتت وقائع كثيرة.

لا ينفي ذلك حجم الضرر الذي وقع على الدكتور محمد عشا ، فضلاً عما عانته زوجته عند اعتقالها ، لكنه سيتجاوز ذلك ويعود إلى عمله طبيباً مبدعاً يثير إعجاب من عرفوه كما تقول سيرته الذاتية منذ نعومة أظفاره.

مؤسف بالطبع أن يتورط الطبيب العراقي أو أي شاب مسلم في أعمال من تلك التي تستهدف الأبرياء ، أكان في بريطانيا أم سواها ، فالإسلام لا يقبل مثل هذه الأعمال بصرف النظر عن الدوافع السياسية التي تنطوي عليها.

صحيح أن السياسة تقف وراء هذه الظواهر ، وليس الأفكار كما يروج كثيرون ، لكن المسلم العاقل لا يتورط في ردود أفعال جاهلة تسيء لدينه ، تماماً كما تسيء لقضايا أمته القومية والدينية.

نحن أمة مستهدفة من دون شك ، لكننا في ذات الوقت أمة تعرف كيف تقاوم أعداءها وتأخذ حقها ، وهذه الغزوة ليست الأولى التي تواجهها ، فقد سبقتها غزوات كثيرة ما لبثت أن تكسرت على صخرة الصمود والمقاومة.

في بريطانيا مجتمع متنوع وثقافات متعددة ، والمسلم هناك ، وإن لم يحظ بذات الفرص التي يحظى بها المواطن الأصلي ، إلا أن حجم الحرية التي يتمتع بها تعتبر جيدة إلى حد كبير قياساً بدول أخرى ، كما أن المبدع يفرض نفسه كما فعل صاحبنا ، ولا شك أن وضع المسلمين قد تأثر سلباً بتلك الأعمال الرعناء التي سجلت باسم المسلمين مثل عمليات تموز الشهيرة.

لقد كنا على ثقة بأن الدكتور محمد عشا بريء مما نسب إليه ، فهو بما يملكه من عقل وإبداع لا يمكن أن يتورط في قصص من هذا النوع ، فضلاً عن أن بيئته الدراسية والأسرية لم تكن تدفع صوب اتجاهات من هذا النوع.

الآن تنهض قضية إبعاده من بريطانيا ، وهي التي بدت مستغربة في ضوء نتائج التحقيقات ، ما يدفعنا إلى المطالبة بإلغاء القرار ، والسماح له بإكمال دراسته وتخصصه ، وهو بالتأكيد سيكون خلال المرحلة الجديدة أكثر حذراً في حركته وتعاملاته كي لا يقع أسير علاقات مع أناس يملكون القابلية للتفكير في أعمال بائسة كالتي ثبتت على زميله ، وإن لم يكن له ذنب فيها من قريب أو بعيد.

مبروك على محمد البراءة ، وندعو الله أن ييسر أموره كي يواصل مسيرته العلمية في خدمة بلده ودينه وأمته من خلال تخصصه المهم في الدماغ والأعصاب ، هو الذي يشهد له من تابعوا عمله بأنه متميز وينتظره مستقبل كبير وواعد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات